المعارضة بين الذاتية والأهداف الوطنية

mainThumb

11-02-2022 12:58 PM

في كل نظام سياسي يتواجد ضمن نطاقه أحزاب وأفراد تمارس العمل السياسي بكافة أشكاله، ولا يخلو أي نظام سياسي من وجود معارضة سياسية تتمثل بالأحزاب أو الأفراد كجماعات سياسية منظمة هدفها تعزيز دورها السياسي المتمثل بالوظيفة الرقابية ومتابعة أداء العمل السياسي والسياساتي.
 
 تُعتبر المعارضة جزء لا يتجزأ من النظام السياسي والشعبي حيث تُعد كضرورة سياسية الغرض منها التصحيح من خلال ممارسة الوسائل السلمية القانونية لتعديل الوضع السياسي نحو الأفضل، والمعارضة بعض منها يهدف إلى الوصول إلى السلطة والبعض الآخر يسعى إلى تبني رؤية المعارضة البناءة لتصويب الوضع القائم بطريقة تكاملية وتشاركية بين الحزب الحاكم والمعارضة للوصول إلى هدف مشترك يؤسس عمل نظامي ليمثل نموذج يؤمن بحالة ديمقراطية شفافة دون تهميش أي طرف من الأطراف سواء من المعارضين أو المؤيدين للنظام السياسي.
 
تُعتبر المعارضة من المكونات اللصيقة بالأنظمة الديمقراطية والتي تتبنى مفاهيم المساواة والحرية والتعددية وتتبنى أفكار لإيجاد الحلول للمشاكل المطروحة، لذا يترتب على المعارضة السوية مهام وظيفية ليست سهلة كونها جزء من النظام السياسي وليس جزءاً هامشياً، وكما أن وجود المعارضة هام كصمام أمان ضد احتمال حدوث أي نزاعات داخلية ولامتصاص أي احتجاج اجتماعي كفريق يتوسط السلطة الحاكمة والشعب.
إن أبرز العلاقات في النظام السياسي هي العلاقة بين الحزب الحاكم والمعارضة ولكن هناك فرق بين العلاقة التصادمية والعلاقة التشاركية (التكاملية)، فكلا الحزب الحاكم أو (الحكومة) والمعارضة في الدول المتقدمة هدفهما تحقيق المصلحة العليا وإن اختلفت الأساليب والآليات والتفاصيل، وهذا الأمر لا ينطبق عند الأنظمة التي ما زالت تعاني من تفسير مبهم للمعارضة وما هدف وجودها فهي تتراوح بين المعارضة الذاتية والوصول إلى مكسب شخصي والمعارضة لأجل أهداف وطنية تُحقق مع الحزب الحاكم تكاملية الأدوار الإيجابية والمهام في كافة المجالات.
ما هي المعارضة التي نريدها؟
 
قبل التطرق إلى المعارضة التي نريدها لابد من تمييز أشكال المعارضة فهناك المعارضة الشكلية وهي جزء لا يتجزأ من النظام السياسي لا تلعب دوراً بناءاً تجاه الشعب ولا تُعبر عن مصالحه الوطنية وإنما تعبر عن مصالح حزبية أو مناطقية أو شخصية.
 
هناك المعارضة الافتراضية وهي معارضة تعبر عن اعتراضها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولكنها لا تستطيع مغادرة هذا الفضاء أو النزول إلى الواقع أو الاشتباك بصورة فعليه، صحيح هذه المعارضة قد تؤثر معنوياً ونفسياً ولكن لا تملك تلك المعارضة أي أثر منظم لتتحول إلى القدرة البنائية للتغيير الجذري.
 
وهناك المعارضة الشعبية أو السياسية الوطنية هذه المعارضة أصدق المعارضات إذا كانت معارضة سياسية سليمة تمتلك رؤية لتقديم حلول تُعبر عن إرادة الشعب بروح عقلانية تشتبك مع الواقع السياسي لصالح الدفاع عن هموم المواطن وليس لمصالح ذاتية.
 
إن أفضل المعارضة الإيجابية هي التي تُسلط الضوء على أبرز المشاكل وتسعى إلى تقديم أفضل الحلول وأوفرها مالياً لحل تلك المشاكل فهذه المعارضة هي البناءة تسعى لتحقيق مصلحة الوطن وليس معارضة شكلية بل معارضة مسئولة هدفها وطني وليس مكسب بالمعنى الضيق.
هل المعارضة مهمة؟
إن المعارضة إذا هدفها وطني هي مهمة كرقيب على ما تقوم به الحكومة من أجل تصويب أوضاعها لصالح الشعب وغيابها يؤدي إلى فجوة وخلل قد يؤدي يوماً من الأيام إلى الاحتقان الشعبي غير المنظم ويهدد السلم الأهلي، وبالتالي وجود معارضة منظمة تمتلك رؤية وطنية كحلقة وسيط بين الشعب والحزب الحاكم أو الحكومة تمتص المطبات الصعبة التي قد تحدث، وكما أن معارضة سليمة وطنية داخلية أفضل من أن يتم تشكيلها وتصنيعها وتمويلها خارجياً تُستخدم لتدمير النظام وفرضها بصورة جاهزة من الخارج.
كيف تنجح المعارضة البناءة؟
لا بد من توافر شروط معينة لنجاح المعارضة الوطنية وهي أن تعمل سلمياً وسياسياً منظماً ضمن إطار الدستور والقانون، والعمل برؤية تُحقق مصالح الشعب بروح وطنية وليس فئوية، ومن المهم عدم تبني أساليب الاحتجاج العنفي والابتعاد عن العمل ضد مصالح الوطن بل تبني برنامجاً يُعبر عن الحقوق المدنية والسياسية الوطنية.
خصائص المعارضة المؤثرة؟
إن قدرة المعارضة على التأثير يعتمد ذلك على حجم ومدى نشاطها وسلوكها السياسي ومدى درايتها للنظام ومدى صلة هذه المعارضة الوثيقة بالإقناع الجماهيري ومدى حرص تلك القوى على تنفيذ برنامجها بأدق التفاصيل.
خلاصة: إن المعارضة الوطنية والحكومة قطبان أحدهما موجب والآخر سالب ولكنهما يتجاذبان من أجل الوطن ودفع تيار التقدم والنمو والاستقرار.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد