رعونة النمل المجنح

mainThumb

19-03-2021 08:41 PM

عندما تميل  الأجواء الى الدفء، في بدايات الربيع الأولى، تكون الشمس حانية على الأرض تدغدغ الكائنات بتبادل لطيف بين الدفء والبرد، تختلس من الغيوم لحظات تبعث النعاس.. يأتلق ضوؤها على السطوح والعرائش والأعشاب الروية، فتتلألأ الأرض بكسائها المنمنم..
 
وفي هدأة الكائنات الحية وتنعمها بالربيع الفتي، هناك كائنات تبدأ معاناتها وتدخل في دوامة الضياع الأبدية، ... بعد ما كانت تمشي سعيدة منكبة على الأرض، لا ترفع رأسها، همها جمع الطعام وتخزينه، ولم تفكر في يوم أنها و بلا سابق انذار ستقتحم الفضاء، فتتفاجأ أنها تمتلك اجنحة، أجنحة بلهاء لا تأتمر بأمرها، تتحرك في غير إرادتها، فتحملها وتطير بها على غير هدى، تُلقي بها فوق السطوح وعلى الجدران، وفوق برك الماء، وعلى الطرقات تحت الأرجل وإطارات المركبات العمياء، فتتفرق أيدي سبأ، وتطأها الاقدام وتطفو ميتة فوق الماء، وليس لها من الأمر شيء سوى تلقي مصيرها باستغراب وجهل عميق..
 
أيا كان سبب تزويد النمل بأجنحة، أهو للذكور ولملكة النمل فقط، لينفذوا طقوس التزاوج ثم تقابل الذكور هذا المصير المرعب.. فإن للناس عبرة وتأسي.. أدخلوها في حكمتهم، وضربوا بها الأمثال، .. جعلوها عقابا ربانياً للنمل، فيقولون إذا رأوا شخصا يتصرف برعونة أو يستعجل أمور حياته ويريد أن يسابق الزمن: "اذا أراد الله بالنمل سوءا أنبت له الأجنحة" يتعالى النمل حينها على قريته، ويحلق بأجنحة مستعارة ترميه في مهاوى الردى، وكذلك من يتخبط في تسيير أموره، يلقى مصير النمل المجنح الذي أعطى القياد لأجنحة هو لا يعرفها ولا خبرها ولا تدرب على استعمالها، فطارت به الى المجهول..


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد