ترامب يتحرّش بالقدس - هشام ملحم

mainThumb

07-12-2017 08:59 AM

 قرار الرئيس دونالد #ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وإعلانه عن عزمه نقل السفارة من تل أبيب الى #القدس لاحقاً، وهو قرار انقلابي يقوض سياسة اميركية عمرها سبعون سنة، يؤكد مرة اخرى انه لم يأت ليبني، بل ليخرب، لم يأت ليطور، بل ليعطل. وكأن ترامب يقوم بمهمة أوكلها لنفسه ليكون نقيض اسلافه، ليضرب العرف بظهر الحائط، وليلطخ تقاليد سياسية وثقافية عريقة، لمجرد انه قادر على ذلك، ولانه نرجسي يتلذذ بجلب الاهتمام الاعلامي لشخصه، بغض النظر عن سبب الاهتمام الذي يمكن ان يكون اهانة المؤسسات والتقاليد الديموقراطية مثل القضاء المستقل والاعلام الحر، أو التبجح والتضليل والكذب، او التفاخر بغزواته الجنسية واساليبه المقززة بالتحرش بالنساء. 

 
 
لا يوجد هناك أي مبرر، أو سبب منطقي أو عقلاني او عملي يفسر هذا التدخل السافر والأحادي الجانب من رئيس اميركي جهله بتعقيدات النزاع بين الفلسطينيين واسرائيل فضائحي، وخصوصاً مقارنة بأسلافه مثل بيل كلينتون وباراك اوباما. هذا التدخل العبثي يأتي في وقت تستمر فيه نيران النزاعات الدموية وحروب الوكالة بالتهام منطقة تمتد من شمال افريقيا الى بحر العرب. وآخر ما تحتاجه هذه الارض المحروقة الى حد كبير هو أن يساهم الرئيس الاميركي بحرقها أكثر، من خلال الادعاء بأن موقفه من القدس يزيل الغموض عن الموقف الاميركي ويساهم في تقريب ما يدعيه "الصفقة التاريخية" بين الفلسطينيين وإسرائيل. الرئيس النرجسي يرى في كل شيء صفقة محتملة يمكن ان تفيده. موقف ترامب من القدس يعني انه يريد ان يكون الشخص الذي تسبب بالحريق والإطفائي في الوقت ذاته، وهذا مستحيل. استنئناف المفاوضات لا يأتي بعد ان يقرر رئيس اميركي بمفرده مصير القدس، وهي من أهم محاور النزاع بين الطرفين، اضافة الى اللاجئين والمستوطنات والحدود. قرار #ترامب قرار وحيد ويتيم: لم يؤيده فيه أي قائد في المنطقة أو العالم. حتى نتنياهو اكتشف حسنات الصمت. وكثيرون حذروا من الغضب والعنف الآتيين.
 
المسؤولون الاميركيون يدّعون أن ترامب ينفذ وعداً قطعه لأنصاره وتحديداً المسيحيين واليهود المتشددين، وكأن مضاعفات تنفيذ الوعد لا تعني شيئاً، وكأن الوعد بحد ذاته منصف. نعلم ان وزيري الخارجية والدفاع ريكس #تيليرسون وجيمس ماتيس يعارضان القرار الذي يدعمه نائب الرئيس مايك بينس مدعي التقوى والمغالي في مسيحيته الانجيلية، وممثلة #واشنطن في الامم المتحدة نيكي هايلي ذات الطموحات الرئاسية.
 
أوصل ترامب أميركا بعد سنة من انتخابه الى نفق مظلم. هذا رئيس دولة عظمى يؤيد وحزبه الجمهوري انتخاب مرشح لمجلس الشيوخ متهم بالتحرش بقاصرات. أَونسأل عن القدس؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد