الإصلاحات الإقتصادية في الزراعة والسياحة والبنية التحتية

mainThumb

14-04-2021 06:02 PM

الأردنيون مؤهلون علميا ويحملون شهادات علمية وخبرات عملية، وكان المفروض بهم أن سطروا نهضة كبيرة على مستوى القطاعات داخليا والتميز على مستوى الدول خارجيا في السنوات القليلة الماضية، ولكننا نصطدم دائما بالواقع، ونتساءل في كثير من الأحيان عن عدم التطور وعن سبب التراجع على مستوى الإنسان الأردني من جهة، وعلى مستوى الإقتصاد والبنية التحتية من جهة أخرى والتي أدت إلى إنخفاض معدلات النمو، وزيادة نسب الفقر ومعدلات البطالة؟ ويبدو أن جائحة كورونا جاءت لتعيد ترتيب أولوياتنا ولإعادة توجيه البوصلة من جديد إلى الإتجاه الصحيح. 
 
ومن هنا تأتي الأولوية الأولى "فمن لا يملك إقتصاده لا يملك قوته" وموقع الأردن وظروفه الطبيعية سواء الزراعة النباتية أو الحيوانية؛ يشير الى أنه بلد زراعي بامتياز، والزراعة فيه مناسبة على مدار العام بسبب التضاريس الطبيعية المتمثلة في سهول حوران المترامية الأطراف شمالا إلى الغور الممتد مع نهر الأردن غربا حتى تصل إلى الديسي ومياهها العذبة والقويرة جنوبا، كما أنها بيئة مشجعة لتربية المواشي، وهنا يأتي دور الحكومة بالتنسيق مع المزارعين من حيث مساعدتهم في حفر الآبار الارتوازية وتنظيم وتقسيم الأراضي الزراعية بزراعة أصناف محددة للحفاظ على توازن الطلب والعرض، واستيراد التكنولوجيا التي تساعدهم في تطوير مشاريعهم النباتية والحيوانية بأقل الأسعار، مع محاولة دعمهم ماديا والتنسيق معهم بزراعة وتربية أصناف معينة وعدم المضاربة على بعضهم، والتوجة نحو التصنيع والتعليب الزراعي بإنشاء مصانع وإيجاد فرص عمل وزيادة الإنتاج، والتنسيق مع الدول المجاورة لتصدير المنتجات الزراعية والزائد عن الحاجة الأردنية. 
 
موقع الأردن التاريخي والجغرافي يفرض وجوده السياحي بقوة في المنطقة والعالم، فالقلاع الممتدة على سلاسل الجبال المطلة على الأرض المقدسة فلسطين تسحر العيون بجمالها وتصميمها، وآثار الكنائس القديمة والمدرجات العريقة تعانق الحضارات المتعاقبة، والبتراء المدينة الوردية التي تتربع على أكتاف حضارة الأنباط، والجغرافيا الطبيعية لا تقل في ذلك بتميزها وجمالها، فالبحر الميت الذي يشكل أخفض نقطة في العالم هو سياحة علاجية بامتياز، وغابات عجلون وبرقش حيث الهواء العليل والجمال الطبيعي وغيرها الكثير، كل هذة المعطيات تفرض على العالم بأن يصبح الأردن نقطة جذب سياحي ومحج لكل الناس، وهذا يتطلب من الحكومة تهيئة أجواء سياحية بتطوير هذه المواقع وتهيئة بنية تحتية متكاملة مجهزة ترتقي إلى مستوى الزمان والمكان والإنسان، وهناك دول كثيرة زادت من ناتجها المحلي بسبب اهتمامها بالسياحة مثل نيوزلندا وماليزيا وأوغندا ورواندا. 
 
والبنية التحتية تستند على دعامتين، الدعامة الأولى هي البنية التحتية الإجتماعية مثل خدمات التعليم والصحة والإعلام… الخ، والدعامة الثانية هي البنية التحتية الإقتصادية مثل خدمات الكهرباء والماء والاتصالات والمواصلات...الخ، وكلما كانت البنية التحتية أفضل كلما ساهمت في التوازن الإقتصادي لأنها تصنف ضمن المؤشرات الدفاعية، حيث أنها في أسوأ الظروف تدافع عن نفسها وتحقق عوائد مستقرة نسبيا واذا خسرت فتكون قليلة جدا وذلك بسبب حاجة المواطنين اليومي لها، كما أن البنية التحتية تعمل على تعزيز وتشجيع الإستثمار، فهي صمام أمان للمستثمرين؛ تحقق عوائد مستقرة نسبيا لملاكها، كما أن المستثمر يتوقع أن يجد بنية تحتية ذات جودة عالية وبأسعار تشجيعية، فتكلفة المواصلات مثلا ونقل البضائع عبر البحر او الجو او البر يتوقع أن تكون بأسعار جذابة، ويتوقع أن تكون أسعار الماء والكهرباء والغاز والمحروقات منطقية أو طبيعية ليتسنى للمستثمر تحقيق الأرباح، والا سيهرب المستثمر بلا عودة، 
 
  البنية التحتية في الأردن بشكل عام تصنف بالضعيفة وبعضها غير متوفر، وإن توفرت فهي شحيحة جدا مثل المياة أو مكلفة مثل المواد الخام الأولية والمحروقات والكهرباء، أو أنها غير موجودة كالسكك الحديدية، كما أن شبكات الطرق تحتاج إلى صيانة، فما هو المطلوب في ظل هذة الظروف، واليد الواحدة في هذه الظروف الصعبة لا تصفق، مره أخرى، هذا يتطلب من الحكومة التخطيط لتقليل التكاليف على عاتقها بالبحث عن شركاء استراتيجيين والتعاون معهم لنتمكن من تنفيذ المشاريع التي تنهض بالبنية التحتية  بمشاركة الإيدي العاملة والخبرات الأردنية، مقابل أن تعود ملكية هذه المشاريع للدولة الأردنية بعد 5 أو 10 سنوات على سبيل المثال، كما أنه يمكن تطوير البنية التحتية من خلال مشاركة القطاع العام (البلديات والجيش مثلا) مع القطاع الخاص المتمثل في أصحاب المشاريع والشركات والبنوك مع اعفائهم من جزئية من الضرائب لتشجيعهم. 
 
نحن أمام تحديات ومسئوليات كبيرة، فهناك قطاع زراعي نحتاج إلى تعزيزه ماديا وتطويرة تكنولوجيا، وهناك قطاع سياحي أثري وعلاجي وديني نحتاج إلى دعمه وتسويقة إقليميا وعالميا، وهناك بنية تحتية نحتاج إلى تهيئتها وتوفيرها بتكاليف مقبولة تجذب الإستثمارات وتشجع المستثمرين، وهناك قوانين تشجع على الإستثمار نحتاج إلى تسهيلها وتيسيرها بالإبتعاد عن البيروقراطية وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهناك مؤسسات خدمية تم خصخصتها من الضروري أن يتم تأميمها لأنها أدت إلى تسارع إزدياد أسعار الخدمات على المواطن الأردني، وهناك مساءلة وشفافية ومحاسبة لا بد من تفعيلها كقانون "من أين لك هذا"؟ لأن الأردنيون قبل 50 عاما كانوا يأكلون الطعام من صحن واحد وعلى طبق واحد، فمن أين جاءت كل هذه المليارات بإيدي قلة قليلة من الناس !؟
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد