القطوف الندية في ذكر جد الترابين عطية

mainThumb

12-08-2013 12:17 AM

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد :
 
لقد أحببت أن أورد بعض الإشارات والأقوال في جد قبيلة الترابين " عطية " وأبين عقبه من القبائل العربية التي تناست صلتها إليه ، وأصبح بعض أبناءها يُلحق أصول قبيلته بقبائل بعيدة إما بتشابه الاسم أو بنصوص من العوام التي بنيت على التشابه ! ويرفضون النصوص القديمة ويتمسكون بنصوص حديثة كتبها ممن لا معرفة له في دروب التحقيق .
 
 
" عطية " هو جد قبائل كثيرة وتسمى بـ ( قبائل بني عطية ) وحافظت قبيلة الترابين على اسم جدها الأول " عطية " إلا أنهم جنحوا إلى نسب لا يمتهم بصلة وهو النسب البقمي ! والسبب في هذا هو اسم " الترابين " يظنون بأنه نسبة لتربة شرقي الطائف ! ومن المعلوم بأن النسبة لتربة هي " التُربي " وليس " الترباني " لكن روايات العوام هي سبب كل إشكالات الأنساب وكلما كان الباحث محققاً ؛ كلما أرتاح من خرابيط العوام ! .
 
والترابين نسبة لوادي تربان بالقرب من العقبة ، ويُعرفون بين كل القبائل بـ " أبناء عطية "  وهم من جذام  وجدهم عطية بن نجم بن عطية .
 
وما زالت قبيلة الترابين تتردد إلى اليوم لقبر جدنا " عطية " الكائن في " وادي وتير " بسيناء .
 
والترابين من أهم بطون بني عطية ، حتى أن أهازيجهم في حروبهم يرددون " اللي جواده رديه ما يرافق بني عطية " أي : الذي جواده لا يقوى على الدروب الطويلة والغزوات لا يرافق الترابين بنو عطية لكثرة غزواتهم وحروبهم .
 
وعطية قد خرج منه بطون كثيرة وأهمها ( الوحيدات ، المساعيد ، الرتيمات ، الترابين ) وهم بطون بني عطية القديمة ، إلا أن الترابين حافظت على مسمى جدهم ( عطية ) ومحل إقامته وقبره بوادي وتير ، وهو جد قبائل كثير سُميت بقبائل بني عطية نسبة له وهم ( الترابين ، الوحيدات ، المساعيد ، الرتيمات ، الأحيوات ، الحويطات ، السواركة ، المعازة .. ) .
 
 
 قال العلامة الجزيري في ( الدرر ) (2/114) : ( وينقسم درك النقب المذكور على أربعة أقسام لأربع بدنات من بني عطية فيكون أرباعاً :
الربع الأول : لمشايخ الوحيدات .......... القسم الثاني : لطائفة المساعيد ...... القسم الثالث : لطائفة الرتيمات ....... القسم الرابع : لطائفة الترابين (..
 
وقال أيضاً الجزيري مقسماً بني عطية الأهم الأهم في ( الدرر ) (2/116ـ 117) : ( وأما بنو عطية فهم طوائف كثيرة ونذكر ما تيسر منهم : ...... إلى أن قال : ومنهم الترابين : بألف ولام للتعريف وتاء مفتوحة مثناة وراء مهملة كذلك بعدها موحدة مكسورة وياء تحتية ساكنة ونون أخر الحرف , يختصون بثمد الحصى والفيحاء ووادي العراقيب وآبار العلائي نزولاً وطرقاً وليس لهم مقرر أصالة إلا الربع من خفارة عقبة أيلة كما قدمنا ذكره ) .
 
وقد ذكر الجزيري بطون بني عطية وذكر الأهم ثم تطرق للبطون الأخرى من بني عطية بالإشارة دون التفصيل كـ ( المعازة ) وهم فرع من بني عطية وهم يسكنون الآن تبوك !
 
 
وقال أيضا ( 1/624) : ( وطمعت عربان العائد فيمن أنقطع وانفرد من الحجاج فنهبوا من الجمال والأسباب بالثغرة ما قدروا وعليه كذلك الترابين من بني عطية وحما الله غالب الوفد من أعيان المفسدين منهم ).
 
 
وقد ذكر المستشرق أوبنهايم في كتابه ( البدو ) ( 148) : (جنوب غرب العقبة حيث يوجد ضريح الشيخ عطية الذي يزوره الترابين الموجودون هناك في كل ربيع ويذبحون له الذبائح ) .
 
ويوضح أوبنهايم أكثر في " عطية " قال ( ص 203) : ( ويصب في خليج العقبة وادي العنب ( وادي وتير ) وفي هذا الوادي يوجد قبر الشيخ عطية الذي يعتبر جداً لقبائل كثيرة ) .
 
 
وقال أيضا ( ص 205 ) : ( وفي آخر العهد الملوكي ظهر في شبه جزيرة سيناء مجمع بني عطية لكنه اختفى بسرعة ومن هذا المجمع خرج الترابين ) .
 
وهذه إشارة قوية تساند قول الجزيري عندما عد " الترابين " من أهم بني عطية لا سيما وهم يحتفظون بمسمى جدهم " عطية " .
فعطية جد الترابين هو جد كل بني عطية ويطلق عليهم ( قبائل بني عطية ) والترابين من أهم بطون بني عطية وهم يتمسكون بمسمى جدهم ويزورون قبره بوادي وتير  ، حتى أن أحد شعراء سيناء يذكر الترابين قائلاً :
 
على الشرف خلن عطية !
والنعام واللي تلاه
 
والشرفة هي شرفة بني عطية .
 
ثم أن تشابه الأسماء هي آفة كل شيء ، فعند عشيرة الصانع من الترابين ما ذكره عارف العارف بأنهم  يعرفون بـ ( البقوم ) جعل البعض هذا دليلاً على انتسابهم للبقوم ! وهذا غلط ! إنما هذا من تشابه الأسماء ، فكثير من القبائل العربية تجتمع فيها مسميات مشتركة ، فهناك بطن من قبيلة السردية يسمى ( البقوم ) وقبيلة السردية طائية العرق .
 
وأما قول شاعر قبيلة الجبارات عندما حاربتها قبيلة الترابين بأن الترباني جاء من " تربة " فهذا لا يرد حقيقة أن الترابين من ( وادي تربان ـ بالقرب من آيلة ـ العقبة  ) من بطون بني عطية ، فقول شاعر الجبارات يقصد به ( وادي تربان ) ديار بني عطية ، بل هي من مواردها القديمة ،  وعندما أكتسح الترابين أحواش الجبارات في شمال سيناء ، عدّهم الجبارات غرباء على ديرتهم وحوشهم ، لأن حوش الترابين في الجنوب بوادي تربان ، فالمنهج العلمي يثبت ويبين بأن الترابين من أهم بطون بني عطية وفرعها الثاني كما نص على ذلك النسابة النحرير الجزيري ، ولهذا فإن وادي تربان من ديار الترابين قديماً وهي ديار جذام من قبل الإسلام .
 
وقد فصلت في هذه المسألة في رسالتي ( نسب الترابين وسبب التسمية ) المنشورة على " صحيفة الوطن " .
 
 
 
 
 لكن كثير من القبائل تناست هذه الصلة وأصبحت تنسب نفسها إلى قبائل لا تمت لها بصلة وهذا من روايات العوام وتشابه الأسماء ، فأصبحت بطون بني عطية تجنح لأنساب آخرى فـ ( الترابين تنسب نفسها للبقوم !! لمجرد تشابه اسمهم لديار البقوم " تربة " ! وكذلك المعازة تنسب نفسها لعنزة !! والحويطات للأشراف !! والأحيوات لهذيل !! والسواركة لعكاشة !! .... الخ ) وكلها عطوية الجد جذامية العرق !
 
وسبب هذا هو الجهل والانفتاح على مسميات قبائل أخرى جعلها تربط أنسابها لمجرد تشابه الاسم ، وهنا قول جميل للشيخ عاتق بن غيث البلادي كما في ( رسائل ومسائل في الأنساب ) ( 1/ 107 ) : ( ... في هذا الزمن نحمد الله على خيره ونعوذ به من شره ، كثر المثقفون من أبناء البادية وأطلعوا على أسماء في الكتب وصار كل يحاول أن ينتسب إلى ما يوافق اسمه وهواه .. ) .
 
والمشكلة عند البعض أنهم يزعمون كثرة البطون دليل على عدم الصلة ! أو الحروب التي بينهم دليل على عدم الصلة !! وهذا والله من المضحكات ! فإن الأوس والخزرج وهم أرومة واحدة كانوا دائماً يتقاتلون مع بعضهم البعض ! وكذلك حروب تغلب وبكر وهم أبناء أرومة واحدة ! والأمثلة كثيرة !
 
وأيضا ان كثرة البطون ليست دليلاً على عدم الصلة كما يزعم البعض ! فعلى سبيل المثال لو عددنا بطون عنزة اليوم ! فهم كثر ( الرولة ، الفدعان ، السبعة ، الحسنة ، الفقير ، أولاد علي .... الخ ) فكل هذه القبائل عنزية الأرومة ، وعلى قاعدة بعض الجهال فهذه قبائل كثيرة إذن ليست من أرومة واحدة !! وصدقاً هذا من المضحكات .
 
ونعود للحديث عن بطون بني عطية  فقد جاء في ( دفتر أمير غزة ) ( 639) في القرن العاشر : ( عربان لواء غزة بنو عطية ) جاء فيه قبائل بني عطية وهم : ( الترابين ، الوحيدات ، العمارين ، الحويطات ، المساعيد ، سواركة ... الخ ) .
 
وجاء أيضاً في الأرشيف العثماني في اسطنبول بتركيا وهي من وثائق دفتر طابو مفصل لواء غزة العثماني كتبت بخط القرمة ( رقم الوثيقة  (tt265)( بتاريخ 955 للهجرة بعنوان ( عرب بني عطية وعشائرها ) وذكر من عشائر بني عطية ( الوحيدات , الترابين .... ) .
 
وهذه الوثائق تؤيد قول النسابة النحرير الجزيري وتبين دقته .
 
وقال ابن العم ومؤرخ فلسطين الدكتور سلمان أبو ستة  في مطويته عن ( قرية المعين ) بالعربية والإنجليزية قال : ( ويعود الترابين بنسبهم إلى بني عطية التي تقع منازلهم في تبوك وحولها ، وينتمي إلى بني عطية أيضاً الوحيدات والحويطات والأحيوات .... ) .
 
والدكتور سلمان أبو ستة صاحب اطلاع في الأرشفة العثمانية والإنجليزية لا سيما وهو صاحب أطلس فلسطين .
 
وقد يظن بعض المساكين بأن هذه القبائل تنتسب إلى " معازة بني عطية " وهذا فُحش وأمر يضحك منه الصبية في ملاعبهم ، فالمعازة فرع من بني عطية مثلها مثل الترابين والوحيدات والعمارين ..... الخ .
 
فالفرع يُنسب للأصل لا للفرع  غالباً!
 
وكل هذه القبائل جدها " عطية " من جذام واحواشها شمال الحجاز والنقب وسيناء .
قال مؤرخ الجزيرة حمد الجاسر في ( مجلة العرب ـ ج 1،2ـ رجب ـشعبان 1405هـ ) : ( وبنو عطية قبيلة كريمة الأصل ، عريقة في النسب ، فهي من قبيلة جذام القحطانية المشهورة في التاريخ في العصر الجاهلي وفي صدر الإسلام ، والتي كانت تسكن من شمال الحجاز حتى شمال فلسطين وسيناء .. ) .
 
قلت : وهذه ملاعب واحواش ( الترابين ، الوحيدات ، المساعيد ، المعازة ، الحويطات ، العمارين ... الخ ) وهم من بطون بني عطية الجذامية .
 
وقد فصل فيهم نسابة عصره الجزيري في " الدرر الفرائد " وقد بينت منهجه في رسالة مستقلة ورددت أباطيل بعض الحواشين الذين شككوا في فحولة الجزيري في الأنساب ، فانظر لزاماً مقالتي ( منهج النسابة عبدالقادر الجزيري في كتابه الدرر الفرائد والرد على جهالات المدعو راشد الأحيوي ) .
 
فالأنساب المخترعة حديثاً لهذه القبائل مصدرها قريب ! ومنبعها العوام ! والعوام هوام ! وأما المصادر القديمة في أرشفة الدولة العثمانية فتبين بأن هذه القبائل جذامية العرق ولا ينتطح في هذا عنزان ، وبعض الحواشين كذاك الأحيوي يتمسك بأي قول ! حتى لو سمع  قول ميكانيكي لا يعرف كوعه من بوعه سارع في الإستشهاد به ! كما سارع في الإستشهاد في البعارين التي سلبها الله العقول !! فالله المستعان من هذا الوبر !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد