الطريقة المثلى للتعامل مع الشخصية النرجسية

mainThumb

04-02-2018 06:41 PM

 السوسنة - جمانة صوان - تتولد  النرجسية المرضية غالبا من عجز خطير في صورة الشخص الذاتية، و الشعور بنقص داخلي ، فالمخاوف من  الفشل والرفض تحلّ محلها الأوهام بالنجاح الّذي لا حدود له، سواء أكان ذلك يتعلق بالثروات الشخصية أم بالسيطرة على الآخرين ، أم بتمجيد الشهرة و المال  كونها موضع حسد الآخرين و اهتمامهم في الغالب  . و يحاول الشخص المصاب بمشاعر القصور إخفاء هذه المشاعر  بمواقف السيادة  و الغطرسة، و استعراض التفوق المفرط  وما إلى ذلك في محاولة دفاعية .

 
و يمكننا التعامل مع من لديه بعض السّمات النرجسية ، أما النرجسيّ المتطرّف فهو من يصعب التّعامل معه ، لأنّ أيّ ملاحظة عن تصرفاتهم الخاطئة سيشعرهم بالتهديد و الاضطراب  الشديد .  وهذا أمر لا مفرّ منه حتما  ، إذ إنّهم بحالة دفاع دائمة خوفا مما قد ينتقص من شخصيتهم ، فلا يمكن الوصول إلى علاجهم ببساطة . وقد يتطور دفاعهم إلى العنف اللفظي أو الجسدي . . كما  تمنعهم عقولهم من النظر حقا خارج أنفسهم، وعوالمهم تقتصر تماما على الداخل مع استبعادهم لكل ما هو خارجهم.
 
 و هناك العديد من الظروف التي يمكن أن تسبب النرجسية و تطورها ، ولكن هناك أيضا بعض الممارسات الأساسية التي يمكنك تنفيذها عند التعامل مع أي نرجسي . و لا سيما عندما لا يكون  هناك مفر من ذلك ، كأن يكون النرجسي أبا أو ولدا أو زوجا أو رب عمل.
 
عليك  أولا التعرّف على النرجسيّ. فقبل أن تطلق حكما عليه بالنرجسية  عليك أنّ تتذكر أن الكثير من الناس لديهم بعض الميول النرجسية،  ولكنهم ليسوا بالضرورة نرجسيين. ومن خلال معرفة أسباب النرجسية  عليك أن تكون قادرا على تجنب تطويرها لديهم  بشكل أفضل .
 
فالنرجسي يفتقر إلى التعاطف. هذا هو مؤشر كبير على أنّ الشخص نرجسي. فالنرجسيون ببساطة لا يستطيعون فهم وجهة نظر شخص آخر ولا يستطيعون الشعور بما يشعر به الآخرون، مما يعني أنهم يعملون فقط لأنفسهم. على سبيل المثال: يحصل شخص ما على فرصة عمل ذهبية ؛ وبدلا من تهنئة ذلك الشخص، يقوم  النرجسي  بتسليط الضوء  على نفسه ، من خلال الحديث عن السبب الذي كان ينبغي لأجله 
 
أن  يحصل على الترقية بدلا من هذا الشخص ، أو بحصوله على فرصة مماثلة فيما مضى .
 
النرجسي أيضا لا يملك نظرة مصداقية في  عمله، فهو  معجب باستمرار بما فعله ، و يشعر بالحق في الحصول على أفضل معاملة و الحق في امتثال الجميع له .
 
و لمعرفة ما إذا كنت تتعامل مع نرجسي أم لا، اسأل نفسك سلسلة من الأسئلة. هل يتصرف النرجسي المشتبه به كما لو أنّ العالم يدور حوله؟ هل هو بحاجة إلى أن أثني عليه دائما؟ إذا كنت لا تتفق معه، فهل يحاول إخضاعك لآرائه ؟ هل يقلل من أهمية مشاعرك؟ هل تتم إعادة توجيه المحادثات الخاصة بك حتى تصبح حوله؟ إذا كان الجواب على أي من هذه الأسئلة هو "نعم"، فقد تكون وجها لوجه مع النرجسيّ . لذلك عليك اتبعا الخطوات الآتية : 
 
1- إذا كنت تواجه مباشرة نرجسيا خبيثا، عليك أن تعرف أنّ النقد يكون مؤثرا للغاية فيهم  ،حتى  لو كان اقتراحا بسيطا ،فهم  لا يتقبلون النقد بشكل جيد.  لذلك، عند الاقتراب من الخلافات مع النرجسي ، فالطريقة التي تحقق بها الانسجام السطحي هو من خلال استيعابهم أو تهدئتهم.
       هذا أسهل من الهجوم مرة أخرى ،و قد تظن بأنّ ذلك سيجعله يفرض سلطته أكثر عليك ، و يهيمن بطريقة جنونية ، لكن مع ذلك ، فإنك على العكس تماما تفقدهم مزيدا من قدرتهم على تعزيز أو تضخيم الأنا الهشة أساسا.
   كما أنّ الوقوف أمامهم في مواجهة عدوانهم اللفظيّ هو معركة خاسرة. ولكن لا تسمح لهم مع ذلك بالتسلط أكثر . وهذا هو السبب في أنّ المعالجين متفقون على أنّ الخروج من هذه العلاقة هو أفضل خيار. 
    
     و حاول أن  تخرج من لعبة اللوم ،فالنرجسي لا يعترف بأي خطأ ، مما يعني أنهم يحتاجون إلى إلقاء اللوم  على الآخرين. و بدلا من محاولة القول، أو شرح كيف أنهم على خطأ،وجّه ملحوظاتك بلهجة غير اتهامية .
 
     كما أن  النرجسيين يميلون إلى أن يكونوا كذابين جيدين حقا. فإذا كنت تتذكر شيئا مختلفا جدا عنهم ،فلا تبدأ التشكيك بنفسك.و لا تحاول أن تجادل إلّا إذا كان لديك أدلة . فالنرجسي يتمكن من تحويل كل شيء لصالحه . وأهم شيء هو عدم  الاستجابة لهم . فإذا كان لديك نرجسي في حياتك، وسوف يكون هناك فلا تستجب له ، إنها مثل لعبة الصيد، فقط لا تقمْ  بالقبض على الكرة ورميها مرة أخرى والسماح للكرة  بأن تأتي وتذهب  (الإهانات، العنف اللفظي ، وما إلى ذلك) .
 
 2- عليك معرفة الاحتياجات الخاصة بك. فإذا كنت في حاجة إلى شخص يوفر لك الدعم المتبادل والتفاهم، فمن الأفضل لك الحد من الوقت الذي تقضيه مع النرجسي لصالح الآخرين الذين يمكن أن يوفروا لك أكثر مما تحتاجه. من ناحية أخرى، إذا كانت حياتك ممتلئة بالاهتمام ممن حولك أو نابضة بالحياة بطرق أخرى، و لا تحتاج إلى دعم إضافي، فإن الصداقة أو العلاقة مع النرجسي بحدود لا تضر نفسك  فيها من خلال البقاء على اتصال مع النرجسي لا بأس بها . أمّا  إذا كان لديك علاقة وثيقة معهم (مثل علاقة الزوج أو الوالد) فأنت تحتاج إلى إعادة التفكير في سبل التعامل معهم .
 
     فإذا كان هذا الشخص مهم حقا بالنسبة لك سوف تحتاج إلى قبول نرجسيته. لكنك ستشعر بالإحباط بشكل مستمر .فإذا كان صديقك نرجسيا فلا تختلق المشاكل معه و حاول تجنبها ، فهو لن يتعاطف معك ، وسيحوّل الأمور إلى صالحه دائما .
 
       ومن الناحية المثالية، يتم بناء القيمة الذاتية من الداخل بدلا من الاعتماد على الدعم الخارجي، ولكن بالنسبة للكثيرين، تنمو قيمة الذات من خلال تقييم الآخرين . و هنا لا تذهب إلى النرجسي عند البحث عن هذا النوع من الدعم، لأنّ النرجسي لن يكون قادرا على توفيره.
 
3-حتى لو كنت تثق في هذا النرجسي ، عليك الإدراك دائما بأنّ شعاره " أنا أولا" ، و قد يستخدم ما تفضي به إليه للتلاعب بك بكل سهولة .
 
4-قدّم لهم التعاطف ، فعلى الرّغم من كلّ الثقة بالنفس المفترضة الّتي  يعرضها النرجسيّ، ففي أعماقه نقص حاد في الثقة الحقيقية التي تتطلب اخضاع الآخرين باستمرار لتعزيز هذه الثقة  . 
    ولكن هذا لا يعني السماح لهم بالقيام بكل ما يريدون معك. و تذكر أيضا أن النرجسيين ليس لديهم فهم للحب غير المشروط. فكل ما يفعلونه يأتي في إطار الغرض ، و هذه طريقتهم في العيش . 
 
5-استمع كثيرا .فأفضل طريقة للتعامل هو ببساطة الاستماع. سيطلب النرجسي انتباهك وأذنك،، لكن لكل شيء حدود، فإذا  كان النرجسي في حياتك يطالب باهتمامك في وقت لا يمكنك تفريغه له، عليك ألا تقبل .
 
6- ثناؤهم بالصفات الحقيقية فيهم  يجعلكم في موضع الثقة ، و قد يقلل النرجسي من أسلوبه الهجومي، فالنرجسيون بحاجة إلى مزيد من التأكيد والاهتمام أكثر من بقية الناس . 
7-إن الابتسامة تشكل تفاعلا كافيا مع النرجسي الذي تضطر للتعامل معه (مثل زميل العمل ) ، ولن تحتاج إلى تفاعل إضافي معه .
8- إذا كنت بحاجة إلى شيء من النرجسي، فإن أفضل طريقة للحصول عليه هو وضع إطار الطلب بطريقة تقترح على النرجسي أنه سيكون هناك بعض الفائدة له أو لها في توفير ذلك. 
 
9-النرجسي لا يقبل انتقادات مباشرة. ومن المرجح أن يفترض بأنك غيور، وسوف يقلل من قيمة رأيك أكثر نتيجة لذلك. فحاول وضع الأشياء بطريقة تدعو النرجسي إلى الاعتقاد بأنه لا يزال لديه اليد العليا.
 
 
 
10-  أفضل وقت للتدخل هو بعد تغيّر حياة النرجسي نتيجة حدث ما ، مثل: المرض، وفقدان الوظيفة، وما إلى ذلك..، حيث الأشياء التي تغذي الأنا أصبحت مفقودة .
       عند ذلك ، وضّح له كيف تضر نرجسيته بعلاقاته الأسرية و الاجتماعية ،  و كيف يضر قبل كلّ شيء نفسه . 
و من المهم أن تستخدم تعاطفك أثناء التدخل لأنّ السبب الّذي تقوم به هو أن يكون لديه فرصة للحصول على الأفضل . وعبّر عن استيايك من تجاهله  لك باستمرار  في أثناء المحادثة  ، و وضح له كيف ترفض تقديم الدعم العاطفي له في حال لم يقدمه لك . 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد