سياحة مقلوبة

mainThumb

01-09-2015 11:53 AM

لو نظرنا الى حال السياحة في الاردن لوجدنا تناقصا في السياحة الخارجية القادمة وتعاظما في السياحة الداخلية الخارجة مما ادى الى ازمة حقيقية تعيشها الحركة السياحية في الاردن في ظل صمت وغياب حكومي ادى الى فوضى يمر بقطاع صناعة السياحة في الاردن نتيجة لعدم وجود اي تنسيق بين الوزارات والمؤسسات السياحية بمختلف انواعها , تدني مستوى جودة الخدمات السياحية ,ضعف الإعلام السياحي ، ارتفاع الاسعار، انعدام التسويق السياحي الصحيح للقطاع ، وضعف خبرة ومهارات العاملين في مجال التسويق السياحي والفندقي في ظل منافسة عالمية قوية من بعض الدول المجاورة والتي منها تركيا  ,دبي ,وإسرائيل وقبرص اضافة الى الفساد الاخلاقي (العمولات) في التعامل بين بعض الفنادق والمستشفيات وسائقي التاكسي .
 
 لا يستطيع اي من القائمين على صناعة السياحة ان ينكر مثل هكذا حقائق وتاثيرها عليها لهذا العام فاي مراقب لاوضاع الفنادق يلحظ تراجعا في نسبة الاشغال للغرف وارتفاع في كلفة التشغيل وتناقص اعداد السائحين ما اضطر ما يقارب التسعة فنادق في بعض من الاماكن السياحية (عمان والبتراء) الى اغلاق ابوابها وقد قدرت نسبة التاثير هذه على القطاع السياحي من بعض الخبراء لهذا العام 2015 ما بين 15%-20%مما جعلها سياحة مقلوبة. ان ما لاحظنه في زيارتي الاخيرة للوطن هوازدحام مروري في الشوارع مناطق سياحية خالية وفراغ في الاسواق لا اكثر وعندما قررت الذهاب في رحلة سياحية داخلية  لمدينة العقبة للاستجمام فوجئت بعدة منغصات منها الاسعار النارية والتي لا تقل عن اي رحلة استجمام في الخارج ولكن ما يميز الخارج هو كما يقولون الوجه الحسن" الابتسامة" . 
 
ان ما ميز رحلتي في الداخل هو وجبة مساج مجانية من الرجرجة والاهتزاز نتيجة للحفر والتشققات في الشارع الدولي المتجه اليها اضافة الى عكننة للمزاج من قبل الشاحنات والتي تسير على جانب واحد وهو اقصى اليسار لتجنب هذه الرجرجة والاهتزاز والتي هي بالاصل المسبب الرئيس لها نتيجة لاوزانها الكبيرة وها هي الان تسير على المسرب الجيد والذي هو مسار المركبات الصغيرة لتلحقه بالمسرب الاخر ولو حاولت تنبيه هذا السائق لان يلتزم بمساره وفتح  الطريق فلن تجد اذان صاغية ولو اصريت باطلاق الفلشر او حتى الزامور فلن تفلح ابدا وتضطر اخيرا للرضوخ له وتتجاوزه خطأ ولو نظرت اليه بالمراه او حاولت تنبيهه فستجد من الاشارات ما يسرك. في الفندق الذي اخترته لا داعي لذكر اسمه لكنه كما روج له لي ومن اسمه العالمي توقعت انني سافقد بعض العككنة التي تجرعتها في الطريق اليه ولكن للاسف وكما يبدوا انها لحظات الصدق من العككنة مبرمجة فلم اجد الخدمة التي توقعتها من مثل هكذا فندق عالمي فالنظافة للغرف يوميا لا تتم الى بعد الساعة الرابعة او الخامسة مساء هذا اذا لاحقتهم واما المرافق التي يقولون انها لراحتك كالساونا والجاكوزي للاسف معطلة وتحتاج لان ترفع صوتك وتحارب من اجلها, بعد كل العككنة هرول كل المسؤولين(خدمة الزبون,نائب المدير وخدمات الغرف) في هذا الفندق ليعتذروا لي عن مثل هذه الاخطاء, نعم هم لطيفون في تعاملهم وكلهم مواطنون؟؟؟؟ ولكن السؤال المحير هل حقا هذه هي مستويات خدمات هذا الفندق المكلوم؟ والسؤال الاهم والمقلق هل الوساطة اخترقت حتى مثل هذه المرافق السياحية العالمية ؟ الاجابة اتركها لكم يا سادة ,المهم انني تركت الفندق المكلوم في رحلة الى الاسواق ليلا لاتفجأ بانها خاوية على عروشها سواح يوك مفقدوين ولا شيء جديد الجديد فيها منذ سنين سوى ان محمص الشعب يسجل له تطوره واكاد اجزم انه سيحتل كل شوارع العقبة واقول هذا ليس حسدا بل لاقول للكل ان من يقصد النجاح هناك طرق له, اسالوا هذا المجل البسيط ولا عزاء للسياحة. 
 
ان سردي لهذه القصة التي حصلت معي ليس القصد منها الاساءة او حتى النيل من اي كان ولكن لاضع النقاط على الحروف على مكامن الخلل في مثل هذا القطاع الحيوي , ولاقول انه ومن وافع خبرتي المتواضعة والتي تزيد عن الثلاثين عاما في مجال التسويق والتدريس والتدريب ان التسويق الداخلي اهم بكثير من التسويق الخارجي فان كنت عاجزا عن تسويق نفسك محليا بالتاكيد ستفشل خارجيا وهنا اعني اولا: علينا تحديد سلعنا السياحية حسب اهميتها للسائح (ترفيهية , علاجية , استثمارية, رياضية, تعليمية, دينية), ثانيا : تحديد القائمين على نسويقها وهنا لا اقصد وزارة السياحة والمؤسسات السياحية بمختلف انواعها قط بل كل جهة مرتبطة بنجاح اي برنامج سياحي وعلى راسها الحكومة بكل وزاراتها, ان تسويق الاردن سياحيا لا يمكن ان يلقى على عاتق وزارة السياحة والمؤسسات السياحية فاي برنامج تسويقي سياحي لا بد وان يمثل فيه كل هذه الجهات وان يتم تدريب الكوادر التي تستطيع ان تنهض بمثل هكذا برامج ,علينا ان ننهض اولا بالسياحة الداخلية و ننجح بها من خلال برامج سياحية تثقيفية للمواطن وان يكون عنوانها الصدق مع انفسنا ووطننا اولا , برامج داخلية باسعار تشجيعية يكون هدفها غرس الانتماء وجني الحب والولاء للوطن فبل غرس الابتزاز والكذب وجني الاموال ,علينا ان نعلم ابناءنا عدم السكوت عن الخطأ بحق الوطن من اي كان ونخلق الرغبة لديهم في حب كل شي في هذا الوطن وهذا لا يمكن ان يتاتي الا عندما يتعرف المواطن الاردني على مدى جمال الاردن وتراثه وقناعته بانه لا يضاهيها شيء في العالم بها عندها ننجح بتسويق انفسنا داخليا ثم لاحقا خارجيا,ان على الحكومة مسؤولية كبيرة فلا يجب ان تبقى غائبة مغمضة العينين عما يجري من الابتزازات التي يتعرض لها السائحين باستغلالهم برفع الاسعار عليهم في كل من الفندق والمطعم والتكسي والمستشفى وعيادات الاطباء وتذاكر الدخول الى بعض من المناطق السياحية والمحلات التجارية واعتماد بعض الشركات والمكاتب السياحية على سائقي التاكسي والحافلات كادلاء سياحيين لا بد من وجود نظام اليكتروني (برنامج )  لمراقبة حركة السائحين منذ دخولهم الى الاردن وحتى خروجهم, على الحكومة ان تنظر الى كل المرافق الحيوية بالمدن واهمها الطرق ونظام السير بها والحركة على المنافذ وجودة الخدمات المقدمة من الفنادق والمطاعم والتاكسي والحافلات والمحلات التجارية وعمل برامج تسويقية لها ضمن ضوابط ومحددات تضمن للجميع الامان, لا بد من اعداد برامج تدريبية للسائقين وتثقيفهم على كيفية التعامل مع الاجانب ويفضل قصر هذه المهمة على شركات تكسي محددة مرخصة ضمن برنامج رقابي صارم مع تحديد الاسعار والاالتزام بها على سبيل المثال في دبي هناك برامج مشتركة ما بين الجامعات ووزارة السياحة والمكاتب السياحية وادارة السير والغرف التجارية و مكاتب التكسيات على تدريب السائقين ,العاملين في المطاعم والفنادق وهي ناجحة بامتياز, ما العيب في التعاون والاضطلاع على ما يقوم به الاخرين وبالذات دبي؟
 
اخيرا اقول حتى نكون منصفين لا بد من مصارحة انفسنا اننا نعاني من ازمة اجتماعية اخلاقية في التعليم ( الجامعات والمدارس) , الاسواق, الشوارع ,المناسبات الاجتماعية كل هذا سببه في انه اصبح ولاءنا وانتماءنا للانفسنا وعشيرتنا اولا ثم الوطن ثانيا فانتشرت الواسطة والرشوة مما فاقم من الجريمة لاننا فقدنا الوازع الديني والانساني واصبح هم الواحد فينا انا وبعدي الطوفان فانتشر الفساد في كل موسساتنا واصبح المعيار الاساسي للتعين والتوظيف وفي كل شيء هو معيار العنصرية والفئوية وليس الكفاءة والخبرة ولن يصلح الحال وينتهي هذا الترهل الا بالعودة الى مراجعة قيمنا على مستوى الاسرة والعائلة والعشيرة وصولا الى المنظمات الحكومية والاهلية ضمن قوانين صارمة تضمن مصلحة الوطن والمواطن على مستوى الفرد والعشيرة ومراقبة صارامة من قبل الحكومة والمؤسسات الامنية حتى تزول مرحلة التراخي والمحسوبيات بكل اشكالها , حمى الله وطني الاردن من كل شر واهلي وقيادتي ان هو السميع المجيب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد