القوة الناعمة .. عبد الكريم أحمد العزام

mainThumb

11-05-2021 02:30 AM

لا تزال الحكومات المتعاقبة تواجه معارضين لها مهما بلغ حسن أدائها، باستخدامها بما يسمى القوة الصلبة ولكن مع التطور المعرفي والثقافي الذي نواكب كان لا بد من طريقة أخرى للتخلص من معارضيها و انتقاداتهم وكان الحل يكمن في استخدام القوة السياسية الجديدة وهي القوة الناعمة فما هو لغز الاحتواء الناعم ؟
 
كما نقول في مثلنا الشعبي " طعمي الثم بتستحي العين" فالاحتواء الناعم هو رشوة غير مباشرة عن طريق تقريب المثقفين والإعلاميين  من دوائر صنع القرار، وإغراقهم بالأعطيات، وإسباغ الكثير من الألقاب البرّاقة عليهم، وتكليفهم بمناصب ومهام ثانوية في مضمونها، و"مفخمة" في شكلها. 
 
هنا يكون اللغز قد حُل، فبطبيعة الأمر عندما يكون لك معارضين حتما سيكونوا من فئة النخبة في المجتمع، فإذا تقربت وتوددت إليهم سيكفونك معارضتهم وتكسب مناصرتهم أيضا.
 
وكما أن طريقة الاحتواء الناعم مهما بلغت كلفتها المادية إلا أنها توفر على الحكومات عواقب الاحتواء الخشن الذي يتمثل في التهديد و التضييق  أو  الرشاوي التي تقدمها لبعض الأصوات البارزة  من المثقفين.والمفكرين والأدباء.
 
 
يمكننا القول أن الاحتواء الناعم  كلفته قليلة وردود الفعل عليه غائبة تماما أو متواضعة إلى حد كبير، وهي تؤسس لعلاقة زبائنية بين الإعلاميين والصحفيين من جهة، وصنّاع القرار الحكومي والسياسي من جهة أخرى. 
 
تكمن الخطورة في الاحتواء الناعم على حرية الصحافة واستقلالية الإعلام فنحن نعلم أن مدى حرية المواد الصحفية في دولة ما يدلل على مدى الحرية فيها، ولكن الاحتواء الناعم يعمل على التدخل في تحرير تلك المواد بطريقة غير مباشرة.
 
في الواقع، إن تدني رواتب الصحفيين، وقلة عدد المؤسسات الإعلامية، وملكية الحكومات لمعظم المؤسسات الكبيرة هي أسباب  تفسح في المجال أمام احتواء الإعلام وإفقاده مصداقيته، بدلا من ضغط القبضة الأمنية والإجراءات التعسفية والتشريعات المقيدة.
 
احتواء ناعم أو خشن، هو سلب للحرية الصحفية في أي مجتمع كان، و يجب التصدي له من أصحاب المهنة ذاتهم في ظل الحكومات الفاسدة و دخلات المهنة الذين يطمحون للشهرة والمقابل المادي بعيدا عن رسالة الاعلام العظيمة التي يمتلكها كل من درس الاعلام ومزج بروحه شيئا منه.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد