القمة العربية المقبلة والآمال المبنية عليها

mainThumb

15-03-2017 10:51 AM

تعقد القمة العربية المقبلة بعد أيام قلائل بعهدة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين الذي يولي الأردن بقيادته اهتماما خاصا بنجاحها بالنظر لانعقادها في ظروف بالغة الأهمية بالنسبة للوضع العربي العام، الذي شهد تقلبات عديدة، وفراغات أمنية وثورات في أكثر من قطر من أقطار الوطن العربي الذي كثرت فيه أطماع أطراف إقليمية أكثر مما كان عليه في وقت من الأوقات، لولا ذلك الحلف الذي كشر عن أنيابه لمواجهة الغطرة الصفوية في اليمن تحديدا، بجهد فاعل لدول عربية وإسلامية عديدة تنطلق من المملكة العربية السعودية لكبح جماح المخطط الإيراني فيالتوسع الذي امتد وشارك في العمل على إثارة القلاقل وزعزعة الاستقرار في أكثر من دولة عربية معروفة للجميع.
 
ومما تجدر الإشارة إليه أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني يحرص كدأبه دوما على إنجاح مؤتمرات القمة العربية، كيف لا وهو أحد الأعضاء المؤسسين لجامعة الدولة العربية، وجعل من عمان مقصدا لا يستغني العرب كلهم عنه لحنكة قيادته في العمل على رأب الصدع بين مختلف أطياف الأمة الواحدة، ومحاربة أعدائها ووقوفه صفا واحدا مع أخوته في الملمات التي يتعرضون لها.
 
نعم يأتي حرص الأردن على النجاح المميز المنتظر للقمة العربية المقبلة، كما كان عهده في القمم السابقة التي عقدت برئاسة المغفور له بإذن الله الملك حسين بن طلال.  ويأتي في هذه المقام، ذكر قمة الوفاق والوفاق التي عقدت في عمان عام 1987 والتي أتت في الوقت الذي كانيتعرض له العرب عموما لانتكاسات عديدة، وشهد تراجع الاهتمام الدولي بقضية العرب الأولى، قضية فلسطين، والاضطهاد المتواصل للشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الحرب الإيرانية العراقية التي استنزفت كثيرا من مقدرت الأمة آنذاك، ومن هذا المنطلق جاءت دعوة الملك حسين الصريحة في ذلك الوقت بضرورة لم الشعب العربي، ودعم الشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل حريته وإقامته دولته وعاصمتها القدس الشريف وإعادة اللحمة ثانية للجسد العربي الواحد، وكان من البارز أيضا في تلك القمة عودة عضوية مصر في الجامعة العربية، ولعب الدور المتوخى منها في كل الأوقات.
 
التاريخ يعيد نفسه الآن بعد مرور هذه السنوات القصيرة والطويلة في آن وذلك بعد مزيد من الأحداث التي ألمت بالعالم العربي في جزأيه الإفريقي والأسيوي، بل غدا العالم العربي على مفترق طرق يكون فيه أو لا يكون، لما يحيط بها من مؤامرات من دول تعد نفسها شقيقة وصديقة لهم، وهي أبعد من ذلك بكثير.
 
نعم في خضم الكثير من الأحداث تأتي قمة عمان الثانية التي نصبو ونرنو ونتفاءل لأن تكون الحضن الدافئوقمة وفاق واتفاق أخرى تعيد القضية الفلسطينية إلى دائرة الاهتمام الدولي، وتؤكد على حل الدولتين، بعد تصريح إدارة الأمريكية الجديدة بأنه ليس الحل الأمثل وليس الوحيد لحل المشكلة الفلسطينية، والتصريحات المتعلقة بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف التي لا بد من أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المنتظرة.  ومن هنا أتى تأكيد جلالة الملك عبد الله الثاني على حل الدولتين خلال زيارته مؤخرا إلى جمهورية مصر العربية.  نعم نتطلع لأن تكون قمة عمان قمة لحل المشاكل العربية ووأد المخاطر التي تهدد أكثر من قطر فيها، والتمهيد على الأقللتضامن عربي فاعل يعمل على درء الأخطار المحيطة بالأمة، وعلى رأسها المشاكل التي تعصف بالعراق، وليبيا وسوريا واليمن وغيرها.
 
نعم نراهن على أن تكون قمة عمان أساسا لعودة التضامن العربي، وإنهاء الانقسام في أكثر من دولة عربية، لاسيما  فيما يتعلق بمحاربة الفكر المتطرف،وحل المشكلة السورية التي عانى شعبها ويلات القتل والتشريد والجوع، من أجل غد أفضل للشعب السوري يمكن من عودة المشردين، وبناء مقدرات الدولة من جديد لتكون عضوا فاعلا في الجسد العربي، ولجم المخططات الإيرانية والإسرائيلية وأطماعها التوسعية في الأرض العربية.
 
وهكذا، فإن الأردن، وبحكم كونه عضوا مؤسسا في الجامعة العربية، وقربه من القضية الفلسطينية، وإحساسه بالخطر الدائم الذي تشكله دولة الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني خصوصا والشعوب العربية عموما، واستشعار جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين للخطر الصفوي من خلال تصريحه الشهير حول الهلال الشيعي الذي يعمل الملالي في قم وطهران على إقامته، وبحكم إشراف الأردن أيضا على المقدسات الإسلامية في بيت المقدس، وعمله الدائم على درء الأخطار الإسرائيلية التي تحيط بها، لقادر على لعب ذلك الدور الرئيس في إعادة لم الشمل العربي، ووضع اللبنات التي تشكل لانطلاقة مشرقة نحو غد غربي أفضل يعمل على تحقيق التكامل والتضامن بين الشعوب العربية من جديد، وهذا هو منطلق الإيمان بأن تكون قمة عمان المنتظرة قمة الوفاق والاتفاق العربي المتجدد.
 
كاتب ومحلل سياسي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد