عَظَمَةُ إِخْتِيَار اَلْكَلِمَات فِيْ آيَاتِ سُوَرِ اَلْقُرْآنِ

mainThumb

21-04-2021 03:08 PM

لقد تم الإِطَّلاَعُ ودِرَاسةُ وتحليل كتاب الله القرآن الكريم قديماً وحديثاً من قبل عدد كبير من العلماء والمثقفين الأجانب وأتباع الرسالات السماوية السابقة ووصلوا إلى قناعة تامة أنه ليس من وضع البشر وإنما من الله رب العالمين ومن نفس مصدر الكتب والشرائع السماوية السابقة. وكما أعلمنا كتاب الله القرآن الكريم والتاريخ عن خلافات وقعت وحصلت بين أتباع الرسالة اليهودية والرسالة المسيحية (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (البقرة: 113)). وقعت وحصلت خلافات وما زالت تقع وتحصل خلافات بين أتباع الرسالات السابقة وغيرهم والديانة الإسلامية وكما قيل تأخذهم العزة بالإثم ويرفضون قبول الحقيقة الدامغة أن الديانة الإسلامية هي خاتمة رسالات السماء. ولو إتبعنا تعليمات الله لنا في كتابه العزيز وتدبَّرنا آيات القرآن الكريم كما طُلِبَ الله منَّا لوجدنا بالفعل ان الأدلة في أكثر من آية وفي أكثر من سورة أن هذا الكتاب هو من عند الله وليس من وضع البشر (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (النساء: 82)). لْو تدبَّرنا في هذه المقالة الآية (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (النساء: 35)). والتي يظهر فيها عظمة إختيار عدد من الكلمات، فإختيار كلمة شِقَاقَ وليس خلاف أو إختلاف في وجهات النظر ... إلخ، لأن الشِقَاقَ هو الخلاف الكبير والمتكرر وإذا لم يتم إصلاحه وحله سيؤدي إلى الطلاق وكما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: إن أبغض الحلال عند الله الطلاق.
 
وإختيار كلمة إبعثُّوا وليس أرسلوا أو غيرها من الكلمات لأن إستخدام كلمة إبعثُّوا فيها إرسال ونقاش وأسلوب إقناع ومعاني أخرى أقوى وأشمل من أرسلوا. وإختيار كلمة حَكَمًا وليس أحداً من أقاربه أو أقاربها أو والده أو والدها أو خاله أو خالها أو عمه وعمها ... إلخ (لأنه من الممكن عدم توفر لدى أحد الطرفين أياً مما ذكر لأنهم متوفون أو إن توفر أياَ منهم فسوف لا يكون قادراً على القيام بمهمة الإصلاح وربما يحتاج هو نفسه من يصلحه). علاوة على ذلك يجب أن يكون المبعوث حَكَمًا أي تتوفر لديه شروط التحكيم في الخلاف (للتوضيح، متى يصبح شخصاً ما حَكَمًا في مباريات كرة القدم أو أي نوع آخر من أنواع الرياضة، فيجب أن يمر بكل مراحل الخبرة العملية ويكون متفوقاً في ذلك، وينتقل من حَكَمٍ من الدرجة الأولى إلى أعلى درجةٍ إلى حكمٍ وطني ومن ثم حكم دوليٍ). وحتى يتم الإصلاح أو حل الخلاف بين الزوجين يجب أن تتوفر أيضاً لدى الحكمين الإرداة والرغبة في الإصلاح وحل الخلاف وإلا فسوف يفشلا في مهمتهما، وفي نهاية الآية يقول تعالى: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا أي أنه عليماَ وخبيراً في نِيَّةِ كُلٍ مِنَ اَلْحَكَمَيْن. فَتُرْوَى قصة على زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه بعث حكمين لحل خلاف بين زوجين فعندما عادا سألهما: هل أصلحتموهما؟ فقالا: لا، فأمر بربط كل واحد من الحكمين على جذع شجرة وأمر بجلد كل واحد منهما ثمانين جلده. وعندما تَذَمَّرا وسألا الخليفة: لماذا جلدتنا؟. قال لهما إنكما لم تتدبَّرا الآية جيداً، والله أصدق منكما لأنه قال: إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا، فأنتما لم تريدا الإصلاح. وطلب منهما بعد الجلد والتوضيح أن يذهبا للإصلاح بين نفس الزوجين، فعادا وقد أصلحا بينهما، فإنه  كلام الله أصدق القائلين.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد