اَلْكِتَابُ اَلْتِكْ-رَبَّانِي لِكُلِ أُمَةٍ وَلِكُلِ مَخْلُوقٍ

mainThumb

30-04-2021 01:22 PM

لقد أُسْتُخْدِمَ في القرآن الكريم بعض الأسماء للأشياء بشكل مُبَسط ليفهمها كل الناس بكل مستوياتهم العقلية والعلمية والثقافية والإجتماعية والإستيعابية... إلخ، إلاَّ أنها لها عند خالق هذا الكون معاني متطورة في علم الله الذي لا حدود له. وتلك المعاني المتطورة لا يستطيع أن يفهمها أو يتصورها أي مخلوق من مخلوقاته إلا من فتح الله عليهم من الأنبياء والمرسلين والصالحين، مما شاء من علمه أو بعض العلماء الذين طوروا التكنولوجيا الحديثة في مجال الحاسوب الرقمي والشبكات والإتصالات الرقمية وبحدود. فنرغب في هذه المقالة توضيح بعض تلك الأسماء أو الكلمات التي بالفعل لا تعني المعنى البسيط من إستخدامها في بعض الآيات في القرآن الكريم. يقول تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (الأعراف: 34)) لكل أمة خلقها الله عُمُر أي مدة زمنية تعيشها في الحياة الدنيا، وقال أيضا (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (الرعد: 38))، أي لكل أمة من الأمم السابقة كتاب مكتوب فيه تاريخ وأحداث تلك الأمة خلال الفترة الزمنية التي عاشتها. فإستخدام كلمة كتاب في هذه الآيات بالتأكيد لا تعني الكتاب الذي نستخدمه في حياتنا الدنيا الذي يتكون من أوراق مكتوب عليها تفاصيل أحداث كل أمة من الأمم السابقة. ولو كان كذلك، فسوف تعتمد عدد صفحات كل كتاب على عدد الأحداث التي حدثت وعلى عدد أفراد كل أمة وما حدث من أحداث من قبل كل فرد من تلك الأمم ساهمت بخير أو بشر لتلك الأمم خلال الفترة الزمنية التي عاشتها، وبالتالي فلا نستطيع أن نُقَدِّرَ وزن كتاب كل أمة من الأمم السابقة بعدد من الأطنان أو الباوندات أو غيرها من وحدات الوزن المستخدمة عالمياً.
 
ومن ناحية أخرى لو قرأنا بعض الآيات الأخرى التي ذُكِر فيها الكتاب مثل (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (الكهف: 49))، وبما أن لكل إنسان أجل أي عُمُر يعيشه في الحياة الدنيا فله أيضاً كتاب يُكْتَبُ فيه كل أعماله التي فعلها من أعمال شر وأعمال خير من قبل الملائكة طيلة فترة حياتة (ومن الممكن أن يعيش بعض الأشخاص أكثر من مائة عام، علماً بأن متوسط أعمار البشر في حدود السبعون سنة تقريباً). ولو كان عمر الإنسان بين الستين والسبعين فكم سيكون عدد صفحات ذلك الكتاب لو كان معنى الكتاب هو الكتاب العادي الذي يعرفه معظم الناس؟ وكم سيكون حجمه ووزنه؟ (كم طن؟ أو كم باوند ؟... إلخ من وحدات الوزن العالمية). لأنه كما ذكرت الآية سوف لا يغادر هذا الكتاب صغيرة ولا كبيرة وحركة ولا غمزة ولا لمزة ولا همسة ولا فكره في العقل ولا هاجس... إلخ إلا أحصاها بالصوت والصورة والحركة. فلو كان كذلك، هل يستطيع الإنسان أن يحمل كتابه بيمينه أو بشماله؟، كما قال الله تعالى (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (الحاقة: 19و25)). بالطبع لا، ولهذا فنقول أن المقصود في كلمة الكتاب هذه هو عبارة ربما عن شريحة تك-ربَّانية لا يتجاوز ربما حجمها إظفر إصبع اليد الصغير أو زر القميص والله أعلم. نعم، لأن الإنسان فتح الله عليه من علمه وجعله يصنع شرائح تكنولوجية دنيوية بتلك الحجوم أو أصغر يمكن تخزين عليها قاعدة الكونجرس الأمريكية والموسوعات العلمية بالصوت والصورة والحركة ... إلخ وأكثر من ذلك، آملين أن نكون قد وضَّحْنَا للقراء ما نقصده من اَلْكِتَابُ اَلْتِكْ-رَبَّانِي.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد