رُعاةُ الأنسّابْ و غارات الذِئاب

mainThumb

29-01-2015 11:21 AM

قالتُ العرب : { من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم } .. أي : ظَلَمَ الغنم بأن جعل الذئب هو الوصي عليها ( ! ) ..  والغنمُ بركة ومن دواب الجنة ، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : { صلوا في مِراح الغنم وامسحوا رغامها ، فإنها من دواب الجنة } ..


ورعايةُ الغنم تحتاج للصبرِ ، ولهذا كانت هي مهنة الأنبياء كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : { ما بعث الله نبياً إلا ورعى الغنم ، فقالوا أصحابه : وأنت ؟! .. قال : نعم  كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة } ..


ورعاية هذا الحيوان صعبة تحتاجُ للصبر من ناحية الطعام والمياه وتدبير أمرها في الشتاء والصيف ..


فإن تكاسل وغَّفِلً الراعي عن أغنامه من ناحية تدبيرُ أمرُها والعنايةُ بها فقد تُصبح هزيلة لا تقوى على المشي أو تكون مقصد للذئاب لافتراسها ..


وقد أخرج البُخاري في { صحيحه } عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه وعن أمه ـ قال :  سمعتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :  { بينما راعٍ في غنمه إذا عدا عليها الذئب ، فأخذ منها شاة ، فطلبه الراعي ، فالتفت إليه الذئب ، وقال : من لها يومُ السبع يوم لا راعي لها غيري .. } .


قُلتُ ـ أحمد ـ : ويومُ السبع : أي يوم الفتن وغياب الراعي حين يترك الغنم هَملاً .. فيستفردُ الذئب بالغنم ويكون هو الراعي لها ..


وكذلك { الأنساب } حين يغفل { رُعاتُها } مِن أهل العلم والتزكية عن { أنسابُ الناس } تأتي الذئاب وترعى { الأنساب } وتُفسِّدُ فيها وتُهلِكُها ...  فَمن لـ { الأنساب } يومُ السَّبع إلا الذئاب ..

فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : { فطلبه الراعي } أي : لحق الذئب .. وكذلك رُعاةُ الأنساب يُلاحقون الذئاب التي تُريد أن تفترس وتُفسد الأنساب وهم { الأدعياء } ..

واليوم حين غَّفِلَ { رُعاة الأنساب } تكاثرت الذِئاب وصارت تنهشُ في { الأنساب } وتُفسدُ فيها ... فكم من جويهل لا يُعرف بعلم ومجهول { الحال والعين } عند العلماء ، صار اليوم يتكلم في أنساب الناس ويُفسد بجهله المُمغص ( ! ) ويظن نفسه لسان الحُمرة أو دغفل ( ! ) .. فيُشبلِك أنساب الناس ببعضها ويخلطُ فيها ويضع الرأس محل القَّدمْ ( ! ) ...


بل أن البعض من هؤلاء { الذئاب } صَّنفَ كتاباً في الأنساب وصار يظن أنه من أهل العلم ( ! ) وكتابه لو تصفحته يندى منه الجبين ( ؟ ) فيا خسارة الورق والحبر ( ! ) ..

ولو اطلعتَ أخي القارئ ـ فديتك ـ إلى ساحة الأنساب اليوم ، ستجدُ أن أكثر من يكتُب فيه جُلهم من { العوام } والعوام هوام ( ؟ ) أهل فساد إلا من رحمه الله ..

وما أكثر الذئاب اليوم والتي غارت على الأنساب وأهلكتها .. غارت الذئاب على أنساب آل البيت وبعجتها ( ! ) ثم تحولت لقبائل العرب الأخرى وبعجتها بعجاً ( !! ) ..

ولا نُنكِر أن هُناكً رُعاة وحُماة للأنساب ، إلا أن الذِئاب كُثر والرُعاةُ قِلة ( ! ) .. ومِما يُمرضُ القلبْ أن تُشاهد ذئابُ { العجم } قد تَّقنعت بأنسابُ العرب وأغارت عليها .. وإلى الله المُشتكى ..

فإلى رُعاة الأنساب .. أفيقوا يرحمني ويرحمكم الله .. فقد تكاثرت الذئاب فمن لها غير الرُعاة ؟!! ..


{ نُكتة } ..

قُلتُ ـ أحمد ـ : لابُّد أن استطرد قليلاً إلى مسألة أخرى بعيدة عن { الأنساب } .... قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : { بينما راعٍ في غنمه إذا عدا عليها الذئب ، فأخذ منها شاة ، فطلبه الراعي ، فالتفت إليه الذئب ، وقال : من لها يومُ السبع يوم لا راعي لها غيري .. } .. 

ويومُ السبع كما بينت آنفاً أنه يوم { الفتن } وغياب الراعي .... فكذلك إذا غاب { الحاكم } خرجت الذئاب واستفردت في الشعب وأهلكته ودمرت كيانه ( ! ) ... ولهذا بين السلف الصالح في عقائدهم على عدم الخروج على الحاكم لما في ذلك من مفسدة ووقوع الفتن وغياب الأمن ..


وكتبه :
أحمد بن سليمان بن صَباح أبو بكرة التُرباني


 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد