ذوي الاحتياجات الخاصة واضطرابات الأكل

mainThumb

28-02-2011 11:09 PM

الأكل هو إحدى أولى القدرات التي يطورها الطفل لتلبية احتياجاته، وحتى المولود الجديد لديه انعكاسات لا إرادية تجعله في العادة تزداد مهارات الأكل تدريجياً من دون أي تدريب خاص، وأول ما يتعلمه الطفل هو استعمال شفتيه ولسانه لمص السوائل وبلعها، يتعلم في وقت لاحق عض الأطعمة الجامدة ومضغها، ووضع الطعام في فمه وتزول انعكاسات إدارة الرأس والمص تدريجياً مع تعلم الطفل التحكم بحركات أكله، لكن بعض الأطفال لا يطورون مهارات الأكل بسهولة، أو بصورة طبيعية وقد يكون ذلك نتيجة لأن تطور الطفل ككل بطيء ومتأخر، أو لمعاناته من إعاقة ما، أو لأن الطفل يعاني من صعوبات جسدية كثقب في سقف الحلق.

 

ويمكن تعريف اضطرابات الأكل بأنها اختلال في سلوك تناول الطعام، وعدم الانتظام في تناول الوجبات، ما بين الامتناع القهري عن تناول الطعام، والتكرار القهري لتناول الطعام في غير مواعيده، وبكميات تزيد عما يتطلبه النمو الطبيعي للفرد، وقد يصاحبه محاولة من الفرد للتخلص من الطعام الزائد. ويعرف أيضاً اضطراب الأكل بأنه حالة خطيرة تتضمن إحجام الفرد عن تناول الطعام أو رفضه، مما يؤدي إلى نقص وزنه، وقلة حيويته، وربما وفاته إذا لم يعالج.

 

اضطرابات الأكل الشائعة لدى ذوي الاحتياجات الخاصة

تمثلت اضطرابات الأكل لدى المعاقين عقلياً في أن نسبة كبيرة لديهم اضطراب شديد وشديد جداً، ونسبة أخرى لديهم مشكلات امتناع عن الأكل وفقدان الشهية العصبي، والشره العصبي، وتثبيت الغذاء على طعام واحد فقط، أو رفض الغذاء، ثم الإفراط في الأكل، كذلك عدم التعاون أثناء الوجبات، والأكل الفوضوي، واجترار وتقيؤ الأكل، والمضغ، والبصق المفرط للطعام، وأكل الأشياء الشاذة كالورق والطين، والبدانة أو انخفاض الوزن.

أما الأطفال الذين لديهم داون سندروم فيتميزون بالإفراط في الطعام والبدانة الزائدة أكثر من غيرهم من المعاقين عقلياً، كذلك لديهم مشاكل تمثلت في انخفاض مهارات إطعام الذات، ومشاكل في المضغ والبلع.

أما الأطفال ذوي الشلل الدماغي فهم يجدون صعوبة في تحريك أعضاء الأكل بسبب خلل في المنطقة الحركية في الدماغ المسئولة عن حركتها، ويعانون من صعوبة في البلع لضعف عضلات البلعوم، ولديهم صعوبة في مص السوائل، وقضم الأطعمة، كما تشكل الحركات الإرادية لجسم ذوي الشلل الدماغي عائقاً في سبيل إطعام نفسه وتطور مهارات الأكل لديه، وقد يجد صعوبة في غلق فمه، مما يتطلب التدخل المبكر لتدريب الطفل.

وفيما يتعلق بالإعاقة البصرية فقد كانت مشاكلهم في فقدان الشهية العصبي، والشره العصبي خاصة لدى المراهقات الكفيفات.

أما الإعاقة السمعية فقد تميزوا بفقدان الشهية العصبي، والشره العصبي لدى المراهقين المعاقين سمعياً سواء الإعاقة السمعية الكلية أو الجزئية، وتوصلت دراسة  (Moradi&Rottestein,2007) إلى انتشار اضطرابات الأكل لدى الإناث، وأنها أكثر ارتباطاً بإدراكهن لاتجاهات المجتمع الثقافية التي تتسم بتهميش دورهن وإهمالهن وصورة الجسم لديهن.

وتمثل اضطرابات الأكل تلك العلاقة بين الحالة النفسية للفرد وبين الرغبة الملحة لتناول الطعام أو العزوف عنه.

وفيما يتعلق بالإعاقة الجسمية فقد كان لديهم فقدان الشهية العصبي، والشره العصبي، وفوضوية الأكل لدى المراهقين من المعاقين جسمياً.

أما اضطرابات الأكل لدى التوحديين لديهم اضطراب الأكل والشرب والنوم مثل قصر الطعام على أنواع قليلة أو شرب السوائل بكثرة والاستيقاظ ليلاً المصاحب بهز الرأس وأرجحتها أو ضبط الرأس.

ورغم انه ليس من العادة أن ينظر لها كمشاكل إلا أن اضطرابات الأكل أو النوم لدى عدد من الأطفال تكون مرتبط بمقاومتهم للتغيير، فمثلاً (محمد) يعمد على تناول الطعام ليس فقط في نفس الوقت من كل يوم بل أيضاً في نفس المكان والطاولة وبنفس السكاكين والأطباق، واستخدام وسائل التغيير التدريجي تغيير بسيط جداً في أول الأمر مثل أوقات الوجبات أو وضع الطاولة، اثبتت نتائج فاعلة وسريعة وفي وقت وجيز كان بالإمكان إجراء تغيير واضح في أوقات الوجبات وكان لتعليمه كيفية الطبخ اثر جيد في إدراكه أن الطبخ ليس بعلم ثابت وأنه ليس من الضروري أن يكون الطعام جاهزاً في وقت واحد.

إن الدور الذي يلعبه الغذاء والحساسية في حياة الطفل الذي يعاني من التوحد دور بالغ الأهمية، وبالرغم من أي غذاء قد يؤدي إلى ردود فعل تحسسيه، فان المواد الغذائية المرتبطة بالاضطرابات السلوكية أكثر من غيرها هي السكر والحليب، والقمح، والشوكولاته، والدجاج، والبندورة، وبعض الفواكه، والمفتاح للمعالجة الناجحة هو معرفة المواد الغذائية المسببة للحساسية، وغالباً ما تكون مسئولة عن ذلك. بالإضافة إلى المواد الغذائية هناك عدة مواد أخرى ترتبط بالاضطرابات السلوكية منها المواد الاصطناعية المضافة للطعام، والمواد الكيماوية، والعطور والرصاص، والألمنيوم، وأفضل نصيحة يمكن تقديمها هنا هي محاولة الحد إلى أقصى درجة ممكنة من المواد الغذائية غير الطبيعية.

 

وتم تمييز فقدان الشهية العصبي عن فقدان الشهية بمحددات ثلاثة وهي:

1-درجة رفض الأكل أعلى من حالات فقدان الشهية.

2-فقدان الوزن بدرجة أعلى.

3-انقطاع الطمث أو احتباسه.

 

المحكات التشخيصية لفقدان الشهية العصبي:

1-رفض المحافظة على وزن الجسم في الحدود المناسبة لعمر الفرد وطوله، حيث يقل الوزن بنسبة (15%) من الوزن المتوقع خلال فترة النمو.

2-الخوف الشديد من زيادة الوزن او السمنة حتى مع الانخفاض الفعلي للوزن.

3-اضطراب في ادراك الفرد لوزن وحجم وشكل جسمه، كشعوره بالسمنة ورغم نحافته الزائدة او زيادة وزنه رغم انخفاضه الشديد.

 

اما المحكات التشخيصية للشره العصبي فهي كالتالي:    

1-نوبات متكررة على فترات من الوقت تتناول خلالها الفرد كميات كبيرة من الأكل تفوق بكثير ما يتناوله الآخرون في نفس الوقت والظروف.

2-شعور الفرد بفقده القدرة على التحكم في الأكل أثناء النوبة، فلا يستطيع التوقف عن الأكل، او التحكم في كميته او في طريقة الأكل.

3-الانخراط المتكرر عقب النوبة في التقيؤ الإجباري، او تناول الملينات او مدرات البول أو الأدوية، او اتباع نظام غذائي قاسي، او ممارسة التمرينات المجهدة.

4-حدوث نوبات الشره وما يتبعها من سلوكيات للتخلص من الأكل مرتين أسبوعياً على الأقل لمدة ثلاثة شهور.

5-الانشغال الزائد بشكل وحجم ووزن الجسم.

6-عدم حدوث الاضطراب أثناء نوبات فقدان الشهية العصبي. 

 

ايضاً يقسم فقدان الشهية الى نوعين هما:

1-فقدان الشهية العضوي وهو ما يحدث نتيجة لأسباب عضوية آو مصاحباً لبعض الأمراض والاضطرابات النفسية والعضوية.

2-فقدان الشهية العصبي وهو التجويع الذاتي المرضي، والتقيؤ المعتمد بعد الأكل مما ينتج عنه انخفاض الوزن.

 

أخصائي التغذية

 يستطيع أخصائي التغذية أن يتعرف على المشكلات والاضطرابات الناتجة عن السمنة، ويضع الخطوط العريضة لمعالجة تلك المشكلات في برنامج علاجي، وقد يساعد بعض أخصائيي التغذية في التغلب على مشكلات التغذية التي تظهر عند المعاقين بدرجات، ويمكن ان يقوم هذا الأخصائي بتطوير البرامج التدريبية للأهل فيما يتعلق بالنواحي الصحية الغذائية.
 

التنشئة الأسرية واضطرابات الأكل

فيما يتعلق بالمناخ الأسري واضطرابات الأكل لدى ذوي الاحتياجات الخاصة فقد دلت الدراسات في مجال اضطرابات الأكل إن العوامل الأسرية تعد احد أهم العوامل المسئولة عنه، فمن بين النظريات العلمية التي تبحث عن أسباب اضطرابات الأكل النظرية الخاصة بنسق الأسرة (Family system Theory) والتي تؤكد أن الديناميات الأساسية المسئولة عن هذه الاضطرابات ترجع إلى الأسرة والعلاقات داخلها، وأكدت أيضاً أن أسرة ذوي اضطرابات الأكل تتسم بأنها أكثر سيطرة وتحكماً ولا تناقش المشكلات الخاصة بالأبناء وخصوصاً الإناث.

أيضاً من الأسباب لاضطرابات الأكل أسلوب التعامل مع الوالدين والعلاقة بينهما، كذلك التأثيرات الاجتماعية واختلال العلاقة الأسرية، والإدراك المشوه للجسم، وتؤكد الدراسات أن الإناث ذوات الإعاقة السمعية تتأثر بهذه الأمور وذلك بسبب افتقارهن للتواصل مع المجتمع المحيط بهن لنظرة المجتمع لهن.

كما تشير الدراسات  السيكولوجية إلى أن الإناث ذوات فقدان الشهية العصبي يعانيين من اضطرابات أسرية شديدة، فضلاً عن سوء العلاقة مع الأبوين، وارتفاع معدلات القلق لدى الأمهات وزيادة الاكتئاب لدى الآباء إلى جانب صرامة الأنماط السلوكية من قبل الوالدين وجمودها.

وينظر في كثير من الأحيان إلى الأسر التي يعاني احد أفرادها من اضطرابات ما في الأكل على أنها أسرة مريضة، قد يعاني أفرادها من التصلب، وضعف الحب المتبادل أو الحماية الزائدة من قبل الوالدين للأبناء.

 في ضوء ما سبق يتضح أن المناخ الأسري يلعب دوراً مهماً في اضطرابات الأكل (فقدان الشهية العصبي أو الشره العصبي)، بل قد يعد هذا الاضطراب مؤشراً على مرض الأسرة واختلال العلاقات الأسرية فيها، وأكد الباحثون أن الأسرة كنسق اجتماعي يتألف من أعضاء يحدث بينهم تبادل دينامي فيما بينهم، فان حدوث أي ضرر لفرد ما يترتب عليه تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة على جميع أفراد الأسرة، بالإضافة إلى ان الحالة المدركة لهذا الطفل لن تؤثر فقط على الأم والأب والأبناء ولكن ردود أفعال كل فرد من هؤلاء سوف يؤثر بالتبعية على الآخرين بما في ذلك المعاق.

وبذا فالمناخ الأسري السائد في اسر المعاقين يتأثر بهذا المعاق، وفي نفس الوقت يترك هذا المناخ الأسري أثره على الابن المعاق نفسه وفقا لما يتلقاه ويدركه من استجابات الوالدين والأخوة، ومدى تقبلهم له، لذا فان ما يعانيه المعاق من مشكلات ليست نتاجاً مباشراً للإعاقة فحسب، بل نتيجة لأنماط المناخ الأسري السائد في أسرته، وكيفية استجابة المحيطين به لإعاقته، ومن هنا تبدو أهمية تناول المناخ الأسري في أثره على اضطرابات الأكل لديه.

 وأكدت الكثير من الدراسات على أن اضطرابات الأكل لدى الأبناء في مرحلة المراهقة سواء فقدان الشهية العصبي أو الشره العصبي ترتبط ارتباطاً قوياً بالمناخ الأسري السائد في أسرهم، وبالعلاقات الأسرية والتواصل مع أفراد الأسرة وأساليب المعاملة والصراعات الأسرية.

وتوصلت الدراسات إلى ما يلي حول اضطرابات الأكل

1-اضطرابات الأكل من الاضطرابات الشائعة، وقد زاد انتشارها حيث أن عدد من يعانين منه قد تضاعف تسع مرات عما كان عليه في السابق.

2-اضطرابات الأكل يشيع انتشارها في سن المراهقة وبداية الرشد والعشرينات.

3-يكثر انتشار اضطرابات الأكل لدى فئة النساء العاملات والمتزوجات، ولدى فئات الطلاب وخاصة طلاب الجامعة، كما ينتشر لدى الرياضيين وخاصة في الرياضة التي تعتمد على شكل الجسم والوزن والعضلات.

4-بدأ الاهتمام يتزايد بدراسة معدلات انتشار أنواع غير تقليدية لاضطرابات الأكل مثل اضطرابات الأكل الفوضوي والاضطرابات غير المصنفة الأخرى.

 

العلاج الأسري لمشكلات اضطرابات الأكل

يقوم هذا العلاج على أساس نظرية الأنظمة والتي ترى أن الأسرة قد تكون مسئولة عن تطور اضطرابات الأكل لدى ابنائها إما بطريقة مباشرة او بطريقة غير مباشرة من خلال أساليب المعالمة الوالدية، او حتى ما يصدر عنها من تعليقات حول طريقة أبنائها في تناول الطعام، او شكل ووزن اجسامهم، كما قد تؤدي معاناة الأبناء من اضطرابات الأكل الى إرباك الوالدين وشعورهما بالقلق خاصة عند افتقارهما للمعلومات وطريقة التعامل في مثل هذه الحالات، ومن هنا جاء ضرورة إشراك الأسرة وخاصة الوالدين في برنامج علاج اضطرابات الأكل، لذلك يعد العلاج الأسري من أهم العلاجات المستخدمة في اضطرابات الأكل، وخاصة مع فقدان الشهية العصبي، حيث ان الهدف هنا يكون مساعدة المريض على استعادة وزنه، وقد يلعب الوالدين دوراً مهماً في ذلك. حيث يؤدي العلاج الأسري إلى تغيير أنماط السلوك الأسري التي تتبع مع فقدان الشهية العصبي، وتغيير بعض المعتقدات الخاطئة داخل الأسرة وفيما يتعلق بنظام تناول الطعام، وعادات الأكل، وتدعيم عوامل الألفة والثقة بالنفس بين المريض وأفراد أسرته، وتحقيق قدر من التسامح في المعاملة الوالدية وتحقيق التعايش الأسري السوي بعيداً عن التفكك والانفعال.

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد