الغلام كوشنر يغرد خارج السرب بعد خروجه من منطقة القرار ..

mainThumb

19-03-2021 06:58 PM

الغلام كوشنر يغرد خارج السرب، ويصرح لصحيفة "وول ستريت" الأمريكية مؤخراً قائلاً: بأنه قريباً ستتلاحق دول عربية جديدة للتطبيع المعلن مع الاحتلال الإسرائيلي. ويقصد هنا كلاً من السعودية،قطر، عُمان، موريتانيا. وهذه المعلومات تعتبر قديمة إذْ ظهرت في نهاية العهد الترامبي.. والآن انطوت تلك المرحلة العاصفة بمجيئ جو بايدن الذي قلب الطاولة على الرئيس المقامر السابق وغلمانه من أمثال زوج ابنته المدلل، كوشنر، وهو شخصية مستفزة ولا يعي حجم القضايا التي تناط به كونه غير ناضجة سياسياً؛ ما يجعل تصريحاته مجرد أضاليل إعلامية موجهة لمؤيدي نتنياهو.. من جهتها لم ترد الدول المذكورة على تصريح كوشنر الهزيلة واعتبرتها تغريدات جاءت من خارج السرب، وكأنه بدا كمن من يٌطَيِّر طائرة ورقية ويلعب مع الصبيان.. وبايدن غير معني بها.
حتى ما قاله الغلام كوشنر بشأن الفلسطينيين فهو مضحك ويثير السخرية حينما ادعى بأنه لا يوجد في الشعوب العربية من يكره ما يسمى ب"إسرائيل"! وإنه لا وجود لشيء اسمه "الشعب الفلسطيني" ! طبعاً هذا هراء! وهذه سذاجة وسطحية وجهل في التاريخ الذي يقول خلاف ذلك.
وفي الحقيقة أن هذا الصهيوني الجاهل لا يعلم بأن الشعوب العربية قاطبة تقف مع القضية الفلسطينية رغم أنها مغلوب على أمرها، لا بل أن شعوب الدول المطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي غير راضية عن معاهدات السلام المتعاقبة والفاشلة بدءاً من كامب ديفيد وأوسلو مروراً بوادي عربا وأخيراً المغرب الذي خدعه الغلام كوشنر في موضوع مقايضة الصحراء المغربية بالتطبيع المهين مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ناهيك عن دولة الإمارات التي تُخْضِعْ شعبها للمراقبة الشديدة ذات التقنيات التي يشرف عليها خبراء إسرائيليون من خلال "عين الصقر" وهو نظام أقامته شركة إيه جي تي الإسرائيلية في الإمارات وتشرف عليه منذ مطلع عام 2015، ثم البحرين التي تقيد شعبها بالحديد والنار. وعلى العكس من ذلك، فإن الدول المطبعة وخاصة الأخيرة فقد شيطنتها الشعوب العربية كافة وعلى المكشوف؛ إلا من طوّعته الأجندات المشوهة.. بدلالة هذا الفيض الكاسح من التغريدات التي ينبري أصحابها من العرب للدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.. ناهيك عن قدرة الشعب الفلسطيني المتفردة على إقامة منصاته الإعلامية الخاصة للرد على الذباب الإلكتروني باقتدار يؤازره في نهجه الشرفاء العرب بعيداً عن التضليل الإعلامي الذي تمارسه بدون حياء أو خجل الجيوش السيبرانية ذوات الأجندة الصهيونية الواضحة.
إن شيطنة الشعب الفلسطيني كانت عتبة للتطبيع المخزي مع الاحتلال الإسرائيلي حيث أنيط ذلك بالذباب الإلكتروني ضمن التحالف الملموس بين الجيوش السيبرانية المتصهينة عربية وإسرائيلية.. وقد أغلقت تويتر عشرات الآلاف من الحسابات المزورة في السعودية والإمارات والبحرين. فقام “تويتر” في مارس 2020 بحذف نحو تسعة آلاف حساب وهمي لدعم سياسات حكومتي السعودية ومصر.. والمعروف وفق موقع واشنطن انستيتس الإلكتروني فإن ما يسمى بإسرائيل "تُعد رائدةً على المستوى العالمي في قطاع التكنولوجيا السيبرانية الخاص، حيث تملك على الأقل 300 شركة تغطي كافة المجالات" وكانت شركة واتساب المملوكة لشركة فيسبوك قد أقامت دعوى قضائية ضد مجموعة "إن إس أو" الإسرائيلية، متهمة إياها بالوقوف وراء قرصنة إلكترونية استهدفت صحفيين وناشطين وشخصيات مجتمع مدني أخرى في عدة دول عربية. أي أنها قادرة على توفير البيئة اللازمة للتحريض على الشعب الفلسطيني في إطار استراتيجية تضم كيان الاحتلال الإسرائيلي وحلفاءه من الدول العربية المطبعة من باب المصلحة المشتركة لتصفية القضية الفلسطينية التي تأبى على الأفول.. وهذا يدركه كوشنر جيداً لكنه يعبر في آرائه الإقصائية أعلاه عن أجندة صهيونية تقوم على الافتراءات الممنهجة.
أما على نطاق عالمي فإن شعوب العالم تؤيد حقوق الفلسطينيين حتى أن الشعوب الأوربية ومؤسساته المدنية قد نجحت في مقاطعة الكيان الإسرائيلي رغم معارضة دولها لهذا التوجه الذي كبد الاحتلال الإسرائيلي عشرات المليارات من الدولارات.
وللعلم فإن حركة مقاطعة الكيان الإسرائيلي (BDS) تنشط بشكل واسع، لتصبح من الأضخم والأكثر تأثيراً على التوجهات الاستثمارية العربية والدولية، وكذلك على إلحاق الخسائر بالاقتصاد الإسرائيلي الطفيلي. 
وتعتبر هذه الحركة جزءاً من منظومة واسعة من الجمعيات والحركات المدنية والحزبية، التي استطاعت فرض المقاطعة أسلوب مقاومة فاعلة، وآلية للتعريف بالقضية الفلسطينية، وبالظلم اللاحق بشعب فقد أرضه ومواردها، بفعل احتلالها من قبل الإسرائيليين.. أي أن دولة الاحتلال محاصرة شعبياً على المستوى العالمي لأن القضية الفلسطينية اتخذت طابعاً إنسانياً.. وهذه حقيقة دامغه يدركها كوشنر ومن لف لفيفه من العملاء.. وعليه فإن تقرير نشرته "سي أن بي سي" الأميركية في يوليو 2017، يؤكد أن الأثر التراكمي بين عامي 2014 و2024، في سيناريو المقاومة عبر المقاطعة؛ سيكلف حوالي 80 مليار دولار للاقتصاد الإسرائيلي، منها نحو 44 مليار دولار تعود إلى خدمات تنمية الأعمال التجارية.. وهو ما عوضه المطبعون العرب من خلال ارتمائهم في أحضان تل أبيب من باب التحالف الشبيه بالاندماج.. على نحو الموقف الإماراتي التطبيعي غير المسبوق سياسياً وأخلاقياً.. وكأن الاتفاقية التي تورط بها الإماراتيون قد أبرمت في عالم الرياء واللاقانون.. من هنا يمكن أن نفهم كيف يَعِدْ ابن زايد بتقديم المليارات لإنقاذ نتنياهو انتخابياً بعد رفض الأردن عبور طائرته باتجاه أبو ظبي في الأزمة الأخيرة.
هذه فنتازيات عربية تخالف المنطق ولكنها تنسجم مع ما أجيز تسميته بالواقعية الميكافللية، بمعنى أن الغاية تبرر الوسيلة، ولو خالفت المبادئ والحقوق.. مع أن صاحب الحق هو الأقوى، والأنظمة لا تخلد؛ لكن القضايا الكبيرة لا تموت.. ومن هنا يبدأ الرهان على المستقبل الوضاء.. وما على غلمان ترامب إلا الانتباه لمصالحهم بعيداً عن الغوغائية التي انتهت فاعليتها مع انتهاء الترامبية المقيتة.. فصاحب الحق يسود على كل المواقف فحجته هي الدامغة أمام وهن الأكاذيب التي لم تعد تنطلي على أحد في عالم يأخذه "الافتراضي" إلى منطقة "اللامعنى" الضبابية المبهمة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد