وجهة نظر .. ‎

mainThumb

10-02-2018 02:49 PM

 القصص القرآني ليس للتسلية أو لتوثيق التاريخ فقط   ، بل هو لمعالجة الواقع الذي نعيشه، وكيف لنا أن نتعامل مع مستجداته. وأكثر من يجب أن يتدبر هذه القصص، هي الشعوب المستضعفة والمحتلة التي تعاني من ظلم قوى الاستعمار ووحشيتهم. وكيف لها أن تحافظ على شخصيتها، في ظل انقسام العالم الى معسكرين متناحرين، وكل الدول في العالم الثالث تتبع لأحدهما، والشعوب هي التي تدفع الثمن.

 
في سورة الروم، تبدأ بالآيات..غُلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غَلَبهم سيغلبون* في بضع سنين، لله الأمر من قبل ومن بعد ويوم إذن يفرح المؤمنون*... صدق الله العظيم
 
هذه الآيات، تحدثت عن هزيمة الروم، وأنهم سينتصرون على الفرس في بضع سنين.. فالسورة بدأت بهذه النبوءة، ثم باقي السورة تحدثت عن الإيمان بكل أشكاله.
 
الحدث الغيبي فيها كان يختص بالموقف الدولي وميزان القوى العالمي، والقوى المؤثرة في المشهد الذي سيكون للكيان السياسي الفكري الناشئ دور مؤثر في صياغته، وهذا أمر لا بد منه لدولة تتشكل، بطريقة مختلفة عن اسلب الدول المؤثرة، والتي ستغير قواعد السياسة الدولية، إذ أنها لا تبحث عن النفوذ الاقتصادي والهيمنة العسكرية، واستعباد الناس كما هو حال الدول المتنفذة الموجودة! بل تحمل معها فكرة "إخراج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد" فهي تحمل الحرية: حرية العقيدة والاقتصاد والثقافة والسياسة.. وهذا هو المعنى الحقيقي لأن تكون رسالة الاسلام هي الخاتمة والتي من أبرز ما جاءت به هو الدولة، الدولة التي تصارع القوى العظمى التي تمنع الناس من حريتها بكل أشكالها، وتحمي المؤمنين بالرسالة من بطش الدول، البطش الذي كان يحصل للرسالات السابقة للاسلام، كرسالة سيدنا موسى ورسالة سيدنا عيسى، حيث كان للدولة الرومانية تأثير كبير عليها.
 
قد يستنكر البعض هذا الطرح، لاستنكاره حتمية الدولة للدين، التي أوجدت من أجل الدعوة وضمان استمراريتها، أقول: كيف لأي فكر أن يُطبَق في الحياة دون دولة تحميه، ثم أن القوى العظمى لن تسمح بأي دعوة تزاحمها على الشعوب، فهي تفتح أعينهم على حقوقهم، وكيف يحافظون على مقدراتهم، وهذا يجعل من الصعب على فئة صغيرة (المؤمنون) أن تقف في وجه القوى العظمى عسكريا، فهم مسيطرون ومجرمون لا يعرفون الرحمة، وهذا ينطبق على كل حامل فكر للتغيير في كل زمان ومكان.
 
فأول أمر تدعو له الآيات، هو لفت أنظار المسلمين للاهتمام بالسياسة الدولية التي سيستخدمونها بعد سنين ليست بالطويلة، ثم إن انهاك هذه القوى بعضها بعضا هو من صالح الدولة الناشئة، والتي ستنقض على المهزومة آخرا، ثم الثانية، والأولى هي الدولة الوثية التي تعبد النار، وأظن أن الصراع الدولي الآن يقترب من الحسم، وستغلب احدى القوى الكبرى، بعد أن تنهك الأخرى، ويتسنى للمستضعفين أن يبنوا كياناتهم الخاصة!.
 
وفي الختام، الرسالة الأقوى في الآيات هي: أن الأمر لله، فقط أنتم اهتموا بايمانكم واحرصوا على أن يكون صحيحا وتحركوا للدفاع عن أنفسكم وانشروا الخير، مقابل الشر العظيم الذي تنشره الدول العظمى، وستنتصرون، لأن النصر بيد الله!.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد