في المنفى

mainThumb

24-12-2020 01:42 PM

لأن وظيفته محترمة وراتبها مجز تماماً وثانًيا خوفاً من كلام الناس إذ كان يخشى أن يتناقل عنه الناس فيما بينهم بأنه جبان ورعديد ولم يصبر على الغربة  حين حطّ رحاله في ذلك البلد لأول مرّة نصحه من سبقه في الإقامة هناك بأن لا يعترض على شيء ، وحذّروه من أن يجابه أحدا أو أن يصطدم بأحد وقالوا له فيما قالوا أمّن على السيارة ، أمّن على المنزل ، أمّن على أولادك ، أمّن على زوجتك وإذا دهمك لص فساعده على نقل ما يريد إلى حيث المكان الذي يريد..أحسّ بالرعب ، ولكنّ أمورا عديدة جعلته يبقى هناك أوّلا لأن وظيفته محترمة ، وراتبها مجز تماما ،   تظاهر أمامهم بالهدوء وتظاهر بأنه فهم واستوعب كلّ ما قيل وزاد أن شكرهم بلطفه المعهود ودماثة أخلاقه وحين أوصلهم مودّعا إلى الباب وضع يديه على باب المنزل الحديدي وفكّر قائلا كيف يتسنى للص أو لمجموعة لصوص أن يخترقوا هذا الباب الحديدي بمثل هذه السهولة التي يتحدثون بها ..

 
 في صباح اليوم التالي توالى مسلسل الرعب إذ نقلوا إليه وهو جالس إلى مكتبه في الصباح بأن فلانا ممن يعملون معه بالشركة فتح لطارقي الليل شراعة الباب وليس الباب نفسه فكان نصيبه صليىة من رشاش استقرت في دماغه فتوفي على الفور.. 
 
ذات مساء كان على موعد مع اللصوص طرق باب منزله،قبل أن يفتح  الباب ارتسمت أمامه صورة واضحة لما يمكن أن يحدث إذا لم يفتح الباب على مصراعيه ، فتح الباب دخل رجل مسلح .. قال اللص : أريد أن أستعير منك بعض الحاجيات ثم نادى اللص زميله وفي هدوء تام نقلا الحاجيات الثمينة على أقلّ من المهل  .. 
 
قال محدّثي : حبكت معي قلت لهما هناك في الدرج العلوي مئة دولار لست بحاجة إليها أخذها اللصان طبعا وقبل أن يبتعدا استوقفتهما قائلا نسيتما شيئا مهما قال الأول لا أذكر أني نسيت شيئا  قال محدثي له كيف أقنع شركة التأمين حين يرسلون مندوبها بأنكما استعرتما ما بمنزلي من حاجيات  ؟قال ولا زال وجهه عابسا صدقت وضغط على زناد رشاشه فامتلأ الباب الحديدي ثقوبا ولم ينس أن يضغط مرة أخرى على الزناد فأطار القفل من موضعه ومضى وطيلة رحلتنا بالطائرة ونحن في طريقنا للوطن كنا نضحك أنا وزوجتي وتسألني لماذا تخلّيت عن وظيفتي هناك ولماذا تخليت عن امتيازات لم أكن أحلم بها؟ وأردف محدّثي : حين وصلت إلى هذا البلد الطاهر أحسست بأنني أعرف جميع من أقابلهم .. أبتسم لهم ويبتسمون لي أتحدث باللغة التي يتحدثون بها أدين بالدين الذي يدينون به ، لغتهم لغتي ولغتي لغتهم أتحرّك بحرّية أستنشق الهواء بحرّية أيضا وفوق كلّ هذا أنام  باطمئنان .. 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد