القطاع الزراعي الأردني إلى أين؟

mainThumb

24-01-2018 01:55 PM

يعدّ القطاع الزراعي واحدًا من أهم القطاعات في الدول والمجتمعات، وهو الركيزة الأساسية للتنمية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وفي الأردن يشكل المصدر الرئيس لدخل نسبة عالية من القوى العاملة، ويفترض أن يكون المصدر الرئيس للغذاء والأمن الغذائي، ونظرًا لاتساع هذا القطاع الحيوي وحجم تداخلاته مع باقي القطاعات الوطنية الأخرى التي تشكل دعائم الاقتصاد والتنمية، فينبغي أن تبدي الحكومة حرصًا أكبر على دور الزراعة التنموي وفي المستويات كافةً ولا سيما المتعلقة بالأمن الغذائي وصحة المواطنين، وسلامة البيئة، وليس من المقبول عدم دعم القطاع الزراعي في ظل محدودية الموارد، لتوظيف الاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية، وتوليد فرص العمل، ونمو الصناعة، وزيادة الصادرات، وتنمية الاعتماد على الذات، وخفض الميزان التجاري الزراعي، وتحقيق متطلبات التنمية المستدامة. 
 
يزداد الاهتمام بهذا القطاع في هذه المرحلة في ظل ضعف النمو الاقتصادي الوطني وضعف الدعم الخارجي والمديونية العالية وعجز الموازنة، والسياسات الحكومية الرامية إلى تحسين أداء الاقتصاد عن طريق معالجة النمو الاقتصادي وتقليل المديونية وزيادة الصادرات وتحسين فرص الاستثمار، والذي بدا واضحًا من مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2018م الذي حظي بموافقة مجلس النواب الأردني، مما يتطلب حرصًا أكبر من الحكومة على دور هذا القطاع  في التنمية،  لكن سياسات الحكومة وقراراتها التي تقود   لرفع الضرائب على مدخلات ومخرجات القطاع الزراعي في ظل ضعف الفرص التصديرية لهذا القطاع إلى دول المحيط العربي والإقليمي، وإلغاء الحماية الجمركية للسلع الزراعية، وارتفاع كلفة مستلزمات الإنتاج على المزارعين، والقيود المطبقة على العمالة الزراعية وتعاظم المخاطر الزراعية، وتعرض المزارعين للخسائر، يؤكد أننا أمام مشكلة كبيرة وتحدٍ كبير واضح لاستدامة هذا القطاع وإسهاماته الوطنية في التنمية الشاملة.  
 
لقد ساعدت عوامل متعددة على عزوف العديد من المزارعين عن العمل في قطاع  الزراعة، من أهمها: نسبة المخاطرة العالية وضعف التأمين الزراعي لتعويض المزارعين عن الخسائر، وضعف برامج التمويل وعدم مرونة سداد القروض، فنجد كثيرًا من المزارعين مطلوبًا للتنفيذ القضائي بسبب خسائرهم في الإنتاج الزراعي، إضافة إلى المنافسة الحادة في السوق نتيجة فوضى الإنتاج التي تؤدي إلى إغراق السوق ببعض المنتجات المحلية أو المستوردة بشكل يفوق الاحتياجات الحقيقية، الأمر الذي يستدعي ضرورة تنظيم القطاع الزراعي إنتاجًا وتسويقًا وحمايةً، كما أن عدم قدرة المزارع الأردني على الاستمرار في مجال الإنتاج الزراعي في ظل هبوط أسعار المحاصيل الزراعية وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وظروف التسويق وغيرها. ولا شك في أن مثل هذه الصعوبات وغيرها دفعت العديد من المزارعين الأردنيين إلى هجر الأرض والزراعة، مما يتطلب توفير سبل ومتطلبات دعم المزارعين وتشجيعهم على الإنتاج . 
 
وفي ضوء الموازنة العامة للعام 2018م، والقرارات الحكومية المتعلقة بالضرائب والواقع الزراعي وتحدياته، فإننا نؤكد ضرورة معالجة تحديات هذا القطاع الحيوي بشكل شامل، من خلال الإفادة من الاقتراحات الآتية:
 
إعداد خطة وطنية شاملة للنهوض بالقطاع الزراعي، بمشاركة واسعة من الجهات والفعاليات والنقابات والجمعيات التي تُعنى بالقطاع وتحديد المسؤوليات لتفعيل الشراكة بينهم.
 
تشكيل المجلس الزراعي الأعلى وتنظيم أدوار الشركاء؛ للمساهمة في تطوير القطاع الزراعي الأردني ومعالجة مشكلاتة على أساسٍ من التعاون وتحديد الأدوار والمهام.
 
 تنفيذ مشروعات زراعية إستراتيجية كبرى؛ لتخفيف أزمة الغذاء وآثاره على المجتمع ، وتسهم في تخفيف الاعتماد على الاستيراد، بما يعزز نمو الاقتصاد وتنشيط القطاعات الاقتصادية الأخرى.
 
تطوير السياسات الزراعية الرسمية وتفعيل الإجراءات الكفيلة لتطبيقها بما يكفل توفير الحماية للقطاع الزراعي ورعايته.
 
توفير دعم حكومي لإعفاء مدخلات ومستلزمات الإنتاج الزراعي الوطني، والمنتجات الزراعية الوطنية التصديرية من الرسوم والضرائب المختلفة.
 
التشجيع والدعم الحكومي للصناعات الزراعية، والبحث عن بدائل لتصنيع الخضراوات مثل البندورة في الدول المجاورة تلافيًا للاختناقات التسويقية.
 
تشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي الذي يعدّ أقل القطاعات الاقتصادية اهتمامًا من قبل المستثمرين، إذ إنه لا يحظى برعاية رسمية ودعم حكومي كالقطاعات الأخرى.
 
تطوير مصادر المياه من خلال زيادة السدود على الأودية، والاستفادة من مياه الأمطار وعمليات حصادها، و تحسين كفاءة الري، بالإضافة إلى أهمية استغلال المياه الجوفية، والإفادة من المياه المعالجة بشكل علمي ومدروس .
 
زيادة إنتاج الحبوب والمحاصيل الحقلية المستوردة، وذلك  بتشجيع زراعتها وتقديم الحوافز لمزارعيها.
 
حماية الأرض الزراعية واستغلالها، من خلال سن التشريعات الزراعية وتطبيقها.
 
التوسع في زراعة الأعلاف واستغلال الأراضي قليلة الأمطار خاصة التي تزيد معدل الهطول المطري فيها على 150 ملم سنوياً.
 
الإفادة من ميزة الإنتاج المبكر للخضار والفواكه في منطقة الأغوار المعتمدة على الري لغايات التصدير في مواسم مختلفة.
 
تنظيم عملية تسويق المنتجات الزراعية وتصديرها إلى أسواق جديدة.
 
توظيف التكنولوجيا والدعم والتسهيلات الزراعية ونتائج الدراسات العلمية والإرشاد، بهدف زيادة المنتجات الزراعية وتحسين جودتها وفق المعايير العالمية .
 
التوسع في مجالات زراعية تناسب البيئة الأردنية، والنباتات قليلة المتطلبات المائية، وزراعة النخيل، وإنتاج الأسماك، وأزهار القطف، والنباتات الطبية والعطرية، وتشجيع  توظيف أساليب حديثة في الزراعة : مثل الزراعة  المائية والزراعة بدون تربة.  
 
إنشاء جمعيات إنتاجية واستهلاكية تملك الأجهزة والمعدات الزراعية الحديثة، لتقديم خدمات للمزارعين بأسعار تشجيعية.
 
معالجة التحديات المتعلقة بالعمالة الزراعية وأبعادها الاجتماعية والإنسانية .
 
وختامًا نعتقد بأهمية إعادة الاعتبار لهذا القطاع الذي يمثل أهم ركائز الاستقرار والأمن  الاجتماعي في المرحلة القادمة وهذا ما يحتاجه الوطن، وعليه لم يعد ممكنًا إغفال هذه الجوانب وإلا تعرض المجتمع إلى ضغوط اقتصادية واجتماعية لا تحمد عقباها، بل لا يمكن السيطرة عليها أو التنبؤ بنتائجها في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن والوطن في الوقت الراهن.
 
حمى الله الأردن .                                 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد