الغربة الأليمة .. ‎

mainThumb

09-10-2017 10:41 AM

ابتعاد المغترب عن وطنه وأهله وأقاربه ، يسبب له موجات من الشوق والشجون واللوعة ... ؛ فالنفس البشرية تتشبث بأرض الآباء والأجداد ، وتتعلق بالناس الذين ألفتهم وعايشتهم واعتادت عليهم منذ الولادة ...

 
ولكن ورغم الألم الشديد الناجم عن غربة البعد عن الأهل والخلان والأوطان ... فهناك غربة هي أشد ايلاما من غربة البعد عن الأهل والخلان والأوطان  ... ألا وهي : غربة الفكر والثقافة والمعتقدات والتوجهات والأهداف والهموم ...
 
فاذا اجتمعت الغربة عن الأهل والخلان زالأوطان مع غربة الفكر والثقافة والمعتقدات والتوجهات والأهداف والهموم ... ؛ فعندها سيعيش المغترب حقبة قاسية من حياته وسيعاني كل أنواع الألم والسقم والمرارة  ...
 
والغربة الأليمة موجودة في حياتنا ... والامثلة عليها كثيرة  ؛ فكل إنسان جاع ومرض وتشرد وهو لا زال بين أهله وفي وطنه ؛ ولم يجد من يطعمه ويعينه ويسعفه ؛ تجرع المرارة العظيمة للغربة الأليمة ...
     
وكل إنسان اشتكى واستغاث وصرخ ونادي مرارا وتكرارا ... ؛ وملايين من العرب يستمعون لصراخه ، ومليار من المسلمين يرقبون نداءآته ؛ ولم يبادر أي منهم لمد يد العون له ، ولنجدته ونصرته ؛ تجرع مرارة وأوجاع الغربة الأليمة ...
       
 
ومن الأمثلة على الغربة الأليمة  : غربة أصحاب الرسالات السماوية في مجتمعات الباطل والظلالة والظلمة ... ؛ وغربة العلماء والمفكرين في مجتمعات الخرافة والظلمة والجهالة ؛ وغربة القلوب البيضاء والنقية في المجتمعات الآسنة والملوثة ...  ؛ وغربة الكريم السخي بين عباد الدرهم والدينار ... ؛ وغربة المقدام الأبي بين  من استمرأوا الخنوع والجبن والذلة ...
  
الف سنة من الغربة الأليمة عاشها نوح عليه السلام مع قومه وزوجه وولده ...ولا ننسى الغربة الأليمة القاسية والتي عاشها محمد عليه الصلاة والسلام مع جاهلية وانحرافات قومه .... ؛ وغربة ابراهيم الخليل مع أوثان أبيه وأصنام قومه ؛ وغربة لوط عليه السلام مع كفر زوجته وشذوذ وانحرافات قومه ؛ وغربة موسى عليه السلام مع طغيان فرعون ، ومع سفاهة وجهالة قومه ...
       
كل الرسل والانبياء والدعاة المخلصين ؛ تجرعوا مرارة الغربة الأليمة في كل يوم من حياتهم ، وكانوا في صدام دائم مع عباد الهوى وأولياء الشيطان ... 
 
والمسلم المخلص لدينه والصادق مع ربه في هذا الزمان ، سيعاني كل أوجاع ومرارة الغربة الأليمة ؛ وسيجد نفسه غريبا ومنبوذا في مجتمعه  ....
 
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا ؛ فطوبى للغرباء ...


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد