إرادة المقدسيين تنتصر في الأقصى والشيخ جراح

mainThumb

10-05-2021 03:33 AM

منذ أكثر من أسبوعين وحمّى هبة القدس تتفاقم إلى درجة أنها أثبتت بأن صاحب الحق أقوى من طغيان الاحتلال وجبروته رغم الكم الهائل من الضحايا الفلسطينيين الذين أصيبوا في المواجهات مع قطعان المستوطنين وسلطات الاحتلال الإسرائيلي المؤازرة لهم إبّان دفاعهم المستميت عن المسجد الأقصى وتصديهم لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية في حي الشيخ جراح.
وعليه فقد أصيب أكثر من 200 فلسطيني في اشتباكات متفرقة في القدس.. يأتي هذا وسط تصاعد التوتر بشأن الإجلاء المحتمل لعائلات فلسطينية من منطقة يُطالب بها مستوطنون إسرائيليون يهود (محتلون) يدعون ملكية أرض تقوم عليها منازل أربع عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح.. وهي جزء من ثماني وعشرين عائلة فلسطينية تم إبلاغها من سكان حي الشخ جراح ممن سلبت أراضيهم في حيفا ويافا إبان نكبة احتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية عام ثمانية وأربعين، بموجب القانون الصهيوني العنصري " أملاك الغائبين" الذي شرع لدولة الاحتلال بوضع اليد على أراضي اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا منها، خلافاً للقوانين الدولية والإنسانية.
وكانت محكمة في القدس، قضت في وقت سابق من العام الجاري بملكية الأرض للعائلات اليهودية، مستندة إلى عمليات شراء (زائفة) تمت قبل عقود.
وتقول هذه العائلات اليهودية إنها فقدت الأرض إبان الحرب التي صاحبت قيام دولة ما يسمى ب"إسرائيل" عام 1948 (خلافاً للواقع)، وهي الحرب التي يقول الفلسطينيون إنها شهدت تشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين عن منازلهم بعد سلب أراضيهم من قبل الاحتلال بالحديد والنار بما يعرف بنكبة احتلال فلسطين عام ثمانية وأربعين.
بدورها، قدّمت العائلات الفلسطينية المدعى عليها أدلة على حصولها على الأرض من السلطات الأردنية التي سيطرت على القدس الشرقية في الفترة بين عامي 1948 و1967.. ودعمت عمّان ادعاءات العائلات الفلسطينية بوثائق.. ما يثبت بطلان الدعوى الإسرائيلية كون تلك الأراضي المتنازع عليها كانت مملوكة لدائرة الإنشاء والإعمار الأردنية حيث اشترتها مسبقاً من مالكها الأصلي وهو فلسطيني من دار "بندك" وتم نقل ملكيتها فيما بعد إلى وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أنوروا) لتعطى للاجئين الفلسطينيين الذين احتلت أراضيهم داخل الخط الأخضر عام ثمانية وأربعين.. أعقبها احتلال القدس الشرقية عام السابعة والستين في خطوة لم يقرّها معظم أعضاء المجتمع الدولي فيما يسمى بنكسة فلسطين.
وأجج قرار المحكمة غضب الفلسطينيين في حي الشيخ جراح الذين اعتبروا القرار خطوة جديدة على صعيد ما يرون أنه مساع من المستوطنين الإسرائيليين لإخراج الفلسطينيين من القدس الشرقية سعياً منهم لإكمال الطوق الاستيطاني المحكم حول المدينة القديمة.. هذا إذا نجح الاحتلال في تمكين المستوطنين من تحقيق مأربهم في حي الشيخ جراح بالإضافة إلى احتلال مئة منزل فلسطيني آخر في سلوان شرقاً.. توطئة لتهويد القدس القديمة كلياً وبناء الهيكل المزعوم، في ظل ظروف عربية مشجعة على ذلك.
ولمواجهة الأمر، فقد احتدمت المواجهات بين الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) وازدادت تأزماً على خلفية الاعتداءات المتكررة على حي الشيخ جراح وباب العامود وساحات الأقصى في سياق ما يعرف بالاجتياح الإسرائيلي الكبير للأقصى الذي أفشل المقدسيون.
وحدثت غالبية الإصابات في ساحة المسجد الأقصى، حيث استخدمت قوات شرطة الاحتلال الإسرائيلي الرصاص المطاطي والقنابل الصاعقة، فيما كانت الحشود تقذف الزجاجات والحجارة.
وأقامت منظمة الهلال الأحمر مستشفى ميدانياً بعدما امتلأت المستشفيات المحلية بالمصابين.
وشهدت الأسابيع الماضية مصادمات بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في القدس أسفرت عن عدد كبير من المعتقلين.
وكان آلاف الأشخاص قد تجمعوا في وقت سابق في المسجد الأقصى في آخر يوم جمعة من شهر رمضان. وبقي الكثير منهم للاحتجاج على عمليات الإجلاء المحتملة في حي الشيخ جراح.
وبدأت المظاهرات الفلسطينية في وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي، واستمرت حتى الساعات الأولى من صباح الخميس.
وحينها تم توقيف 11 شخصا في المواجهات التي شهدها حي الشيخ جراح المجاور للبلدة القديمة في القدس.
وقد حاولت شرطة الاحتلال يوم السبت أن تمنع مئات الفلسطينيين من الوصول إلى القدس وإحياء ليلة القدر في المسجد الأقصى، والتصدي لخطة الاقتحام الكبير المبيتة لباحات المسجد الأقصى، التي كان من المزمع تنفيذها من قبل المستوطنين تحت حماية الشرطة الإسرائيلية فأفشلها الفلسطينيون الذين هبوا لنجدة مسجدهم قادمين إليه من كل أنحاء فلسطين الداخل. ولمواجهة الموقف من قبل سلطات الاحتلال، نُصِبَتْ الحواجز الإسرائيلية عند مفترق أبو غوش في القدس على بعد 20 كم من البلدة القديمة، وعند وصول عشرات الحافلات إلى المكان، أجبرتها السلطات الإسرائيلية على التوقف وعدم إكمال طريقها إلى القدس.
لكن الفلسطينيين الذين شدّوا الرحال من مدن الداخل المحتل بغية الصلاة في الأقصى ومواجهة المعتدين، لم يرضخوا للاحتلال، ونزلوا من الحافلات متوجهين نحو العاصمة سيرًا على الأقدام رغم صيامهم وبُعد المسافة عن القدس. 
وقد فشلت شرطة الاحتلال في إغلاق الطريق المؤدية إلى مفترق أبو غوش لمنع أهالي القدس من الوصول بسيارتهم لأهالي الداخل المحتل، لكنّ الشبان لم يرضخوا أيضًا ومرّوا رغماً عنهم.
هذه هي ملحمة القدس التي أتمنى أن تستمر لتتحول من هبة إلى انتفاضة مباركة يكون بوسعها أن تضع النقاط على الحروف في معركة طويلة الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي تؤازرها المقاومة الفلسطينية بما تمتلك من إرادة صلبة وترسانة صواريخ رادعة للاحتلال.. إنها مرحلة حرب الإرادات.. فصاحب الحق أقوى من الطغيان.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد