حَقاً إِغْتَنِمَ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ

mainThumb

16-07-2021 03:50 PM

لقد ضرب الله لنا أمثالاً مختلفة عن مخلوقاته المختلفة في هذا الكون وأهمها الإنسان، الذي خلقه بيديه من سلالة من طين (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (المؤمنون: 12)) وخلق من أجله كل شيء في السموات والأرض (لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ، وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . . . وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (الحشر: 21، العنكبوت: 43، إبراهيم: 25، النور: 35)). وأخبرنا الله أن الإنسان يمر عموما بمراحل مختلفة في حياته، مرحلة ما قبل الميلاد وهو جنين في رحم أمه (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (المؤمنون: 13 و 14))، الرضاعة أو المهد، الطفولة المبكرة، الطفولة الوسطى والمتأخرة، المراهقة، الرُشْد ثم الشيخوخة.
وهذا لا يعني أن كل إنسان سيمر في هذه المراحل جميعاً لأن تلك المراحل تعتمد على ما كتب الله من عمر، ورزق وسعيد أو شقي وفي الجنة أو النار لكل إنسان عندما يبلغ مائة وعشرون يوماً وهو جنين في رحم أمه (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (غافر: 67)).
 
لقد أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام لكل من كتب الله له طول العمر من عباده: إغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك.
 
صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام لأن الإنسان كلما تقدم فيه العمر تأخذ جميع أعضاء جسمه بالضعف والهزل وهذه سنة الله في خلقه (وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (يس: 68)). وفي سن الأربعين يكون الإنسان في قمة العطاء وبعد ذلك يبدأ بالضعف والهزل (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (الأحقاف: 15)). ونحن أطفال كانت جداتنا تقول لنا يا جدتي: عبيء لي الخيط في الإبرة حتى تخيط الملابس، لم نكن ندرك أن قوة البصر قد ضعفت عندهن بسبب تقدم السن. وهكذا تبدأ الشكاوي عند كبار السن من آلام الأسنان إلى آلام المفاصل إلى مشاكل المعدة والكلا والقلب والرئتين والقولون والبروستات وغيرها من أعضاء الجسم ويبدأ شعور الإنسان بدنو أجله لمغادرة الحياة الدنيا للآخرة. فلما تقدم نقول لكل إنسان: إِغْتَنِمَ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ قبل فوات الأوان، حيث لا ينفع الندم ونذكركم جميعاً بالآيات (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي، وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ، وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (الفجر: 24، المنافقون: 10 و11)).


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد