تفاصيل صفقة ترمب وبوتين لإنهاء الوجود الإيراني في سوريا

mainThumb

14-07-2018 11:23 AM

السوسنة - يشهد يوم الإثنين 16 يوليو/حزيران انعقاد قمة تجمع بين كل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وسيكون الصراع السوري هو إحدى القضايا الأكثر إلحاحاً ضمن أجندة القمة المتنوعة ذات المحاور الكثيرة. وما إن هدأت أوزار الصراع بعد سبع سنوات من الحرب، حتى تطلعت الولايات المتحدة إلى تقليص دور إيران في سوريا في حقبة ما بعد الحرب باعتباره هدفاً استراتيجياً، وهو أمرٌ تدعمه إسرائيل بقوة حسبما أوردته  وكالة Associated Press الأميركية في تحليل لها بخصوص اللقاء المرتقب.

المستهدف من اللقاء هو الدور الإيراني في المقام الأول ولكن لا يعتقد أنه أمر سهل

وقبيل انعقاد تلك القمة التي طال انتظارها، أشار مسؤولون أميركيون وروس إلى أنَّ النتيجة الرئيسية لها ستتمثل على الأرجح في التوصل إلى إطار واسع النطاق لصفقة تتعلق بتقليص الدور الإيراني في سوريا. لكن محللين يقولون إنَّ أي اتفاق غالباً ما سيُصاغ بعناية وسيكون عامَّاً في طبيعته، وإن المناقشات ستتمحور أكثر على الأرجح حول تحجيم الوجود الإيراني بدلاً من إنهائه. يُعد تحقيق الانسحاب الكامل للقوات التي تدعمها إيران من سوريا فكرة افتراضية مجهضة منذ البداية. فبعد سنوات الحرب العجاف في سوريا، تمكنت إيران وميليشياتها الوكيلة، بما فيها جماعة حزب الله اللبنانية، من تأسيس وجود لا يقهر يمتد من الحدود العراقية مروراً بوسط سوريا ووصولاً إلى لبنان. تمكن الرئيس بشار الأسد، بمساعدة سياسية وعسكرية قوية من إيران وروسيا، من استعادة سيطرته على حوالي 60% من البلد، بما في ذلك المدن الرئيسية، حاسماً أي حديث جاد حول تغيير النظام في دمشق. وفي غمار التراجع المستمر لدور الولايات المتحدة، ظهرت روسيا كوسيط قوي لا ريب فيه بالبلاد. لا تزال الولايات المتحدة وروسيا توليان اهتماماً بالعمل سوياً في سوريا وخارجها، وعلى الرغم من وجود روسيا وإيران على الجانب نفسه في الحرب، إلا أنَّ مصالحهما لا تتلاقى دائماً. لطالما حافظت روسيا على علاقات ودية مع إسرائيل وأبدت استعدادها للنظر في المصالح الأمنية للدولة اليهودية.

ونُقدم فما يلي نظرةً على محاور الحوار والنتائج المحتملة لقمة يوم الإثنين:
 
القضايا المطروحة
 
إيران:
 
بعدما لم تعد إطاحة الأسد من الحكم هدفاً مرجواً بنشاط، تحولَّت الأنظار لتركز على نفوذ إيران في سوريا، والذي تصاعد في خضم الفوضى الناشبة إثر الحرب الأهلية. ويُعتقد أنَّ طهران تصدر تعليمات إلى ما يصل إلى 80 ألف مقاتل في سوريا -وجميعهم أعضاء بالميليشيات الشيعية والقوات شبه العسكرية الموالية للقيادة في إيران- وتمكنت بالفعل من تأمين ممر بري عبر العراق وسوريا وصولاً إلى حزب الله في لبنان. وفي مقابلة أجريت مع شبكة CBS الأميركية في وقتٍ مبكرٍ من هذا الشهر يوليو/حزيران، قال جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي إنَّ إيران هي «القضية الاستراتيجية» وليس الأسد. وبدورها، حذرت إسرائيل مراراً من تنامي وجود إيران وتقول إنَّها لن تسمح لها أو لوكلائها من الشيعة بترسيخ وجودهم بصورة دائمة في سوريا ما بعد الحرب.
 
وبعد مرور أسبوعين على العمليات العسكرية المكثفة في جنوب سوريا، تمكنت قوات الأسد الآن من السيطرة على مدينة درعا الجنوبية، مهد الثورة السورية التي اندلعت ضد الأسد منذ سبعة أعوام، والمناطق الريفية المحيطة بها. وأضحت القوات مستعدة الآن للزحف غرباً بالقرب من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، مما يثير مخاوف من اندلاع مواجهات قوية بين إسرائيل والقوات المدعومة من إيران بالأماكن القريبة.
 
وصلت الدبلوماسية إلى أوج نشاطها قبل قمة ترمب وبوتين المزمعة يوم الإثنين، مشيرة إلى أن صياغة اتفاق سياسي هو أمر قيد العمل.
 
وخلال رحلته الثالثة هذا العام إلى روسيا للقاء رئيسها، أجرى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال اجتماع مع بوتين في موسكو يوم الأربعاء الماضي 11 يوليو/حزيران محادثات تركزت على الوجود الإيراني في سوريا. وتوجه أيضاً إلى موسكو علي أكبر ولايتي، وهو مستشار كبير للمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، للاجتماع مع بوتين.
 
وقال نتنياهو في تصريح للصحفيين بعد اجتماعه مع بوتين: «وجهة نظرنا معروفة إذ نرى ضرورة مغادرة إيران لسوريا».
 
خطوط عريضة لصفقة محتملة
 
ما الذي قد تبدو عليه صفقة محتملة؟
 
قال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي الأسبوع الماضي إنَّه «من غير الواقعي تماماً» توقع انسحاب إيران كليةً من سوريا والتزامها بالبقاء داخل حدودها. ويشير ذلك إلى قبول روسيا على الأقل بانسحاب بعض تلك القوات. وصرح أيضاً للصحفيين بأنَّه جرى التوصل بالفعل إلى اتفاقية بشأن انسحاب «جميع القوات غير السورية» من جنوب سوريا. وأشارت تعليقات بعض كبار المسؤولين الأميركيين أيضاً إلى وجود ما قد يكون تسوية ناشئة بين اللاعبين الأساسيين. قال جون بولتون في مقابلة مع شبكة CBS: «هناك احتمالات لإجراء مفاوضات أكبر بشأن المساعدة على إخراج القوات الإيرانية من سوريا لتعود إلى إيران، ما قد يُعد خطوةً كبيرةً إلى الأمام». رجحت تقاريرٌ إعلامية فضلاً عن مراقبين للوضع في سوريا إمكانية توصل ترمب وبوتين إلى صفقة من شأنها أن تضع تصوراً لنشر القوات الحكومية السورية على طول الحدود التي تقبع فيها القوات الإسرائيلية من ناحية مرتفعات الجولان إلى جانب انسحاب القوات الإيرانية ووكيلها المتمثل في ميليشيا حزب الله من المنطقة. وكي يتحقق ذلك، قد تطلب إسرائيل ضمانات بأن يحترم الأسد اتفاقاً دام لعقود ينطوي على وجود منطقة على طول الحدود خالية من القوات والحد من عدد القوات التي يمكن لكل جهة أن تنشرها على مسافة 15 ميلاً (25 كم) من المنطقة. قال روبرت فورد، السفير الأميركي السابق لدى سوريا وهو الآن زميل كبير في معهد الشرق الأوسط، إنَّ هناك فكرة متداولة في واشنطن مفادها أن الولايات المتحدة ستحتفظ بقاعدة التنف العسكرية، بالقرب من نقطة التقاء سوريا والأردن والعراق، إلى حين انسحاب القوات الإيرانية من سوريا. قال إيهام كامل، المحلل بشركة «يوروآسيا غروب» للاستشارات المتعلقة بالمخاطر السياسية، إنَّ موسكو -باعتبارها طرفاً في أي اتفاق- قد تطلب بقبول بقاء الأسد وانسحاب نهائي للقوات الأميركية من سوريا، وهو الأمر الذي أشار ترمب إلى رغبته في حدوثه على أرض الواقع بحلول نهاية العام. وقال: «إنَّ اتفاقاً عاماً يقبل الأسد في مقابل كبح النفوذ الإيراني يمنحه ضمنياً إن لم يكن صراحةً  بعض الشرعية، ويمنح النصر مغزى أكثر تلاحماً يتجاوز المفاهيم العسكرية».
 
هل قد تقبل إيران بالصفقة؟
 
دعت روسيا علناً إلى انسحاب القوات الإيرانية من سوريا في فترة ما بعد الحرب ولكنها لا تضمن امتثال إيران لذلك. استثمرت طهران الكثير من الأموال وزُهقت الكثير من الأرواح لترسيخ أقدامها في سوريا، والتي تعتبرها شريان الحياة الاستراتيجي والوجودي لقوات حزب الله، وكيلها في لبنان. مع ذلك، قد تتمتع موسكو بما يكفي من النفوذ على طهران لإقناعها بتقليص وجودها، والبقاء بعيدة عن الحدود الإسرائيلية وربما تقليل عدد قواعدها ومصانع القذائف والمستشارين التي تحتفظ بها في البلاد -لا سيما إذا لم يُجر الإفصاح عن شروط الصفقة علناً وأتت مصحوبة بضمانات أخرى. تخضع إيران، في أعقاب انسحاب أميركا من الاتفاق النووي، لعقوبات صارمة تفوق طاقتها ولا تقدر على تحمل خسارة دعم روسيا، وكذلك لن تكون قادرة على تزويد الأسد بمستوى الدعم نفسه على المدى الطويل. في حين أن الضغط الممارس على إيران لتحجيم وجودها في سوريا سيخلق انشقاقات فعلية بين تحالف روسيا وإيران وسوريا، فالمصالح المتقاربة بين الدول الثلاث تعني الحاجة إلى تقديم تنازلات.
 
سيتطلع الرئيس السوري إلى الحفاظ على خيوط رفيعة تربطه بتحالفه مع إيران وروسيا.
 
وقال كامل: «بينما يحتاج الأسد إلى الإيرانيين والروس، فإنَّ إيران المقيدة بفعل العقوبات هي أقل أهمية بالنسبة له على المدى الطويل. ومع تراجع حدة الحرب السورية، سيصبح الدعم السياسي والاقتصادي الروسي أكثر أهمية بقليل من الدعم الإيراني». (عربي بوست)
 
 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد