اَلْوَفَاةُ حَقٌ عَلَى كُلِ مَخْلُوقٍ فَلِمَ اَلْخَوْف مِنْهَا

mainThumb

12-01-2021 12:02 PM

 خلق الله سيدنا آدم ومن ثم زوجه وسنَّ الزواج بينهما كما سنَّ الوفاة منذ بداية الكون بين بني آدم وبين مخلوقاته جميعاً دون إستثناء. وعندما قتل قابيل أخاه هابيل من أجل الفوز بالأخت الأجمل كما ذكرنا في أكثر من مقالةٍ سابقةٍ لنا، عَلَّمه الله كيف يقوم بدفن أخيه المتوفى عن طريق مخلوق من مخلوقاته وهو الغُرَابُ (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (المائدة: 31)). وعندما أرسل الله نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وأنزل عليه القرآن الكريم قال فيه (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ،  وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ (الرحمن: 26 و 27)). وعندما قالت الملائكه نحن غير مشمولين في هذه الآيات لأننا في السموات أنزل الله الآية (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۘ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (القصص: 88)). فأردنا بهذه المقدمة أن نوضح للناس أجمعين أنه يوم تقوم القيامة ويأتي يوم الحساب سوف لا يبقي الله أحداً من مخلوقاته لا في السموات ولا في الأرض (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (إبراهيم: 48)). وقد أعلمنا الله بصريح العبارة أنه لا بُدَ أن يأتي يوم لكل مخلوق من مخلوقاته ويرجع فيه إلى الله ربه فعلى كل إنسان أن يتذكر هذا اليوم ويستعد له بالعمل الصالح والنية النقية مع الله قبل تعامله مع غيره من مخلوقات الله (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (البقرة: 281)). وكم من رسول ونبي وأمم عديدة من قبلنا توفاهم الله حتى نبينا محمد حبيب الله توفاه الله وقال له في كتابه العزيز (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ، فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ (الزمر: 30 – 32)).

 
نعم كل إنسان عندما يشعر بقرب نهاية رحلته في الحياة الدنيا يتأثر ويتألم والبعض يخاف جداً ويحاول بشتى الوسائل أن يتشبث بالحياة وهذه سبحان الله طبيعة النفس البشرية وحتى نفوس الحيوانات عندما يشعر أي حيوان كالغزال مثلاً بأنه مهدد من الإفتراس من قبل الأسد يهرب ويركض حتى ينجو. ولكن الله ميزنا نحن بني آدم عن الحيوانات وغيرها من مخلوقاته بأنه خلقنا بيديه وكرمنا على جميع مخلوقاته وجعلنا خلفاؤه في الأرض وخلق كل ما في السموات والأرض مسخرة لبني آدم. من هذا المفهوم والمعزة لله لبني آدم علينا أن نكون مرتاحين نفسياً بهذا التفضيل وعلينا أن نأخذ بأوامر الله ونواهيه حتى نفوز برضاه ورحمته بنا ونفوز بجنته الباقية الدائمة. وكل إنسان صالح وراضي عن الله بما أعطاه وقسم له من أرزاق مختلفة الأنواع والنعم التي لا تعد ولا تحصى يرضى الله عنه ويدخله جنته ويكون قبره روضه من رياض الجنة ولا يتكدر أو يستاء أو يغضب أو يتأثر من إنتهاء رحلته في هذه الدنيا لأنه ذاهب إلى روضه من رياض الجنه قبل أن يدخل الجنة التي فيها ما لاعين رأت ولا أُذُنٌ سمعت ولا خطر على بال أحد والتي وعد الله المتقين فيها (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم (محمد: 15)). وليعلم كل إنسان أنه من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له من قلب خالص وصادق لله ويأتمر بأوامر الله وينتهي بنواهيه ويعمل عملاً صالحاً ولا يستهين بأي عمل مهما كان بسيطا أو صغيراً ربما يكون هذا العمل البسيط هو الذي سيزحزحه عن النار ويدخله الجنة لقوله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (آل عمران: 185))، ولكن الجنة درجات مختلفة، نسأل الله أن يدخلنا الجنه ولو حتى على طرفها ويجيرنا ويبعدنا عن النار.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد