التكييف الجرمي للأفعال المنافية للآداب الكترونيا وفقا لاجتهادات محكمة التمييز

mainThumb

04-03-2021 03:18 PM

 نظمت الاجتهادات القضائية لمحكمة التمييز الموقرة مسألة التكييف الجرمي للأفعال المنافية للآداب إلكترونيا ، وللوصول إلى التكييف الجرمي الصحيح وفقا للاجتهادات القضائية فإن ذلك ينحصر في ثلاثة مسائل جوهرية يتوقف على أساسها الفصل في مسألة التكييف الجرمي ، هي : 

1- الوقائع المادية والأفعال المقترفة  من قبل الجاني .
2- التأثير على إرادة المجني عليه/ ها وتهديده أو إكراهه أو خداع من عدمه 
3- عمر المجني عليه/ها 
فابتداء وبالنسبة للوقائع المادية والأفعال المقترفة من قبل الجاني ، فإن التكييف الجرمي لها يكون على الآتي :
1- إذا كان السلوك الجرمي الذي أتاه الجاني يقتصر على إرسال إشارة أو كلام منافٍ للحياء ، فإن التكييف الجرمي لهذا السلوك هو إرسال أو عرض فعل أو كلام منافٍ للحياء العام سندا لحكم المادة 306 من قانون العقوبات وبدلالة المادة 15 من قانون الجرائم الإلكترونية ، قرار محكمة التمييز رقم (2018/969).
2- إذا كان السلوك الجرمي الذي أتاه الجاني تمثل بقيامه بإرسال صور فأن التكييف الجرمي فيها يعتمد على طبيعة الصور المرسلة ، والتي تقسم إلى قسمين : 
أ- إذا كانت الصور ذات طبيعة إباحية فإن الجرم المسند للجاني في هذه الحالة هو إرسال صور عن طريق نظام المعلومات والشبكة العنكبوتية قصدا تتضمن أعمالا إباحية سندا لحكم المادة 9 من قانون الجرائم الإلكترونية - مع ضرورة مراعاة عمر المجني عليه حيث يجب أن يكون عمر المجني عليه أقل من 18 سنة .
ب- إذا كانت الصور تمس عاطفة الحياء لدى المجني عليه/ها : فإن قرارات محكمة التمييز في ذلك جاءت متناقضة إلى حد ما ، ففي أحد القرارات اعتبرت محكمة التمييز  قيام الجاني بإرسال وصور صور للمجني عليها عبر تطبيق الواتساب رغما عنها يشكل جرم هتك العرض ، قرار محكمة التمييز رقم (766/2015) ، في حين إنها في قرار آخر فقد اعتبرت قيام الجاني بإرسال صور للمجني عليها عبر تطبيق الواتساب إنما يشكل جرم إعادة نشر بيانات تنطوي على الذم والقدح والتحقير سندا لحكم المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية ، قرار محكمة التمييز رقم ( 2020/772) وقرار رقم (2020/613) ، ولكن في حال كان الجاني قد قام بتهديد المجني عليها فإنه في هذه الحالة يقوم جرم الابتزاز وهذا ما أكدته محكمة التمييز في قرارها رقم (2020/9) حيث جاء في قرارها ( إن تهديد المجني عليها بإعادة نشر صورها إنما يشكل جرم الإبتزاز سندا لحكم المادة 415 من قانون العقوبات ولا يشكل جرم إعادة نشر بيانات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير لأنه في هذه الحالة يعتبر هذا الجرم عنصرا من عناصر جرم الإبتزاز )
3-إذا كان السلوك الجرمي الذي أتاه الجاني يتمثل بإرسال أو تصوير فيديو ، فإن ذلك يتطلب النظر إلى طبيعة الفيديو ، فإذا كان الفيديو عبارة عن بث مباشر يضمن وصول الصوت والصورة فإن هذا الفعل يشكل جرم هتك العرض (مع مراعاة توافر العناصر الأخرى لجرم هتك العرض ) وهذا ما أكدته محكمة التمييز في عدة قرارات ، كان اخرها قرار الهيئة العامة رقم (2020/1008) ، حيث جاء في قرار المحكمة ( أن الإستطالة في جرم هتك العرض ليس مقصود بها الإستطالة المادية من خلال جسم الجاني وأعضائه وملامسة المجني عليه فقط بل يمتد إلى حالة بلوغ تلك الأفعال درجة الفحش والقبح كقيامه بالمساس بتلك العورات عن طريق كشفها ولو لم يقم الجاني بملامسة جسم المجني عليه في محل عورته ) ، ، أما إذا كان الفيديو مسجل مسبقا وقام الجاني بإرسال الفيديو فإن ذلك يشكل إما جرم إعادة إرسال بيانات تنطوي على ذم أو جرم الإبتزاز وذلك حسب توافر عنصر التهديد والإكراه من عدمه ، وهذا ما ذهبت إليه محكمة التمييز  (ان ما قام به المتهم من تهديد ذوي المجني عليها بنشر مقطع فيديو للمجني عليها  وهي عارية وافشاء سرها في حال عدم دفع مبلغ ثلاثة الاف دينار له فان هذه الافعال تشكل بالتالي الاركان الكاملة لجنحة التهديد بفضح امر وفقا للمادة 415 عقوبات ) ، قرار رقم (2014/1060) .
أما بالنسبة لعنصر الإكراه وعمر المجني عليه/ها : فإن القانون قد اشترط لقيام بعض من هذه الجرائم أن تقع بطريق إكراه وتهديد المجني عليه/ها ، ففي جريمة عرض فعل أو كلام منافٍ للحياء فإن المشرع قد اشترط لوقوع هذه الجريمة بإن يكون الفعل أو الكلام قد وقع دون رضا المجني عليه/ها أو أن يكون المجني عليه/ها أقل من 18 سنة سندا لحكم المادة 306 من قانون العقوبات ، وكذلك الحال في جرم الإبتزاز قفد اشترط المشرع لوقوع هذا الجرم أن يقوم الجاني بتهديد المجني عليه/ها سندا لحكم المادة 415 من قانون العقوبات ، أما بالنسبة لجرم هتك العرض فإن المشرع قد اشترط ذلك إذا كان المجني عليه/ها قد أتم سن 18 سنة وهذا ما أكدته محكمة التمييز في قرارها رقم (2020/673) : ( إن ما جرى من المشتكية ما هو إلا امتناع الراغب الذي لا يرقى إلى الرفض وما أتاه المتهم لا ينحدر إلى الإجبار وإن ما تم بينهما إن هو إلا رضا وإن شابه بعض الإمتناع حيث إن الإكراه المقصرد في المادة 296 من قانون العقوبات هو أن يستخدم المتهم عبارة تتضمن معنى التهديد أو أداة تضمن له رضوخ المجني عليها ) ، كما يستوي مع الإكراه إقدام الجاني على مغافلة المجني عليه/ها  قرار محكمة التمييز رقم (2018/969) ، أما إذا كان المجني عليه أقل من 18 سنة فلم يشترط المشرع وجود إكراه أو تهديد لوقوع الجريمة سندا لحكم المادة 298 من قانون العقوبات .
وتأسيسا على ما تقدم من توضيح  فإن الجرائم السابق ذكرها تقوم عبر الشبكة المعلوماتية ،إذا توافرت العناصر التالية : 
1- بالنسبة لجرم هتك العرض : فإن هذا الجرم يقوم إذا ما قام الجاني بتصوير أو إرسال فيديو بث مباشر مع توافر عنصر الإكراه سندا لحكم المادة 296 من قانون العقوبات ، أو في حال كان المجني عليه/ها لا يستطيع المقاومة بسبب عجز جسدي أو نفسي أو بسبب استعمال أحد ضروب الخداع سندا لحكم المادة 297 من قانون العقوبات وهذا ما أكدته محكمة التمييز في قرارها رقم (2017/326) ، أو في حال كان المجني عليه/ها دون سن 18 سندا لحكم المادة 298 من قانون العقوبات ، وقرار محكمة التمييز رقم (2020/1008) . 
2- بالنسبة لجرم ارسال بيانات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير سندا لحكم المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية :
فإن هذا الجرم يقوم في حال قام الجاني بإرسال صور تعود للمجني عليه/ها أو فيديو تم تصويره مسبقا ودون تهديد أو إكراه 
3- بالنسبة لجرم الابتزاز سندا لحكم المادة 415 من قانون الجرائم الإلكترونية :
فإن هذا الجرم يقوم في حال قام الجاني بإرسال صور تعود للمجني عليه/ها أو فيديو تم تصويره مسبقا عن طريق التهديد أو الإكراه
4- بالنسبة لجرم إرسال صور عن طريق نظام المعلومات والشبكة العنكبوتية تتضمن أعمالا إباحية سندا لحكم المادة 9 من قانون الجرائم الإلكترونية :
فإن هذا الجرم يقوم في حال قام الجاني بإرسال صور ذات محتوى إباحي دون إكراه وكان المجني عليه أقل من 18 سنة .
5 - بالنسبة لجرم عرض فعل أو كلام منافٍ للحياء سندا لحكم المادة 306 من قانون العقوبات  : فإن هذا الجرم يقوم عند قيام الجاني بإرسال كلام أو إشارات منافية للحياء دون رضا المجنى عليه/ها أو كان المجني عليه/ها دون سن 18 . 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد