الانتصار الذي غير وجه التاريخ

mainThumb

23-03-2022 05:25 PM

21/3/ 68  كان يوما فريدا من نوعه لم يسبق له مثيل ، فاق التوقعات وقلب المعادلة، فجحافل جيشنا المصطفوي كسر  بهذا اليوم غطرسة جيش كان يعتقد بانه لا يكسر امام جيش اخر وهو الجيش الاسرائيلي، في مثل هذا النوع من العمليات عزز جيشنا في نفوس الشعب معاني الكرامة وكيف يصنعها، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قام بها الجيش الاردني الباسل  تسفر عن نصر حاسم لقواتنا، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصرة من كل معركة.
معركة الكرامة كانت شيء اخر لم يشبهها شيء سوى النصر كيف لا  ، وقد جاءت في ارض لم تعرف سوى النصر ، منها اطلقت الفتوحات الاسلامية وفيها تحقق اسم الانتصارات الانسانية وبارضها تكسرت قيود الشر ، ففي هذه الارض الخالدة جرت أحداث معركة الكرامة في منطقة غور الأردن على الضفة الشرقية من النهر الاردن ، وامتدت رحاها من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت ،  وتاريخ المنطقة ضارب في القدم وراسخ في العز ، فقد مرت عليها ممالك الأدومية والمؤابية والعمونية والآرامية والأشورية والأنباط واليونانية والفارسية والرومانية والبيزنطية حتى جاء الفتح الإسلامي ؛ فعلى أرضها الكثير من مقامات الصحابة منهم أبو عبيدة عامر بن الجراح وضرار بن الأزور وشرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل وغيرهم. 
أنه لم يمضي وقت طويل على حرب 1967 وبالتالي فالروح المعنوية القتالية لن تكون بالمستوى المطلوب لتحقيق مقاومة جدية، و لم يتسنى الوقت للقوات المسلحة الأردنية إعادة تسليح قواته ، رغم أن العدو أعلن أنه قام بالاعتداء لتدمير قوة المقاومة الفلسطينية، إلا أن الهدف لم يكن كذلك ، فقبل أيام من معركة الكرامة حشد العدو الإسرائيلي قواته لاحتلال مرتفعات البلقاء والاقتراب من العاصمة عمّان وضم أجزاء جديدة من الأردن وتحويلها إلى جولان أخرى لتحقيق اهدافه وارغام الأردن على قبول التسوية والسلام الذي تفرضه إسرائيل وبالشروط التي تراها مناسبة ، وفرضها من مركز القوة و محاولة من العدو في وضع ولو موطئ قدم على أرض شرقي نهر الأردن باحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمنى لإسرائيل تماما كما حدث بعد ذلك في جنوب لبنان ، وذلك للمساومة عليه لتحقيق أهدافها وتوسيع حدودها وضمان الأمن والهدوء على خط وقف إطلاق النار مع الأردن ، وتحطيم القيادة الأردنية وتوجيه ضربات قوية ومؤثرة إلى قواتنا بالاضافة الى زعزعة الروح المعنوية وزعزعة صمود الاردن وارغامه على النزوح من أراضيه ليشكل سكانه أعباء جديدة ، وبالتالي المحافظة على الروح المعنوية للجيش الإسرائيلي بعد حرب حزيران 1967م. 
لكن كل ذلك بفضل الله وبامتلاك القيادة الاردنية للرؤية ألاستراتيجيه البعيدة المدى والتفاف الشعب حولها  وعقيدة الجيش المصطفوي التي لا تلين ، واستشراف المدلولات السياسية للمعركة في الظروف الصعبة واللحظة التاريخية هي أهم عوامل الانتصار في المعارك التاريخية ، السياسية والعسكرية ، وهي أحد العوامل الأساسية لتحقيق الانتصار الذي يغير وجه التاريخ كت فعلها الاردن.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد