قوى منظمة

mainThumb

04-01-2021 12:21 AM

دائما ما تخاف الحكومات والأنظمة من القوى المنظمة التي تتبع تنظيم وتخطيط وهدف محدد، لذلك تجدها بمنتهى السعادة عند رؤية الحراكات والاعتصامات والاحتجاجات العشوائية وغير المنظمة.
وهذا ما يحصل في بلدنا في هذا الوقت، فالحكومات السابقة كانت تسعد بعدم وجود التنظيم والتأطير المناسب الذي ينظم التحركات الشعبية، والتي قضت عليها وبشكل منظم شيئا فشيئا، لتخسر الشعب حراكات وأحزاب منظمة يحتاجها لتوجيهه.
 
لكن اليوم الوضع اختلف كثيرا بعد تجسيد نقابة المعلمين على الأرض لحراك وطني منظم، يتبع خط واضح متزن يقف خلفه الشعب وبنسبة كبيرة حسب اعتقادي، فالنقابة اليوم وان عارضها البعض فكريا او خوفا الا انها جسدت نموذجا حقيقيا للنقابات الحقيقية التي تستطيع اعلاء صوتها وفرضه على الأرض.
 
باعتقادي انه يجب على الحكومة اليوم ان تدرك جيدا ان الوضع لم يعد كالسابق، بعض تظاهرات عشوائية بلا هدف او قيادة، اليوم أصبحت القوى على الأرض اكثر تنظيما، حتى لو اننا لم نصل الى مستوى الأحزاب والحركات الأكثر تنظيما لكن نقابة المعلمين تقوم بدور هام الان.
 
وما يثبت ذلك الخوف الحكومي الكبير من النقابة، اعتقالات بالجملة، ضرب وفض الاحتجاجات بالقوة، اصدار أوامر منع نشر وتغييب واضح وممنهج للإعلام، تفعل الحكومة كل هذا ولا تدرك ان زمن التلفزيون الرسمي والقناة الواحدة ذهب منذ زمن، وان مواقع التواصل الاجتماعي الان تقوم بالدور المطلوب مع حفظ مكانة الاعلام ودوره المهم.
 
ترغب الدولة بالعشوائية لكنها غير مدركة ابدا عواقبها التي ستحصل، فالتفاهم مع عدة اشخاص ليس كالتفاهم مع الاف ومئات الالاف من الأشخاص، العشوائية ليست في صالح الدولة ابدا.
 
الموضوع اليوم أكبر من قضية نقابية بكثير، ما يخيف الحكومة حرفيا وجود قوى نقابية وسياسية وشعبية منظمة على الأرض، قوى لها اهداف واضحة وليست عشوائية وضائعة.
 
اعتقد ان اليوم يشكل فرصة مناسبة وقوية لاستعادة ولو جزء من وطننا ومؤسساتنا الوطنية قبل ان تقع بأكملها في فم الطغمة الفاسدة التي لا تعتبر هذا البلد سوى مزرعة تستفيد منه.
 
الشعب يوما عن يوم يزيد ادراكه ومعرفته بالأمور، اللعب على وتر الأمن والأمان وشيطنة أي حراك وطني واتهامه بالتخريب أساليب لم تعد تجدي نفعا ابدا، بل أصبحت أساليب من الماضي المنتهي، فالشعب الذي كان قبل خمس سنين ليس كالشعب اليوم، أسطوانة الأمن والأمان لم تعد تلقى اذان صاغية تسمعها.
 
وصول الأمر الى هذا المستوى يولد كمية كبيرة من الاحتقان الشعبي وخصوصا من قبل المعلمين ضد الحكومة، وهذا الأمر على المستوى القريب والبعيد لا يحمد عقباه أبدا.
 
المعركة والخلاف ليس مع وزارة التربية والتعليم وليس مع مؤسساتنا الوطنية، الخلاف اليوم مع مؤسسات ورجال ظل يستفيدون من الذي يحصل بأساليب كثيرة وهذا ما يجب ان ندركه جيدا.
 
القوى المنظمة التي نريدها هي قوى معتدلة سياسيا، قوى على اختلاف رؤيتها لكنها تتفق على رفعة وقوة الأردن العظيم.
 
ما أحلم به ويحلم به كل أردني هو مشروعنا الوطني الحقيقي، مشروعنا الوطني من الوزارات والنقابات ومؤسساتنا الوطنية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد