وَدَاوِهَا بِالَتِي كَانَت هِيَ اَلْدَاءُ

mainThumb

05-02-2021 11:50 PM

 
 
 
كثيراً منَّا إن حصل معه أي شيء لا يَسُرُ باله ويكرهه يغضب ويتذمر لأنه يريد عكس ما حصل معه وينسى الناس قوله سبحانه وتعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (البقرة: 216)). وقد حصل ذلك مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية، عندما تذمَّر وكره كثيراً من الصحابة ما جاء في معاهدة الصلح من شروط والعودة عن العمرة التي كانوا قد خرجوا لمكة من أحلها.
 
 فكان في علم الغيب عن الله في هذا الصلح فتحاً لمكة على يد الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته، فعلينا جميعاً أن يكون القرآن الكريم وأحاديث رسولنا الصحيحة وما جرى معه من احداث دستور حياة لنا. 
 
فقد سمعنا كثيراً من الأحداث التي يندى لها الجبين فكم من طالب أو طالبة أساؤوا لمن درسوهم من أساتذتهم وكانوا سبباً في إرسالهم في بعثات دراسية ودعموهم في تجديد سنوات بعثاتهم الدراسية لإتمام دراستهم قد رفعوا دعاوي عليهم في المحاكم (يريدون من المسؤولين عنهم من أساتذتهم الذين هم بمثابة أولياء أمورهم تجاوز التعليمات والقوانين) لمصالح شخصية بحته لهم. وسمعنا قضايا أخرى شبيهة بهذه بأن بعض الموظفين(ذكوراً وإناثاً) قد رفعوا دعاوي في المحاكم على من كانوا سبباً في توظيفهم دون وجه حق لأنهم لم يولوهم أي مسؤولية إدارية (المسؤول يعلم من الموظف الذي يصلح أن يكون إدارياً ومن الذي لا يصلح) والمسؤولية الإدارية هي أمانه في عنق المسؤول الكبير الذي يختار فريق عمله قبل أن تكون أمانه في عنق من يختار ليتحملها. وفي كثيرٍ من الحالات يتحمل المدير أو المسؤول الأول في أي مؤسسة عامة أو خاصة كثيراً من تجاوزات الموظفين المسؤول عنهم لأن مسؤولية الإدارة تتطلب ذلك. ولكن ليس لدرجة أن يرفع الموظف دعوى الموضة الجزائية في المحكمة على المسؤول عنه وهي دعوى الشتم والذم والتحقير والتهديد بالعقوبة. فأي موظف يمكر ويريد أن ينتقم من المسؤول عنه لأنه لم يلبي طلباته غير المبررة وغير المعقولة بإيكال إليه أي مسؤولية أو إدارة أحد الأقسام أو إدارة مديرية من مديريات المؤسسة يرفع دعوى الموضة عليه كما ذكرنا. نعم يوجد محامي لكل مؤسسة للدفاع عن المسؤول الأول فيها وعن أي مسؤول آخر من فريق عمله إذا طلب المسؤول الأول من محامي المؤسسة الدفاع عنه ولكن حظك يا أبو الحظوظ فيما إذا كان محامي المؤسسة عنده الوقت الكافي للدفاع عنه بشكل قوي في المحكمة أم لا؟.
 
والمأساة تقع على رأس المسؤول عندما يكسب الموظف القضية عليه بقرار من المحكمة وذلك لأن محامي الموظف كان ألحن بحجته أمام القضاة من محامي المؤسسة. وتحكم المحكمة بمبلغ معين بالألاف بدل الضرر النفسي الذي لحق بالموظف (علماً بأن بعض الموظفين يلحقون بتصرفاتهم وأفعالهم بالمسؤولين عنهم دمار نفسي شامل وليس ضرر نفسي)، ومبلغ عن الرسوم التنفيذية حوالي مائة دينار وأتعاب محاماة محكوم به حوالي مائة دينار ومصاريف ونفقات ورسوم (محكمة) حوالي ألف دينار فيصبح المجموع بآلاف الدنانير. نعم، كثيراً من المسؤولين ظُلِمُوا في القضايا التي رُفِعَت عليهم مليون في المائة لأنهم طيبوا النفس ويتعاملون مع المسؤولين عنهم كأولاد لهم ولما جاء في الحديث عن أُمِّ سَلَمةَ رضي اللَّه عنها: أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فأَقْضِي لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (ولكن من يخاف الله من الناس هذه الأيام مما ورد في هذا الحديث؟). ولا نقول هنا إلا كما إستنبط جعفر الصادق من القرآن الكريم وقال: إني أعجب لمن مُكِرَ به ولم يفزع إلى قول الله تعالى: حسبنا الله ونعم الوكيل (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (آل عمران:173، 174)). وقال إني أعجب لمن إغتم (من الغم) ولم يفزع إلى قول الله تعالى: َلا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (الأنبياء: 87 و 88)). فنقول حسبنا الله ونعم الوكيل ونفوض أمورنا إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد. 
 
وننصح المسؤولين من رؤساء جامعات وعمداء كليات ومدراء عامون في المؤسسات كافة . . . إلخ بتوجيه عقوبه فوراً لكل موظف تثبت تجاوزاته على غيره من زملائه من الموظفين والمسؤولين عنه وعلى قوانين وتعليمات المؤسسة ويتسبب في تضييع وقت المسؤولين والمؤسسة حتى لا يتجرأ لا هو ولا غيره على رفع دعاوي تسمى فيما بعد كيدية وإن رفعوا قضايا على المسؤولين عنهم  فعلى المسؤولين عنهم رفع قضايا مشابهة عليهم وبالفور ولا يسمعوا كلام أحد من حولهم ممن ينصحهم بعدم رفع قضايا في المحكمة، حتى لا يتمادى أولئك على المسؤولين عنهم وعلى المؤسسات التي ينتمون لها. وكما يقال: وَدَاوِهَا بِالَتِي كَانَت هِيَ اَلْدَاءُ.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد