الشعب اللبناني يواجه الأزمات وحيداً

mainThumb

29-04-2021 02:54 PM

 يَمُرُّ لبنانُ بأشد الأزمات خطورة، ويقف مرتبكاً على أخطر مفترق طرق في تاريخه، إذ يواجه السيناريو الكارثي، والذي يتلخص في نفاد الاحتياطيات الأجنبية والتفكير بحلول يدفع تكاليفها شعب جرده الفقر المدقع من الشعور بالأمن.. فقد أنهكت الأزمات المتعاقبة على لبنان المتظاهرين الذين تعبت حناجرهم وهي تجأر منادية بالتغيير والإصلاح واجتثاث الفساد ونبذ المحاصصة الطائفية والجهوية لصالح حكومة تكنوقراط فاعلة وتتمتع بكفاءة تؤهلها لمواجة الأزمات والخطوب المحيقة بالبلاد؛ ولكن لا حياة لمن تنادي، فحكومة تصريف الأعمال عاجزة عن مواجهة الأزمة الخانقة التي يعانيه لبنان ويساهم في تفاقمها جميع الأطراف المتمترسة ضد بعضها، وخاصة أنها مرتبطة بأجندات خارجية متعددة الولاءات، فمن أجندة إيرانية داعمة لحزب الله، وأخرى سعودية أو راغبة بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بدعم غير مباشر من قبل مصرف لبنان المركزي، وتستهدف حزب الله وسلاحه، كونه يمثل المقاومة ويقف صلباً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ويرى بأنه يريد إنقاذ لبنان من براثن الفساد الممنهج، وهي ذات التهمة التي يُرْجَمُ بها حزب الله من قِبَلِ خصومه الذين يرون فيه كارثة لا بد من مواجهتها بحزم.. إنه الصراع الذي حول لبنان إلى يباب والأمل إلى سراب والشعب إلى ضحية مهملة.
 
ولفهم آخر التداعيات التي سترهق اللبنانيين، فيما يتعلق بتقليص الحكومة للدعم عن أهم السلع الاستهلاكية، ما قد يؤلب الشعب على الحكومة التي أثبتت أنها عاجزة عن تصريف الأعمال، أحيلكم إلى ما طالب به"رويتر" غازي وزني وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال في لبنان قائلاً بأن"الاحتياطيات الأجنبية المتبقية للدعم ستنفد بنهاية مايو المقبل، ما لم يتم تقليص الدعم الذي يذهب إلى تمويل الواردات الأساسية، بينما تسعى الحكومة لإطلاق خطة لخفض الدعم لوقف تكبد مبلغاً يصل إلى 500 مليون دولار شهرياً"
ويرى الوزني في حديثه لرويتر بأنه في "الوقت الذي ينهار فيه اقتصاد لبنان، فإن المصرف المركزي طلب من حكومة تصريف الأعمال اتخاذ قرار بشأن الرفع التدريجي للدعم لتقنين احتياطيات النقد الأجنبي المتبقية.. داعياً إلى الموافقة سريعاً على خطة تقليص الدعم التي تتضمن إصدار بطاقات تموينية، قبيل الوقوع في كارثة الخزانة الخاوية".
 وهذا إجراء رغم قساوته إلا أنه أقل وطأة من الكارثة التي قد تنجم عن خلو خزينة البنك المركزي من العملات الأجنبية؛ لذلك هو كالبالع الموس بحديه.
ويرى الوزني في سياق حديثه أعلاه بإنه في حالة استمرار استنزاف احتياطيات المصرف المركزي من العملات الأجنبية في المستقبل، فسيمس في النهاية بما تبقى من أموال المودعين.
 
ويخلص إلى أن رفع الدعم مطلب حيوي لحل الأزمة رغم أنه قد يتسبب ب"ردة فعل قاسية"
 
وفي ذات السياق وكي يحصل لبنان على مساعدات أجنبية فهو في أمس الحاجة إلى إنهاء الجمود في المحادثات الرامية لتشكيل حكومة جديدة، ويبرر الوزني ذلك في أن غيابها سيعني حدوث فوضى.، وعليه  فيجب على الحكومة الجديدة إحياء المحادثات مع صندوق النقد الدولي وضبط الأوضاع المالية العامة ومواجهة الفساد الذي يقع في قلب أزمة البلاد.
 
 ولم يحدد الوزني في رؤيته الاستشرافية ما إذا كان بوسع الحكومة تجاوز غضب الشارع اللبناني الذي طفح كيله كي يحقق غاياته التي يراها اللبنانيون عبثية وتعاني من الإفلاس المادي والمعنوي.
 
ويظل لبنان كدمعة تتدحرج على صفيح ساخن! وقد احتطب الفاسدون أرزه؛ كي يتنعموا برغد العيش محتفلين بالمتاجرة بالوطن، بينما الشعب تطحنه الأزمات والمصائب! والحكومة تبحث عن ظل سرقته من تحت رمز لبنان الأخضر المسروق.. عجبي!
 
***
نبوءة درويش بين "الكلمات العابرة" وحديث جنرال إسرائيلي!
 
كأنهم يعمهون في غيّيهم بين الكلمات العابرة حينما يصف جنرال إسرائيلي حال الاحتلال الإسرائيلي بعد عجزه عن التصدي لصاروخ ديمونة قائلاً "رأي اليوم" في إن “المنظومة الصاروخية في جيش الاحتلال غير قادرة على الرد على آلاف الصواريخ التي ستطلَق على الجبهة الداخلية الإسرائيلية كل يوم في الحرب القادمة، وإن عدم النجاح في اعتراض الصاروخ السوري الأسبوع الماضي ما هو إلّا غيض من فيض؛ رغم الحديث الإسرائيلي عن إطلاق صاروخ دفاع جوي على الصاروخ السوري، غير مناسب لاعتراض هذا النوع من الصواريخ”.
 
ليس هذا فحسب بل وأكّد أنه “في الحرب المقبلة سيتم إطلاق من 2000-4000 صاروخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية كل يوم، من ترسانة تضم 250 ألف صاروخ في أيدي إيران وأذرعها، الأمر الذي سيسمح بإطلاق الآلاف منها على الجبهة الداخلية الإسرائيلية لأسابيع متواصلة، وفي الوقت عينه، هناك خطر يتمثل بتعطيل أنظمة الاعتراض الحركية للجيش، وإبطال مفعولها بواسطة الصواريخ ذات الرؤوس الحربية وفائقة السرعة التي يصعب اعتراضها”.
 
ولم يتطرق الجنرال إلى قدرة المقاومة في غزة على اختراق القمر الصناعي الإسرائيلي والسيطرة على بعض القنوات الفضائية كما حدث من قبل.. أو احتمالية تزويد إيران لها بأجهزة تشويش ذات تقنيات عالية كالتي في حوزة تركيا تهيئة لأية مواجهة محتملة؛ أي أن أي معركة قد تنشب في المنطقة ضد الاحتلال الإسرائيلي ستكون جحيماً.. بل وستفتح الطريق أمام اليهود الغزاة ليعودوا إلى أوطانهم التي جاءوا منها.. مستذكرين قصيدة درويش التي قال فيها:
 
"أيها المارون بين الكلمات العابرة 
احملوا أسماءكم وانصرفوا
وأسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة
وخذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
انكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من ارضنا سقف السماء"
 وهذا أمل نُوْدِعَهُ قلوبَ وعقولَ الأجيالِ القادمة، فالاحتلال زائل لا مناص من ذلك..وسيكون يوماً مشهوداً..
 
**
 
"دندي" مدينة ليست عربية؛ ولكن!!!
 
مدينة "دندي" ليست عربية ولا يدين أهلها بالإسلام ولا تربطها علاقة جذرية بالكنعانيين ولم نسمع بأن طائر الفينيق بنى له عشاً في التلال المطلة على بحر الشمال؛ ورغم ذلك فإن إنسانيتهم دعت مجلس بلدية دندي الإسكوتلندية ليصوّت بأغلبية ساحقة على الاعتراف بدولة فلسطين مقابل ثلاث أصوات امتنعت عن التصويت وهو ما فعلته سابقاً مدينة شيفيلد البريطانية عام 2019 ويطالب قرار بلدية دندي الحكومة البريطانية بالاعتراف الفوري بدولة فلسطين.
 
وينبغي التذكير بأن البريطانيين يتفاعلون إيجابياً مع "حركة مقاطعة إسرائيل" (BDS) التي نجحت في عزل النظام الإسرائيلي أكاديمياً وثقافياً وسياسياً، وإلى درجة ما اقتصادياً حيث كبدت دولة الاحتلال الإسرائيلي خسائرً بمليارات الدولارات، حتى بات هذا النظام من أكبر "الأخطار الاستراتيجية" المحدقة بها، خلافاً لهرولة بعض الدول العربية للارتماء في أحضان ما يسمى ب"إسرائيل" وإلقاء حقوق الفلسطينيين في بحر الخيبة وإطعامها لأسماء القرش في عالم "لا يموت فيه حقٌ يقف من ورائه مُطالب" عجبي!!
 
29 أبريل 2021


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد