(ابو قرون ياصلن المحزم .. )

mainThumb

22-04-2017 01:27 PM

 الشعر النبطي يمارسه كثير من العرب ، وهو قديم حتى ذكره المؤرخ التونسي ابن خلدون ، وذكر أنواعا له منها : الحوراني ، و الهلباوي ... الخ .

 
ونحن - والحمد لله - من انصار الفصيح ، ولكن البيئة التي حولك تملي عليك معرفة هذا النوع من التراث الشعبي .
 
ولا أنكر أن هذا الشعر النبطي يحتوي على صور رائعة ويحفظ لنا قصصا تاريخية مؤثرة ، وهو أصدق عاطفة واطرب للقلب من كثير من تقيئات الحداثيين الذي يسمونه الشعر الحديث .
 
فأصبح الرائج في الجامعات والسائد بين أنصاف المثقفين هو هذا الحداثي ورموزه هم الادباء والشعراء !!!
 
واستحضر قول الأول :
 
لقد هزلت حتى بدا من هزالها 
......كلاها ؛ وحتى سامها كل مفلس .
 
وهناك قصيدة نبطية لشاعر إسمه ( مشعان الهتيمي ) كان في أواخر القرن الثالث عشر الهجري وهو من ( نجد ) ، ولم يحفظ لنا الرواة كثيرا من سيرته الا النزر اليسير كما أشار إلى ذلك من تحدثوا عنه .
 
وله قصيدتان شاع فيهما الغزل العفيف ، وقد راقني شعره في قصيدته التي مطلعها :
 
يقول مشعان الهتيمي تفلهم 
...... قاف رجس بين الضلوع المغاليق .
 
فقد جاء في هذه القصيدة أبيات ترفل في ملاءة النسيب الذي يذكرنا باساطين الغزل العذري امثال ( ابن الملوح ، و جميل بثينة ، وكثير عزة ... ) .
 
ونختار منها :
 
خلي طواني طية الثوب أبو كم
...... ونا طويته طي بير المرازيق .
 
ابو قرون ياصلن المحزم
...... يشرب بها العطشان من ما بريريق 
 
ليته سقاني من شفاياه يا عم 
...... من ميسم ما شفته الا تراميق 
 
من مبسم يضفي عليه اللثيم
...... وتضفي عليه الفرده أم العشاريق 
 
ريقه حلا من در بكر ترزم
...... اليا سلهمت لوليدها بالتفاهيق .
 
فهو في البيت الأول يصف فعل المحبوبة به كطي الثوب ذي الكم ، ولا أعلم ما سبب اختيار الثوب أبي كم بالذات ؟!!
 
ولعلي استشف ان الثوب هو رمز الستر والجمال ولذلك اختار الثوب الكامل ذا الكم لأنه أبلغ في الستر والجمال أيضا .
 
والمرأة هي المختصة بالثياب وطيها و غسلها ... فهي الخبيرة في ذلك ؛ فقد فعلت به كما تفعل بذاك الثوب الذي هو من اختصاصها .
 
فالثوب ستر للمرأة وعفة لها وخاصة اذا اكتملت أجزاؤه .
 
وهو طواها ( طي بير المرازيق ) والآبار من اختصاص الرجال ، وهو من افعالهم واعمالهم .
 
فهي مصدر حياته ، كما أن البئر وماءه مصدر حياة الناس .
 
والثوب مذكر فهو الانسب لانوثتها ، والبئر مؤنث وهو أنسب لرجولته !
 
ثم ينتقل في البيت الثاني والثالث والرابع و الخامس إلى أوصاف المحبوبة ؛ ففي البيت الثاني يصف طول شعرها حيث يصل إلى خصرها الذي هو موضع الحزام ، وطول الشعر من صفة الجمال في النساء .
 
فهي مصدر الري له ، كأنه يشرب من ماء الابريق المبرد ، وهذا يذكرنا بالبئر  ومائه في البيت الاول .
 
فالري والسقيا مجرد تمني ، فهو لا يصل إليها لظروف لم يذكرها .
 
ثم يصف جمال مبسمها الذي لم يره الا  اختلاسا ( تراميق ) .
 
وهذا المبسم مختف وراء اللثام ، ويشرف عليه نوع من  الحلي تكون في الأنف وهي ( الفرده ) تكون من الفضة وهي من حلي الاعرابيات ويسمى :  الشناف .
وهذه الفرده نعتت بالعشاريق ، وإن لم تخني المعاني ، فالمقصود أن هذه الفرده وإن كانت من الفضة الا أنها مجاورة لمكان ( الوشم ) الذي تصنعه البدويات حول المبسم والأنف فلذلك نسبت الفرده  إلى العشاريق وهو اللون الأخضر - والله اعلم - 
 
ثم في البيت الأخير يصف ريقها أنه أحلا وأطيب من حليب ناقة فتية ، وهي ( البكرة ) حين تحن وتتودد لابنها الصغير ...


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد