من رحم المعاناة يولد الابداع

mainThumb

08-07-2021 09:18 PM

 من فوائد التواصل الاجتماعي باشكالة المختلفة انك تتبادل مع الاخرين معلومات ومعارف بكل سهولة وسرعة خيالية،  ويعتمد ذلك على مستوى المتحاورين وطبيعة اهتماماتهم، ومع هذا فالفائدة مشتركة ومتبادلة بالاتجاهين، وكان قد وصلني مقولة قَبل ايام قليلة في مداخلة لزميل عزيز من المملكة العربية السعودية، وجاء فيها ان من لم يعرف الجاهلية لا يعرف الاسلام، والمقصود هنا من عاصر الجاهلية وعانى منها واسلم يقدر نعمة الاسلام وقيمه وفضائله على الانسانية جمعاء، وهذه من اقوال الخليفة  عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، وهنا تذكرت أجيالنا والتي عانت كغيرها في معظم المنطقة العربية في كل مناحي الحياة،  بدءا من الدراسة في مدارس لم يتوفر فيها الحد الأدنى من مقومات الصفوف، وقد تكون بيوت من الطين وبدون شبابيك احيانا، وفي بيوت من  الشعر في بعض مناطق البادية، ومكتظة وبدون مرافق، وان وجدت، لا تتوفر فيها الشروط الصحية ، والطريق اليها عبر رحلة العذاب اليومية مشيا على الاقدام لمسافات طويلة في البرد والحر تبعا لفصول السنة، وقسوة المدرسين في التربية وبدعم من الاهل بمقولة(انت لك اللحم ونحن لنا العظم) كناية عن التفويض الشفهي بالضرب بكل الادوات المتوفرة (عصا، مؤشر اللوح، اليدين، الرجلين ، الوقوف على رجل واحدة في مواجهة الحائط الخ من ادوات العقاب البدني والنفسي  )،  اضافة إلى التقشف في الملبس والماكل، وعند التخرج من المدرسة كانت أقصى الأمنيات القبول في  معهد المعلمين، والتخرج بالسرعة القصوى لتقاضي عشرين دينارا شهريا في احسن الحالات، وعند المقارنة اليوم بصفوف مكيفة وحافلات كالطائرات تتعهد الطالب  في رحلة الذهاب والاياب ،وكافتيريا بمستوى خمس نجوم ووجبات سريعة ، وهاتف ذكي وقد يحمله طالب غبي، وكل ادوات الرفاهية في كل الجوانب الفنية التعليمية والادارية، وجامعات في مرمى النظر (مقرط العصى) ومع هذا تجد الشكوى والتذمر، ناهيك عن  الضعف في مخرجات التعليم بكافة مستوياته ، قد يكون لانهم  لم يشهدوا معاناة الاجيال للوصول إلى ما وصلوا اليه، ولم توثق لهم او تتلى عليهم عبر التعريف بالتاريخ العائلي او الوطني   ، ولم يعانوا في رحلة الدراسة ما عاناه الآباء، فلذلك لا يعرفون قيمة ماهم فيه من رفاهية، وما كان عليه السلف من تعب ومعاناة، وطبعا هذه سمة التطور  ولا غرابة في ذلك، ولكن قد  يولد الابداع احيانا من رحم المعاناة كالتي أخرجت الاديب والروائي العالمي فيودور ديستويفسكي والذي عانى ما عاناه من امراض وسجون واضطهاد في العهد القيصري الروسي في القرن التاسع عشر ومع ذلك اعتبرت رواياته من روائع الادب العالمي ، ولذلك جاءت المقولة التي تنطبق على من لم يشهد الصعاب والفقر والجوع ولم يفلح رغم الرفاهية التي يعيشها الجيل الحالي،  (من لم يعرف قسوة  الجاهلية لا يقدر نعمة  الاسلام )والله المستعان "



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد