أحداث سنة مضت وقليل مما قبلها بعيون عربية

mainThumb

02-01-2017 10:38 AM

لا يتسع المقام لذكر كل الأحداث التي ألمت بالعالم العربي ومرت به في عام 2016 الذي مضى كغيره من الأعوام التي سبقته، لكنه حمل في طياته وبين أيامه وشهوره ولحظاته وأسابيعه أحداثا جساما كان لها وقعها السيء على أجزاء من الوطن العربي وشعوبه؟  انظروا إلى حال العراق، والتفجيرات شبه اليومية التي تحدث فيه، والبعد الطائفي الظاهر في علاقة مكوناته بعضها ببعض، والتفكك على مستوى الدولة فيما بين الأكراد والشيعة الذي يتولون مقاليد الحكم في البلد، والمكون السني العربي، المرفوض شيعيا، والعمل على التخلص منه بكل السبل المتاحة.
 
فلسطين وقضيتها، تئن من جوانب عدة، فلا الأطراف الفلسطينية داخليا على وئام فيما بينها، والخلاف والخصام دأبها بالرغم من محاولات الصلح العديدة التي تبنتها أطراف عربية مختلفة. وهناك حكومتان واحدة في رام الله وأخرى في غزة، وخارجيا لم تكون ثمة محاولات جادة لاستئناف مفاوضات السلام مع الكيان الإسرائيلي والتوصل إلى حل الدولتين الذي ينادي به المجتمع الدولي، وحل مشكلة اللاجئين والمهجرين الذي يتعرض منهم لموجات قسرية أخرى من التهجير كما في مخيم اليرموك في سوريا.
 
سوريا، بلد ثورة السنوات الست حتى الآن ، بسط الدب الروسي الذي كشر عن أنيابه في ظل غياب الإرادة الدولية الجادة، والتراجع الأمريكي والأوروبي في حل المشكلة السورية، نفوذه وسيطرته على أجزاء واسعة منه، نعم على هذا الجزء الغالي من الوطن العربي ليبرهن للعالم أنه ما برح قوة عالمية عظمى يحسب لها حساب بالرغم من الوهن الذي أصابه وحليفه الإيراني واستنزافهما عسكريا واقتصاديا، كما النظام في ذلك البلد الذي نالت منه الحرب ومن الشعب السوري الكثير نتيجة الثورة التي مع الأسف لم تحقق ما كان الشعب يرنو إليه من الحرية والخلاص من ديكتاتورية تمتدلعشرات السنين.
 
لم يكن لبنان أفضل حالا، فقد بقي منصب الرئاسة فيه شاغرا لمدة ليست قصيرة في عمر سنوات الحكم، بسبب تعنت أحد أطرافه ومصلحته في بقاء سدة الحكم فارغة، ودون وجود حكومة حقيقية تقوم على تصريف شئون الدولة وفقا للدستور والأحكام والأنظمة المرعية هناك، على أن للبنانيين أن يحلموا بدولة قانون تقوم محل الحزبية والطائفية التي كرسها بعض الجهات فيه لخدمة أغراضهم فحسب، ومخططاتهم الإقليمية وفقا للدور الذي تم تفصيله لهم.
 
ليبيا في ماضيها شكلت علامة فارقة في محيطها العربي، بالنظر لمقتل رئيسها نتيجة الثورة التي لم تكن ثورة بالمعنى الحقيقي للكلمة بالنظر لوجود قوى عالمية لها نفوذها هي من لعب الدور الرئيس في إسقاط نظام القذافي، ليس بسبب امتلاك أسلحة كيماوية والسعي لامتلاك أسلحة نووية كما قيل، بل هو نظام مبرمج لتدمير البنية التحتية الليبية، وتشغيل ماكينة الصناعة الحربية التي تشهد تطورات متسارعة وتصنيع أسلحة أكثر فتكا من الأجيال التي سبقتها، والأكثر من ذلك، ما يقال عن أن الرئيس القذافي كان يعمل على إصدار عملة إفريقية مغطاة بالذهب تكون بديلا عن الدولار الورقي الأمريكي، والفرنك الفرنسي في التعاملات المالية في الدول الإفريقية.
 
اليمن بدوره لم يسلم من الفتن، بفعل الأيادي الخفية التي لا تريده مكملا لأخوته وجيرانه من دول الخليج العربي، بل يريدون له أن يكون شوكة في خاصرة هذه الدول والعمل على استنزافها قدر الإمكان.  وكان لهؤلاء في جماعة الحوثيين وحلفاءهم في الداخل ضالتهم التي عملت على تنفيذ مؤامراتهم ومخططاتهم بالطريقة التي أرادوها وخططوا لها من خلال الانقلاب على النظام الشرعي والتحالف مع قوى إقليمية لا تريد سوى الشر لشعوب المنطقة.
 
أما القائمون على الإرهاب، فلم يتركوا مدخلا ممكنا إلى حيث يمكن القتل إلا وأقبلوا عليه، دون وازع ديني يثنيهم عن ذلك، ديدنهم التجرد من كل القيم الإنسانية والأخلاقية التي تميز الإنسان عن غيره من الخلائق، فوجهوا سهام حقدهم الدفين على كل ما أتاحته لهم أيديهم الآثمة في أكثر من دولة عربية، كان آخرها في البحرين وقت كتابة مسودة هذا المقال، وقبلها في مدينة الكرك في الأردن الذي سيبقى بقيادته الهاشمية ووعي شعبه، كما كل بقاع العالم الإسلامي، عصيا على كل المؤامرات التي تحاك ضده من قبل قوى الشر والطغيان.
 
المثير فيما سبق، أن ثمة عنصرا دخيلا كان له دور كبير في اختلاق المشاكل في معظم البلاد العربية، وهي الدولة الإيرانية التي تعمل دون هوادة وبلا كلل على التدخل في الشأن العربي حيثما أمكن لبسط سيطرتها وفكرها ونفوذها، واستعادة أمجاد الدولة الصفوية والفارسية التي ولت إلى غير رجعة ولن تقوم لها قائمة مرة أخرى، مدفوعة بذلك بالاستناد إلى الاتفاق النووي مع الدول الغربية التي بات من الواضح أنها تساند المشروع الإيراني في المنطقة، وإلصاق تهمة الإرهاب بأهل السنة والجماعة، والأدلة على ذلك متعددة معروفة.
 
ويبقى السؤال، هل يشهد العام الجديد تحولا جادا في الموقف الأمريكي من قضايا المنطقةوالذي تراجع كثيرا في السنوات القليلة الماضية، ليس في منطقتنا فحسب بل على الساحة العالمية أيضا؟ وهل يتم وضع حاد للتمرد الإيراني والطغيان الروسي، وإعادتهما إلى حجمهما الحقيقي في عهد الرئاسةالترامبية، أم يبقى الوضع كما هو عليه، ويسير من سيء إلى أسوأ؟  بدأ عام 2017، ولا يلبث أن ينتهي كغيره مع أشهره الاثني عشر، ولا نملك إلا أن ننتظر ما هي الأحداث التي سيشهدها، وهل يسير بنا إلى حال أفضل أم على خلاف ما نشتهي ونتمنى؟ لننتظر ونرى.
 
كاتب ومحلل سياسي
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد