عهد التميمي تشعل النيران في المشهد الثقافي الإسرائيلي

mainThumb

28-01-2018 09:23 AM

 تحليل ثقافي

ما الذي أزعج ليبرمان من قصيدة الشاعر الإسرائيلي التقدمي يهونتان بن جيفن!
 
قبل نكبة فلسطين عام 1948 كان لدى اليسار الفلسطيني بجناحيه اليهودي والعربي مشروعاً لإقامة دولة ثنائية القومية وهو الحزب الذي كان يضم في صفوفه الشاعربن الفلسطينييين محمود درويش وسالم جبران؛ ولكن بعد احتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية وانضمام اليسار بجناحه اليهودي للمشروع الصهيوني فإن رموزه الإسرائيلية وإن غردت خارج السرب الصهيوني أحياناً فهي لا تنأى بنفسها عن أهداف المشروع الصهيوني المتمثل بالكيان الإسرائيلي وهويته الدينية اليهودية خلافاً لرؤية كارل ماركس الفكرية تجاه الأديان.. وفي المحصلة فإن هذا الأمر لا يمنع من حدوث إسقاطات سياسية في الخطاب الثقافي لليسار الإسرائيلي ببعده الإنساني من شأنها أن تفضح جوهر النظام الصهيوني العنصري من خلال الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ومخاطبة هذا الكيان العنصري بالمحتل واتهامه بالنازية الفاشية، حينما يتفاعل أحد رموز ذلك اليسار الإسرائيلي وهو الشاعر الإسرائيلي التقدمي يهونتان بن جيفنمع مع قضية الطفلة الفلسطينية المعتفلة عهد التميمي، فيشبه سلوكيات الكيان الإسرائيلي بالنازية من خلال تشبيه الأسيرة الفلسطينية عهد التميمي باليهودية الهنغارية حنا سانش، وهي شاعرة ومناضلة ضد التفرقة العنصرية، اعدمها النازيون. بالإضافة إلى اليهودية الهولندية آنا فرانك، التي كتبت مذكراتها اثناء الكارثة اليهودية إبان الحكم النازي وماتت وبقيت مذكراتها شهادة على الواقع المخيف للكراهية الاثنية وجرائم الاحتلال والحرب!! 
 
لذلك ثارت حفيظة اليمين الإسرائيلي إزاء هذه القصيدة الجميلة التي ترجمها إلى العربية الشاعر الفلسطيني نبيل عودة ونشرت في صوت العروبة، إلى درجة ان وزير الأمن الإسرائيلي افيغدور ليبرمان أمر قائد محطة إذاعة الجيش، بالتوقف عن بث أغاني الشاعر العبري يهونتان غيفن أو إجراء لقاءات معه، في أعقاب قصيدته عن عهد التميمي .
 
لكن المستشار القانوني للحكومة، أبلغ ليبرمان بأنه لا يملك صلاحية التدخل في مضمون البث الإذاعي في المحطة، ورداً على ذلك أعلن ليبرمان رفضه لموقف المستشار بشكل قاطع، وقال:
 
“إن ما يوجهني هو قانون العقل المستقيم الذي يتغلب على كل توجيه بيروقراطي”.
 
يقول الشاعر الإسرائيلي التقدمي يهونتان بن جيفن في قصيدته التي اثارت موجة غضب اليمين الفاشي .. وغير الفاشي في الكيان الإسرائيلي المحتل:
 
"بنت صغيرة وجميلة بالسابعة عشرة قامت بعمل مخيف
 
حين قام ضابط إسرائيلي جميل
 
بالولوج الى بيتها مرة أخرى
 
وجهت له صفعة
 
هي ولدت داخل هذا الواقع وبصفعتها تلك
 
جمعت خمسون عاما من الاحتلال والاهانات
 
وفي اليوم الذي ستروى به حكاية المقاومة
 
انت، يا عهد التميمي
 
ذات الشعر الأحمر
 
مثل داوود الذي صفع جوليات
 
ستكونين بنفس الصف
 
مع جان دارك، حنا سانش وآنا فرانك!!".
 
هذا اعتراف من يساري إسرائيلي وهو في غيبوبة التماهي مع ضميره الإنساني، يتهم من خلاله الصهيونية بأنها لا تقل إجراماً عن النازية، هذا ما يستنطقه عقل المتلقي حينما يقرأ ما بين السطور.. فللحقيقة وجه واحد، حينما تتماهى البطلة الفلسطينية عهد التميمي بفطريتها مع تفاصيل الهم الفلسطيني ليلتقطها العدو سواء كان يسارياً أو حتى يمينياً ويتفاعل معها إنسانياً ليبوح بالحقيقة التي لا تغطى بغربال.. فتتنفس الأسيرة عهد التميمي الصعداء وهي تواجه السجان بكل ما في قلبها النابض من قوة قد تساعدها على التصدي لقانون الغاب الصهيوني، في غابة "إسرائيل" التي تنتشر في غياهبها الوحوش والضواري في عالم يحكمه القوي وتنتهك فيه حقوق الإنسان.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد