الدورة الاقتصادية وإلى أين نحن ذاهبون؟

mainThumb

08-07-2021 11:17 PM

يتساءل الناس حول مستقبل العالم من الناحية الإقتصادية، وما هو شكل العالم بعد سنوات قليلة من حيث النمو والتضخم والبطالة، يقلق بعضهم، والبعض الآخر ينتابه الخوف على مستقبله والى أين ستؤول به الأمور، ولكي نحاول أن نفهم إتجاه السنوات القليلة القادمة علينا أن نفهم الدورة الاقتصادية أو دورة حياة الصناعات والقطاعات والتي تمتد عادة إلى 15 سنة تقريبا تتأرجح فيها من الأسفل إلى الأعلى ثم تنحدر لتعود وتبدأ الدورة من جديد. 
 
 
دورة حياة الأعمال والقطاعات والصناعات تتكون من أربع مراحل، مرحلة التطوير والتقديم، والمرحلة الثانية هي مرحلة النمو، أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة النضوج، وأخيرا مرحلة الانحدار، وهي تتشابه مع دورة حياة الإنسان في الشكل لكنها تختلف معه في طول الفترة الزمنية، والدورة الاقتصادية تختلف طولها وقصرها باختلاف طبيعة المنتجات والمخرجات واستجابة الناس لها وتعاملهم معها، وقد أشار القرآن الكريم إليها في سورة يوسف بأنها 7 سنوات عجاف مقابل 7  سنوات سمان. 
 
 
 لتبسيط الفكرة، نعود إلى نهاية تسعينيات القرن الماضي، كانت معظم الشركات العالمية مشغولة في تطوير وتقديم التكنولوجيا الجديدة، وظهرت ما بين عام 1995 وعام 2000 فقاعة تكنولوجيا المعلومات، أو dot-com وهذة الفقاعة التكنولوجية مثل عملية الولادة سارعت في تهيئة البنية التحتية والأسواق إلى هذه التكنولوجيا الجديدة المتمثلة في الموبايلات، والانترنت، وتسويق الكمبيوترات، وظهرت بناء على ذلك تخصصات جديدة في الجامعات مثل نظم المعلومات وتكنولوجيا المعلومات والحاسوب، واتسمت هذه المرحلة في بيع قليل وجهد تسويقي كبير، والتكلفة كانت مرتفعة لأن حجم المبيعات قليل فكان هناك زيادة بسيطة في حجم الإنتاج، وبدأت تظهر وظائف وفرص جديدة في الأسواق، وارتبطت صناعة وخدمات وتجارة كثيرة مع هذا التطور التكنولوجي وبالمقابل بدأت تختفي وظائف كثيرة. 
 
 
المرحلة الثانية وهي مرحلة النمو واستمرت من عام 2000 إلى عام 2005، حيث بدأ يعتاد الناس على استخدام التكنولوجيا الجديدة، و ازدادت معرفتهم بها، والذي شجع على نموها أكثر أن تكاليفها منخفضة أو أقل نسبيا من المرحلة الأولى، فزادت الفرص لمستخدميها وزادت الأرباح إلى منتجيها، وزاد التشغيل وانخفضت معدلات البطالة، وزاد حجم الإنتاج، وانخفضت الأسعار ومعدلات التضخم، و زادت ثقة الناس بالتكنولوجيا وازداد الطلب عليها، وبدأت تظهر شركات عالمية تقود هذه المرحلة مثل Amazon و Google وغيرها. 
 
 
المرحلة الثالثة هي مرحلة النضج وهذه المرحلة لم تدم طويلا حيث استمرت من العام 2005 إلى نهاية عام 2008، ظهرت فيها شركات أكثر مثل IPhone و Facebook و Apple وغيرها، ولكن سارعت في إنهاء هذه المرحلة الأزمة المالية العالمية، التي ضربت القطاعات المالية بشكل خاص، واتسمت هذه المرحلة وخاصة مع نهايتها بالمنافسة الشديدة حيث خرجت شركة Nokia على سبيل المثال من السوق من غير رجعه، والمبيعات تميل في هذه المرحلة إلى الثبات، ولم يكن هناك حاجة للتعريف والتعرف على هذه التكنولوجيا والمنتجات المتداولة، وبدأت تزداد معدلات التضخم وانخفض حجم الإنتاج، وبدأ ينخفض حجم التشغيل و اسعار الأسهم لامست مستويات مرتفعة. 
 
 
المرحلة الأخيرة هي مرحلة الانحدار، وهي مرحلة عادة ما تمتد لفترة أطول من المراحل السابقة لأنها مرحلة انغلاق وتبدأ الشركات البحث عن مخارج، ويكثر في هذه المرحلة الركود، بسبب انخفاض الطلب وزيادة العرض، وبالتالي تنخفض المبيعات والأرباح، ويكثر فيها البطالة، وتبدأ الأسواق المالية بالانحدار سواء أسعار الأسهم والنفط والذهب، وتكثر فيها المشاكل الاقتصادية والسياسية، وامتدت هذه الفترة من عام 2009 إلى عام 2015 تقريبا، والذي جعل هذه الفترة تمتد طويلا هو دخول العالم في مشاكل اقتصادية بسبب الأزمة المالية العالمية، ودخول الشعوب العربية في سرداب مظلم من الثورات. 
 
 
في عام 2016 الى عام 2021 بدأنا الدورة الاقتصادية من جديد، وعادت مرحلة التطوير والتقديم، وبدأت الشركات بتطوير صناعاتها ومنتجاتها، وظهور جائحة كورونا في هذه المرحلة تمثل عملية الولادة من جديد دفعت الناس للتوجه نحو هذه المجالات الرقمية الجديدة بشكل متسارع، والتحضير للدخول إلى دورة اقتصادية أخرى جديدة قائمة على الطاقة المتجددة، والطاقة النظيفة، والجيل الخامس، ومابعد التكنولوجيا، والمبنية أيضا على الأتمتة والاقتصاد الرقمي، والتسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية، والتعليم عن بعد، وبدأت تظهر سيارات Hyprid، والسيارات التي تعتمد بشكل كلي على الكهرباء، وخدمات Uber انتشرت في هذه الفترة. 
 
 
 لذلك نحن نقف الآن على عتبة مرحلة انطلاق جديدة وهي مرحلة النمو، والتي ستمتد من عام 2022 إلى عام 2026 تقريبا، ستنخفض التكاليف بشكل عام، وسيزداد الإنتاج بشكل متسارع و يتغير فيها شكل العالم وطبيعة الأعمال، وتختفي وظائف وتظهر وظائف أخرى جديدة، وتسود المهارة والكفاءة، وأسهم الشركات التي تعمل في هذه المجالات الجديدة والصناعات والخدمات المرتبطة بها ستنمو وترتفع، لذلك نحن ذاهبون نحو تطور وتعاون وانفتاح وابداع، ومقدار تطورنا يعتمد على مدى تهيئة أنفسنا وامتلاكها من أدوات وتقنيات، فلنحرص على استغلال أوقاتنا وممارسة الرشاقة النفسية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية بمستويات عالية. 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد