من هو إسرائيل؟ وما هي اليهودية؟ وما علاقة إسرائيل باليهودية؟ والإجابة على هذه الأسئلة موضوع المقال يتبين أن إسرائيل ليس يهودياً، وأن تعاطي الكيان الصهيوني بهما يعتبر نوعاً من التزوير والخلط المتناقض.
البداية مع إبراهيم عليه السلام – فقد رزقه الله – سبحانه وتعالى- بإبنين هما ( إسماعيل، وإسحاق) كما جاء ذلك في قوله سبحانه وتعالى على لسان سيدنا إبراهيم – عليه الصلاة والسلام-:"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ"( سورة إبراهيم:39).
فأما إسماعيل– عليه الصلاة والسلام- فإن مما صح نقله في كتب التاريخ والسير والتفسير والأحاديث أنه وأمه هاجر بهما أبوه إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- إلى مكة المكرمة وأشار القرآن إلى هذه الحادثة بقوله - سبحانه وتعالى – على لسان إبراهيم – عليه الصلاة والسلام-:"رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ"(سورة إبراهيم:37). ولإسماعيل – عليه الصلاة والسلام- في القرآن الكريم العديد من المحطات منها معجزة ماء زمزم، وإحياء الوادي غير ذي الزرع بقدوم أول قبيلة عربية للبيت الحرام وهي قبيلة جرهم والتي عاش معها إسماعيل – عليه الصلاة والسلام- وأمه، وتعلم منها العربية، وقصة الذبح لما رأى إبراهيم – عليه الصلاة والسلام- في منامه أنه يذبحه، وفداه الله بكبش عظيم، ورفع القواعد من البيت، وغيرها، ومن ذرية نبي الله إسماعيل– عليه الصلاة والسلام- ولد خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمداً – صلى الله عليه وآله وسلم-.
وأما نبي الله إسحاق الإبن الآخر لإبراهيم – عليه الصلاة والسلام-، فهو أبو يعقوب– عليه الصلاة والسلام- حيث جاء ذكرهما بقوله تعالى حكايةً عن إبراهيم – عليه الصلاة والسلام- وزوجته:"وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ"(سورة هود:71).وأكتفي بهذه الإشارة لنبي الله إسحاق – عليه الصلاة والسلام- لاكتفاء الحاجة للبيان والارتباط في هذا المقال.
والآن مع "إسرائيل" فمن هو إسرائيل؟ الجواب: إسرائيل هو نبي الله يعقوب – عليه الصلاة والسلام-، وإسم إسرائيل إسم عبراني مكون من مقطعين(إيل: وتعني الله، وإسر: وتعني عبد) وكلاهما يعني"عبدالله" وقد ذكر الله - سبحانه وتعالى – إسرائيل في الكثير من الآيات منها قوله تعالى: "كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"( سورة آل عمران:93).
وإسرائيل (يعقوب) هو أبو نبي الله يوسف– عليه الصلاة والسلام- الذي سميت سورة في القرآن الكريم باسمه وقص القرآن علينا قصته كاملة من رؤياه لأحدى عشر كوكباً والشمس والقمر له يسجدون حيث أراد بالأحد عشر كوكباً هم إخوته الأحد عشر وهذا يفيد أن إسرائيل (يعقوب) كان له من الأولاد اثنا عشر ولداً وهم يوسف وإخوته، وقد سماهم القرآن الكريم بالأسباط في العديد من الآيات الكريمة فأينما وجدت لفظة " الأسباط" في القرآن الكريم تعني أبناء إسرائيل("يعقوب) وأين ما ورد في القرآن الكريم "بني إسرائيل" يراد بها غالباً أبناء إسرائيل( يعقوب) الأسباط الإثنا عشر، ومن هذه الآيات قوله - سبحانه وتعالى -:" وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"( سورة الأعراف:160). وحكايات بني إسرائيل كثيرة ومشهورة في القرآن الكريم.
وأما عن علاقة إسرائيل باليهود لا بد من معرفة المقصود باليهود فما المقصود باليهود؟ الجواب على هذا بحسب ما نقل من التعاريف والارتباطات المتعلقة بمصطلح (اليهود) أجملها بما يأتي: ( أنها نسبة لأحد أبناء إسرائيل وهو يهوذا، نسبة إلى اسم الأرض التي كان يسكنها بنو إسرائيل، نسبة إلى اللهجة التي كان يتكلم بها بنو إسرائيل، وغيرها من التفسيرات) وقد أصبحت مع تطور الأزمان تطلق على العقيدة التي يعتقدها الإسرائليون ومن دخل في معتقدهم من غير الأصل الإسرائيلي.
وبعد توضيح ما سبق، فما علاقة إسرائيل باليهود؟ إن مما أكده القرآن الكريم أن لا علاقة لإسرائيل باليهود كما أن لا علاقة لإبراهيم وإسماعيل وإسحاق والأسباط جميعهم باليهودية بل إن الله – سبحانه وتعالى- نفى أن يكون لهم ارتباط باليهود واليهودية ومن الأدلة القرآنية على ذلك قوله تعالى:" مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"( سورة آل عمران:67). فقد نفت هذه الآية عن نبي الله إبراهيم – عليه الصلاة والسلام- أن يكون يهودياً أو نصرانياً، وأما نفي اليهودية عن إسرائيل وأبنائه، وإسحاق وإسماعيل فقد ورد ذلك إنكاراً على من ادعاه في قوله تعالى:" أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "(سورة البقرة:140). ويفهم من سياق الآية أن اليهودية مصطلح مرتبط بالمعتقد لا بإسم شخص ولا بإسم أرض ولا لهجه بدليل أن الله – سبحانه وتعالى – قابل نفي اليهودية عن إسرائيل وإبراهيم وإسحاق والأسباط بجملة "حنيفاً مسلماً".
وأمة نبي الله محمداً – عليه الصلاة والسلام- مأموره بأن تؤمن بجميع الانبياء والمرسلين الذين ذكروا في القرآن الكريم والذين أخبرنا عنهم رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ويعتبر الإيمان بهم ركن من أركان الإيمان قال - سبحانه وتعالى -:"قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"( سورة البقرة:136).