الفقراء لدوستويفسكي

mainThumb

01-01-2021 01:14 PM

 لم يبدأ بكتابة الرعب، أو قصص الغموض أو خطوط درامية معقدة بل بدأ بالرومانسية، رومانسية الفقراء إنه دويتسوفسكي. أول رواية له كان عنوانها "الفقراء" من وحل الواقع المعاش في مدينة بطرسبيرغ و رغم انها كتبت قبل قرنين من الزمان إلا أنه ما زال لها ألقها الرائع كرواية واقعية، تغترف من المآسي حد الكوميديا.

 
جاءت الرواية على شكل رسائل متبادلة بين الحبيب الفقير و حبيبته الفقيرة لم يكونا فقراء حد العدم فهو كان موظفا حكوميا و هي كانت خياطة تكسب بعض المال.
 
لقد تعمد دويتسوفيسكي أن ينقل بكوميدية و بصورة بالغة الاضحاك ذروات في الرواية كانت تعبر عن مآسي حقيقية لأبطالها. هذا ربما يعبر عن سخف و بلاهة بعض أبطال القصة و لكن ليست هذه هي القيمة التي أراد الكاتب أن ينقلها للقراء. إنها عبقرية الكاتب في رسم صور متنقلة بين رسائل في خط درامي متقطع.
 
الفقراء يبحثون عن أشياء ليس لها قيمة مادية مثل الشرف و السمعة الطيبة بينما تتنازع الأغنياء أهواء سلبية و إيجابية حسب أشخاصهم و شخصياتهم.
الرسائل بين الحبيب و الحبيبة الفقراء هي كل ما يمتلكه هذان الشخصان بين بعضهما و لبعضهما، حتى أسلوب الرسائل أوحى الكاتب أنه يتقدم ويتطور مع تقدم الحبكة الطويلة و الشخصيات بعيدة عن التسطيح فمن الغريب ما يصدر عنها بين الحين و الآخر من أشياء غير متوقعة.
 
لقد انتظر الكاتب حتى بعد منتصف الرواية لكي يعبر بشكل مباشر عن الفقراء على لسان الشخصية الرئيسة في الرواية.
 
لكن ماذا عنا في الاردن و ماذا عن فقرنا و كيف نقيسه مع ما يرويه المؤلف في هذه الرواية. هناك المتسولون (المعدمون الذين مأواهم الشوارع) و الموظفون و عمال المياومة. هؤلاء يعتبرون فقراء، في النهاية لا بد من مكان للمأوى في بيئة قارسة الطقس. و هناك الثياب الرثة البالية والوسخة التي لا نراها في مجتمعنا سوى من فئة قليلة إما عجزاً و إما إهمالا.
 
إحدى الذروات الدرامية التي عبرت عنها الرواية تتعلق بموظف استعاد شرفه الوظيفي و الثقة العامة به. لم يصور الكاتب هذه الذروة بكوميديا أو بشكل مضحك بل بأسلوب مثير و درامي وحزين. لقد كان مشهدا مؤثرا. 
عبر في هذا المشهد الكاتبُ عن الأمور التافهة التي يهتم بها الفقراء فرغم أن رب الاسرة قد استعاد مبلغا من المال عن طريق المحكمة الا ان ذلك لم يكن بدرجة فرحة الفقير لاستعادة شرفه و سمعته.
 
المجتمع يجمع الكل في بوتقته و يصهرهم في أماكن متقاربه و هم بثقافات و ثروات متنوعة لم أرى شيئا مثل تلك الرواية سوى في الفنادق الشعبية في وسط البلد في عمان و اربد حيث صادف أن بت في بعضها بضع ليال.
هذا ما استطعت نقله في هذه العجالة عن هذه الرواية الرائعة عن الفقراء.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد