التحدي أمام الاقتصاد الأردني .. جعل نسب النمو تتجاوز نسب التضخم

mainThumb

03-06-2021 08:49 AM

المشكلة الرئيسية التي تواجه اقتصاديات الدول العربية، والأردن بشكل خاص، هو أن الارتفاع في نسب النمو أقل من الارتفاع في نسب التضخم السنوية، حيث أن الارتفاع في نسب النمو في الأردن تتراوح ما بين 1% إلى 3%، بينما الارتفاع في نسب التضخم سنويا يتجاوز 5% تقريبا، لذلك التحدي الإقتصادي في الأردن وباقي الدول العربية هو جعل نسب النمو تتجاوز نسب التضخم، وهذا ما سنتطرق إليه في هذا المقال. 
 
 
التضخم في الدول المتقدمة بشكل عام قليل نسبيا يتراوح ما بين 1% إلى 3% سنويا في أقصى حالاته، بينما في الدول العربية يكون أكبر حيث يتجاوز 4% ويصل إلى نسب مرتفعة جدا ليس لها سقوف وخاصة عندما يتعلق الأمر بانخفاض سعر الصرف، وعند النظر الى نسب النمو في الدول المتقدمة فهي كبيرة نسبيا تبدأ من 3% و 4% ويمكن أن تصل إلى 8 و 9%، في حين أن النمو في الدول العربية قليل جدا وفي أفضل حالاته يصل إلى 3% سنويا. 
 
 
التضخم يتكون من جزئين: الجزء الأول هو الارتفاع في أسعار السلع والخدمات، والجزء الثاني هو الانخفاض في معدلات صرف العملة، ولنأخذ الأردن كحالة دراسية، وبالنظر إلى أسعار السلع والخدمات فيها، نجد أسعار السلع والحاجات والخدمات ترتفع بوتيرة متسارعة والسبب في ذلك يعود إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج من جهة واحتكار القلة من الجهة الأخرى، وارتفاع تكاليف الإنتاج جزء منه يعود إلى السياسة النقدية المتبعة في الأردن على مدار العقود الماضية وهي ارتفاع أسعار الفائدة، مما أدى إلى زيادة مستمرة في التضخم ليصل بأدنى حالاته إلى حوالي 5% سنويا. 
 
 
أما الجزء الثاني من التضخم هو انخفاض أسعار الصرف للعملة، والدينار الأردني مستقر نسبيا، وهذا عائد إلى السياسة النقدية التي اتبعت سياسة مقيدة وجعل أسعار الفائدة مرتفعة مما أدى إلى إحجام المستثمرين عن الإقتراض وبالتالي انخفاض السيولة في السوق من جهة، ومن جهة أخرى السياسة النقدية التي تتبع نظام سعر الصرف الثابت حيث قامت بربط الدينار الأردني بالدولار الأمريكي من عام  1995 إلى هذه اللحظة، والدولار الأمريكي ما زال من أقوى العملات على مستوى العالم وذلك لأنه يمثل 60% من احتياطي النقد الأجنبي لجميع الدول، واتفاقية البترودولار التي دعمت الدولار في العالم، كما تتم 50% من المبادلات بين  أسعار صرف العملات بالدولار الأمريكي، علاوة على الصادرات والإنتاج الضخم القادم من أمريكا. 
 
 
هذة السياسة النقدية التي تبنت معدلات فائدة مرتفعة، والمبنية على ربط الدينار بالدولار أدت إلى استقرار سعر صرف الدينار من جهة، ولكنها أدت إلى زيادة أسعار السلع والخدمات والحاجات من الجهة الأخرى، وجاءت جائحة كورونا لتغير السياسة النقدية ليس فقط على مستوى الأردن، إنما أيضا على مستوى العالم فأدت الجائحة إلى تخفيض معدلات الفائدة، ولكن ما زال الدينار الأردني مربوط بالدولار، وكما نعلم بأن الدولار الأمريكي بدأ الإتجاه العام له بالانخفاض من عام 2017 وتعمق بالانخفاض خلال جائحة كورونا، وهذا انعكس بشكل مباشر على زيادة الأسعار والخدمات والحاجات والتي نلمسها الآن وبالتالي إلى زيادة التضخم في الأردن. 
 
 
على الجهة المقابلة، نجد أن النمو والذي يمثل الناتج المحلي الإجمالي يزحف بنسب بطيئة ويعود السبب في ذلك إلى السياسة المالية المتبعة والمتمثلة في ضعف الإنفاق الرأسمالي الحكومي، وانخفاض نسب الإستثمار، وانخفاض الاستهلاك والطلب الكلي، وزيادة المستوردات على الصادرات، وبالتالي السياسة المالية المتبعة أثرت بشكل سلبي ومباشر على نمو الناتج المحلي الإجمالي في الأردن، والسياسة النقدية حافظت على استقرار سعر صرف الدينار الأردني ولكنها أدت إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وبالتالي إلى زيادة نسب التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ولذلك لا بد من إعادة النظر في السياسة المالية والنقدية المتبعة في الأردن، واعادة النظر في هذه السياسات يعتبر ضرورة ملحة لا ترف. 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد