أكبر هجوم إلكتروني تتعرض له أمريكا، وبوتين في دائرة الاتهام

mainThumb

21-12-2020 12:32 PM

أكبر هجمة إلكترونية تتعرض لها الولايات المتحدة الأمريكية فيما يرى خبراء بأن تقييم النتائج الواقعية على الأرض، قد تتجاوز العام نظرا لِما احدثته من أضرار جسيمة على نظم المعلومات وبياناتها السرية المُخْتَرَقة، في أهم أجهزة الدولة السيادية. 
 
فمنذ يوم الأحد 13 ديسمبر، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تعرضها لهجوم إلكتروني، وصفته بـ"الكبير والمستمر"، استهدف عدداً من الجهات الحساسة والمهمة في الدولة، فيما بدا أنها عملية كبيرة مخطط لها بعناية، وتمت على مستوى عالٍ من الدقة والحرفية.. وأحدثت زعزعة طالت كل الدوائر من قمة الهرم حتى القاعدة.. حيث ساد هرجٌ ومرجٌ حولَ حجم الاختراق ونطاق تأثيره وكمية البيانات التي تم تسريبها، وماهية العدو المجهول الذي ظل إلى الآن خاضعاً للتكهنات.
 
تشير المعلومات التي تتكشف يوماً بعد يوم، إلى أن نطاق الاختراق كان كبيراً جداً، حيث يبدو أنه يتجاوز المعامل النووية وأنظمة البنتاغون ووزارتي الخزانة والتجارة الأمريكيتين، والهيئات الحكومية الأخرى وذكرت وزارة الطاقة، أول أمس الجمعة، أنها تأثرت بتلك الهجمات الإلكترونية. وشملت الأضرار بعض الشركات الأمريكية الكبرى مثل أمازون.. وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيد التحدي أمام المحققين الفيدراليين وهم يحاولون تقييم الضرر وفهم ما تمت سرقته، حيث يتلمس الجميع صعوبة في التحري المباشر والتقصي البياني في عمق الأزمة.
 
وتكمن الخطورة في أن ظهر الولايات المتحدة الأمريكية بات مكشوفاً لعدو غامض مقتدر، وقد تقاطعت أجندات من يناصبون أمريكا العداء، في هذه الأزمة؛ ورغم ذلك يتهم وزيرُ خارجية امريكا مارك بومبيو، روسيا، فيما يشير ترامب من جهته، بأصابع الاتهام إلى الصين.. وقد استبعدا مع الإعلام الأمريكي خصوماً اخرين مثل إيران التي ما زالت تلوّح بالرد النوعي على اغتيال رئيس برنامجها النووي بداية الشهر الجاري.. أو احتمال أن تكون هناك منظمة قرصنة دولية، وجهت تلك الضربة الإلكترونية الموجعة والتي أحدثت فجوة أمنية كبيرة في الخاصرة الأمريكية، وتسببت بسرقة بيانات ووثائق رسمية وأمنية وعلمية غاية في السرية منها ما يتعلق بالاختراعات في مجالات التكنلوجيا واللقاحات وغيرها؛ لبيعها لاحقا للشركات الصينية والروسية مستقبلاً.. وليس بالضرورة ان روسيا هي الضالعة في هذا الهجوم؛ حيث أن عملية الاختراق اتخذت طابعاً دولياً، فهاجم القراصنة بكثافةٍ لافتةٍ أجهزةَ دولٍ مثل كندا وبريطانيا والكيان الإسرائيلي وبلجيكا.
 
لكن الاتهامات الرسمية الأمريكية المتناقضة، ما زالت تدور في فلكي الصراع الروسي الأمريكي من جهة، والصيني الأمريكي من جهة ثانية. 
 
أما النسبة للصراع مع الدب الروسي، فقد شهد عدة اختراقات إلكترونية متبادلة، كونه صراعاً قديماً إذ اتخذ اشكالاً متعددة في كافة الأصعدة، ويلامس القطاعات العسكرية والأمنية، والمالية، والتجارة والتكنولوجيا الرقمية والاتصالات.. واتخذ هذا الصراع الوجودي ولو شكلياً طابع سياسة عض الأصابع، فعلى المهزوم أن يتراجع.
 
وقد تصدر المشهد في هذا الجانب، وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو.. فمن بوسعه قراءة عقلية رجل المخابرات الروسية السابق، فلادمير بوتين غير من هو على شاكلته! وأعني هنا المدير الأسبق لل"سي. اي ايه"، مارك بومبيو، كونه القادر على تتبع مصادر الأخطار المحدقة ببلاده، بعيداُ عن البراغماتية السياسية التي تهادن أحياناً، ومزالقها غير المحسوبة في كثير من الأحيان، وليس من السهل ان تنطلي عليه ما يقول أنها أكاذيب روسية عندنا تنفي موسكو تورطها في هذا الهجوم الإلكتروني النوعي والمدروس بعناية والذي ما كان سينجح دون وقوف دولة كبرى من ورائه، حيث استهدف الهجوم الماحق المؤسساتِ الحيوية الامريكية؛ بغية إحداث الفوضى التي من شأنها أن تصعب على الرئيس الأمريكي الفائز جو بايدن التعامل مع الملفات في السياسة الخارجة وخاصة العلاقة مع روسيا؛ بدلالة ما قامت به المخابرات الروسية قبل أربع سنوات حينما اتهمت بالتدخل في الاتخابات الأمريكية لصالح ترامب.. وقال بومبيو في سياق ذلك: "يمكننا أن نقول بوضوح تام أن الروس هم من شاركوا في هذا النشاط".
 
وأضاف، في تصريحات أول أمس، الجمعة، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يظل خطرا حقيقيا".
 
ولم يقدم وزير الخارجية الأمريكي أية تفاصيل تعزز مزاعمه حول ضلوع روسيا في أنشطة التجسس والقرصنة الإلكترونية.
 
وخلافاً لذلك، وبعد فترة صمت أججت الأسئلة وأثارت الشكوك من حوله، كتب ترامب كعادته على موقع "تويتر" في أول تعليق علني له حول الاختراق: "تم إعلامي بشكل كامل وكل شيء تحت السيطرة"، مضيفًا: "روسيا روسيا روسيا هذه أول لازمة تتردد عند حصول أي شيء"، مشيرًا إلى أن الصين "قد" تكون متورطة أيضًا.
 
وليس خافياً على أحد سر هذا التقاعس من قبل ترامب إزاء ما يتهم به الروس فجاء نعليقه وكأنه غير معني بالأزمة التي أحدثها أخطر هجوم إلكتروني تتعرض له مرافق البلاد الحساسة، فقد تصرف من باب كونه رجل أعمال مقامر مراعياً مصالحه الشخصية، محاولاً إبعاد بوصلة الاتهام عن صديقه بوتين، على اعتبار أن روسيا هي صاحبة الفضل في إيصاله الى كرسي الرئاسة في البيت الابيض.. عندما .تعاونت المخابرات الروسية واتصلت بمدير حملته وسربت إليه البريد الالكتروني للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون فكانت سبباً غير مباشر بهزيمتها المدوية، في انتخابات عام 2016 ناهيك عمّا قيل بأن ترامب يمتلك استثمارات عقارية في روسيا .. وكان عليه ضرب عصفورين بحجر واحد، وذلك بتوجيه الاتهامات إلى خصمه اللدود، الصين، وقد استهدفها بتهمتي جائحة كورونا، واليوم يلمح إلى وقوفها وراء الهجمات الإلكترونية الأخيرة.. بالإضافة إلى إرباك خصمه، جو بايدن الذي يسعى لمعالجة الأزمات الخارجية وفق سياسته المغايرة عمّا كانت عليه في عهد ترامب؛ حتى يستلم أرضاً محروقة مليئة بالأزمات.
 
من هنا يتساءل البعض فيما لو كان ترامب نفسه على علم بخفايا هذا الهجوم لكنه تغافل عنه من باب المناورة؛ بغية إغراق جو بايدن بالأزمات المتفاقمة، لتبديد طاقة جهازه القيادي. ولو جاء ذلك على حساب مصالح بلاده التي يتعامل معها كأنها مجموعة عقارات برسم التجارة الحرة! ربما! هذا ما يقوله كثيرون من باب العصف الذهني في عالم يتقبل كل التكهنات حتى لو كانت خارج المألوف.
21 نوفمبر 2020


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد