عبودية عشاق المناصب

mainThumb

11-12-2020 03:46 PM

يظل المتطلّع للمنصب يبحث عنه في أروقة الحكومات، وفي أصوات الناخبين، ويغامر أحيانا بماء وجهه وكرامته، ويبذل له صاحبه وأخيه وفصيلته التي تؤويه، ويبقى ينصب له الشباك حتى يقع هو فيها!!..
 
تراهُ مزهوا بمركزه، برتبته، بالحراس والسيارات، بالحفاوة والتعظيم، ومع كل ذلك ترى وجهه مكفهراً، غائرة عيناه، وجهٌ غير منسجم مع زينته وهندامه،  يشيع في ثناياه همٌ يحيله أسود، رغم كشرة المنصب البادية عليه، وتكلف اخفاء المشاعر، فلا يظهر على محياه حزن ولا فرح ولا ضحك ولا انبساط، فكأنك تحدق في وجه مومياء متحركة انطمست على محياها المشاعر والانفعالات..
إذا تكلم مع الناس ترى تعابيره القلقة في تشنج عظلات الوجه وتعمص العينين.
 
إذا مشى ترى الذل في مشيته حتى لو  بالغ في الانتصاب، كأنه سجن يمشي على الأرض، يملؤه الخوف.. يخاف أن يغتال من فوقه، والناس حولة آمنون. 
 
عليه سحابة من كآبة تظلله أينما توجّه فهو في سواد دائم، وإن رآه المرجفون ممن يتمنون مكانه أنه ذو حظ عظيم..
 
ما أبعد هذه الحال عن حال الانسان الحرُّ ، فهو يسبح في فضاء الحرية ويرفل في نعيم الأمان وإن كان بين جدران سجن أو في غياهب زنزانة، أو يرسف في قيده، فهو يحمل كل معاني التحرر في قلبه.. وفي عقله مساحات شاسعة يتنزه فيها ولا يستطيع السجن أن يحتويها أو يحدها..  راض عن نفسه، منسجم معها..
 
داخله كخارجه، لا يتنافران كبعض الموميات الحكومية، لا يقلقه فزع التعديل الوزاري، ولا الإحالات ولا حل المجالس، ولا التنقلات بين الفئات العليا ولا الانتخابات التي ترفع أشخاصاً وتقصي آخرين..
الحر لا يكبر في عينه أحلاس المناصب ويصغر الحق، بل يكبر الحق وتصغر المناصب إن لم تكن قائمة على الحق..
 
هذان الحالان يشيعان في مجتمعاتنا، والبهرجة الآن للحال الأولى، ولن نستطيع النهوض الا إذا وصلنا الى الوعي، وانتبهنا لأنفسنا ولم نغتر بالمناصب والبهرجات الحكومية التي تخطف انظار الكثير من الفئة الاولى التي شاعت في المجتمع، بسبب الأنانية والفردية وغياب روح الجماعة وعدم الانشغال بالهم العام من فئات المجتمع التي من الواجب أن تنشغل به وتحاول الحفاظ على الوطن.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد