رائحة الزيت والزعتر تفوح من فلسطين

mainThumb

17-05-2021 06:20 PM

 حريٌ بي اغتنم الفرصة لأكتب عن الملاحم التي جرت في الآونة الأخيرة في بلدي فلسطين، لأول مرة انزف دماً وجراحي مندملة، تشتت عقلي كشتات اهالي حي الشيخ جراح، إنتظرتُ كثيراً لاخط على اوراقي الوجع الكنعاني القديم، فما كانت النتيجة الا إحمرار عيوني كل صباح.

 فكلما مررت بجانب المرايا، تشدني خصل شعري البيضاء وعيوني كالجمرَ لأقف فارعة الطول واندد واستنكر، حتى طال حديثي للمرآة فشُقَ فمي نازفاً. لم يتبق لي سوى تذكرة سفر ذهاب بلا إياب للاراضي المحتلة، فكثيراً ما احمل دمي على كفي، حتى جسدي قاب قوسين أو أدنى من الفناء. 
 
تشدني رائحة الزعتر الضفاوي في الصحن أمامي وقطعة كبيرة من خبز الطابون اما عن الزيت لم يكن من شجر الزيتون الفلسطيني، لا عليّ! سأكتب بمذكرة هاتفي انني بحاجة لتنكة زيت زيتون فلسطيني صافِ وربما سأحتاج لعناق الشجرة.
 
كثر الهرج وعرفنا شهدائنا ونكنّ لأعداءنا الكثير من الغضب والصراخ في صلواتنا حتى تتعانق اصواتنا في السماء، ويُحدث الله بعد ذلك أمرآ.
 
 النهر والبحر والسهل والجبل والتل والشاطئ والحجارة اجتمعت لتحمل دم جنودها من شعب الجبارين، أحسد الشعب الفلسطيني على مرور اصابعه يومياً على حجارته الطريق المسجد والبناء والرصيف، اعلم جيدآ انها دافئة حنونه كحنان الأمهات و كدفء صدور الآباء انا احسدكم على هذا الموروث الذي لا يفنى كانفسكم الطاهرة الودودة الولودة للرجال. 
 
قبل ثلاثة وسبعون سنة كان كنعان يلعب (التغماية) مع أقرانه، لمح شبان يلحق بهم شبح هتلر هاربين من ألمانيا هرولوا نحو أقرب مساحة ليحتموا ببنيانها و دروع اهلها من القتل والتهجير النازي، رفع كنعان حجراً، عامداً يصيب به أحد الشباب التائهة في فلسطين، فما كان إلا حلينِ إثنين اولهما هرب كنعان إلى صدر أمه او رميهِ برصاص اليهودي، اهتزت الأرض تحت ارجل الشاب من حجر كنعان فأسرع بطفلنا المغوار و ارداه قتيلاً، لم يكن ذنب اليهودي الا انه شاهد على وجه كنعان القائد الألماني الأكثر رعباً هتلر.
 
وصلت اخبار مقتل كنعان إلى قائد كتيبة الصهاينة القتلى بلفور فدعم الفكرة وكتب عريضة مفادها :فلسطين موطن اليهود الاصلي بالوقت الذي كانت مقبرة اليهود ألمانيا وربما أحد المحيطات وبطون الحيتان. 
 
اجتمعت الإنس والجن على التوقيع والترقيع لهذا الصك الزائف المزعوم الباطل فعاش الآباء والأجداد النكبة والنكسة، والانتفاضة، والتشتيت و كثرة الولادة فما بعد عصافير الجنة الا رجالاً وشباباً تولد في ساعة. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد