ساعة الفجر

mainThumb

19-01-2018 02:21 PM

استنفر الجميع في البيت على هزيم صوت الأب المرعد وهو ينادي على الأبناء غاضباً:
 
" تأخر الوقت يا مناكيد، هيا انهضوا كي تدركوا مواعيد الحافلات التي ستقلكم إلى أعمالكم، كل الحق على والدتكم المنشغلة بالصلاة! هيا يا كسالى"..
 
أثناء ذلك الإعصار الذي باغت نومهم في غرفهم المنتشرة على جانبي الممر المؤدي إلى غرفة المعيشة، كانت هواتفهم النقالة قد أخرسها رنين هاتف الأب الذي صحا مفزوعاً وكأن شقته بوغتت بفيضان.. وهو يدوي بنغمة قبيحة في أرجاء البيت الذي عمت أرجاءه الفوضى.. فقد تحول إلى خلية نحل، وفي لحظات كان باب الشقة ينطبق خلف آخر العنقود من أبنائه وهو يودع والده باستعجال حتى اختفى صوته بعد أن خرج من بئر السلم إلى الشارع.. وكان صاحبنا وهو ينهي حلاقة ذقنه يصب جام غضبه على زوجته التي أنهت صلاتها للتو:
 
" كل هذا الوقت تقضينه في الصلاة دون أن تنبهي الأولاد إلى رنين ساعة هاتفي!؟ لقد تأخر الشباب عن دوامهم".. 
 
واستدار قبل أن تجيبه إلى حيث فُتِحَ بابُ الشقة الخارجي فجأة.. فإذ بآخر العنقود يهز رأسه كاتماً غضبه، بينما أمه تعلق بأعلى الصوت معاتبة زوجها الذي بدا وهو يدور في أرجاء البيت أشد إنهاكاً:
 
" هاتفك رن على الثامنة صباحاً، بينما الساعة الآن لم تتجاوز السابعة، حتى أنني لم أجهز شرائح الجبن بعد! فقد خرج أبناؤك مبكرين دون تناولهم لوجبة الإفطار!! وسوف يعودون".. 
 
فبلع الأب ريقه متلعثما، وأخذ يشنف أذنه التي لسعها البرد القارص إلى دبيب أقدام أبنائه وهي تصعد الأدراج بتثاقل في بئر السلم.. وكان قبل ذلك قد ترك باب الشقة مفتوحاً وهو يجر أذيال الخيبة إلى الأريكة التي استلقى عليها متهالكاً، فيتمتم آسفاً:
 
" فعلاً العجلة من الشيطان" 
 
وكانت ضحكات أبنائه وهم يتحلقون حول ما أعد من طعام على المائدة تداهمه، بينما أحدهم ينادي ممازحاً:
 
" أوقعت نفسك معنا يا أبتي، قلنا لك مراراً وتكراراً بأن تريح نفسك من وجع الرأس، لتترك هذه المهمة المتعبة لوالدتنا"..
 
في هذه الأثناء كان الأب يغوص مسترخياً في التغافي وكأن الوقت اللاهث لم بتجاوز بعد ساعة الفجر.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد