الإسلام والسيف

mainThumb

05-02-2021 11:12 AM

 أبدى أحد الكتاب السعوديين تحسساً من وجود السيف على العلم السعودي، واقترح أن يُستبدل به شيء آخر أكثر سلمية، لا سيما والسيف أصبح من الماضي، بالنسبة للكيانات التي تريد أن تثبت لأصحاب القوة أنها سلميه مع أنها لم يرث رجالها جيناً واحداً من تاريخهم الذي يصفونه بالعنيف.. 

هناك من وقع في هذا الهاوية، ويتخذ فلسفة تبريرية للتنصل من تاريخه الناصع ليجامل حاضر غيره المظلم.. 
نعم... فكثير من الباحثين والدارسين غير صاحبنا هذا، ينطلقون في حكمهم على التاريخ الاسلامي من الرؤية الغربية التي تعطي لنفسها الحق لمهاجمة الآخر، وليس للآخر الحق في الدفاع عن نفسه، وكثير أيضاً يقرؤون التاريخ من خلال المعارك، ويتجاهلون التحركات السياسية والمؤامرات الخارجية مع أنها موجودة في خلال النصوص التاريخية. 
قال الغرب ومن تربى على ثقافته من خلال هذا المنهج: إن الاسلام انتشر بالسيف، لأن دولة الاسلام الفتية تصدت لمؤامرات الدول الكبرى آنذاك.
عندما تحركت الجيوش لحرب أمبرطورتي الفرس والروم.. كانت إثر  تحركات سياسية ومؤامرات قادتها الدول الكبرى في زمن انبثاق الدولة الاسلامية التي رفعت شعار: تحرير الانسان من تغول وظلم الأنظمة الحاكمة التي كانت تعتبر الانسان حطباً يُحرق لإبقاء شعلة الحكم المستبد مستمرة..
هذه الدول كانت تراقب كل صغيرة وكبيرة، بعد أن تفاجأت بقيام الدولة الاسلامية في قلب الصحراء العربية، من خلال رسائل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو من الوافدين العرب اليها حكام فاستعانت بالجواسيس لإفشال الدولة الوحيدة التي ستسحب البساط من تحت أقدام هذه الدول المنهكة، بمناداتها بتحرير الانسان، وخاصة في اختيار ما يعتقد وباقي الحريات، وهذا الخطاب هو هدم لهذه الامبرطوريات الظالمة، ولذلك بدأت التحرك الفعلي لإنهاء الدولة التي تسعى الى توعية رعايا الدول الى حقوقهم، وتزلزل عروش ملوك وأباطرة الظلم والفساد، مع أن خطاب الرسول كان لا يتجاوز حكام الدول، بل أعطاهم الدور والمبادرة ليكونوا فاعلين في العالم الجديد، الذي يحرر الانسان من قيود الدول وتجبر الأنظمة، واعطائه حرية اختيار مساره في الحياة دون ضغوط، حتى لو اختار في اعتقاده غير الاسلام..!!
كل من يظن أن الجيوش الاسلامية بادرت لمهاجمة الدول الكبرى فهو واهم، فهي لم تسيّر الجيوش لمحاربة أعظم دولتين في ذلك الزمان دون مبرر، ولو كان لها الخيار لهادنت طرفاً وحاربت آخر،  ولكنها كشفت مخططاتهم التي أوشكت أن تطبق فكيها على الدولة الناشئة، فتحركات الروم في بلاد الشام معروفة( مؤتة و تبوك) وتحركات الفرس في العراق كانت مقلقة، وأفضل طريقة للدفاع هي الهجوم وعلى كل الجبهات في آن واحد، إذ من الصعب أن تتجه للروم وتترك ظهرها مكشوفا للفرس أو العكس، لذلك كانت الحرب مفروضة على المسلمين وليس العكس..
المشكلة كانت في دولة تخرج من قلب الصحراء، تحمل مبدأ يريد ان يغير وجه العالم، يريد أن يخرج الناس من عبودية العباد الى عبودية رب العباد، وبسرعة خاطفة فالزمن لا ينتظر، ولا بد من الحسم حتى يصل الى العالم مضمون هذه الدعوة التي تعتمد في انتشارها على الدولة وليس على شخص الرسول، وهذا هو الجديد الذي جعل من الاسلام الدين الخاتم، والاعتماد في استمراريته الى آخر الزمن على الدولة، فالنبي مهمته ايصال الرسالة وبناء دولة تحمل هذا الدين.. والدولة تبقيه حيا فاعلاً الى قيام الساعة..
لذلك عدم فهم التاريخ بمعطيات ذلك العصر، والاعتماد على وجهة نظر واحدة، يسيطر عليها الواقع الحالي، ثم الفلسفة التبريرية النابعة من الضعف والهزيمة الفكرية والثقافية هي السبب وراء هذه الدعوات.. حتى وصل بهم الأمر أنهم يريدون القول إن الرومان كانوا مسالمين ولم يكن عندهم جيوش وان وجودهم في بلاد العرب كان سياحة وقام العرب المتوحشون بالهجوم عليهم واستأصلوا دولهم..!!!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد