عند الحدود يوجد حدود! - م. فواز الحموري

mainThumb

14-07-2018 12:06 PM

 عند الحدود الشمالية ومع جملة الأعداد من الأخوة السوريين وصرخات المطالبة بإدخالها إلى الأردن، نقف من جديد مع مسلسل الضغوطات التي يتعرض لها الأردن على مدار الأحداث والتطورات المجاورة لحدود الأردن الممتدة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.

 
خلال السنوات الماضية من الأزمة السورية تحمل الأردن أعباء إضافية في القطاعات المهمة ومنها التعليم والصحة والخدمات الأساسية الأخرى ولا يخفى على أحد حجم التضحية التي قدمها الأردن حكومة وشعبا ودفع ثمنا لمواقفه تجاه أسلوب حل الأزمة في سوريا وحجم الهجمة على الأردن ومن جميع الجهات الحاقدة عن سابق إصرار وترصد لإثارة الفتنة والفوضى والشماتة.
 
ليس الحل الرضوخ ولكنه الإجراء الأمني المناسب؛ ترى الأجهزة الأمنية ما لانراه وتعلم ما لانعلم وتتعامل مع الواقع بإنسانية قبل البعد الأمني وبمتابعة حثيثة دون مضايقة لأحد وبمعاملة إنسانية راقية للوقوف مع الأخوة في الأزمات.
 
في قطاع التعليم على سبيل المثال تحمل الأردن أعباء إضافية كبيرة ومرهقة وعلى الرغم من المساعدات والمنح المقدمة من الجهات المانحة و تقدير الأردن لتلك المساعدات إلا أن الموقف ظل واضحا وصريحا:لا بد من حل جذري لتقرير مصير الشعب السوري وحماية الأجيال القادمة من أزمة اللجوء الإنساني في أنحاء العالم، ولا بد أيضا من احترام قدرة الأردن على تحمل الأعباء والتي فاقت الحسابات والتكاليف لضمان الحصول على التعليم المناسب لمن يعيش على ارض المملكة الأردنية الهاشمية.
 
حدودنا الشمالية قصة أردنية للكفاح والتصدي لأكثر من مخطط ومحاولة لاختراق امن الأردن بشتى الوسائل، ولعل إصرارالجميع على تفويت الفرصة على المتربصين بنا من خلال جمع التبرعات وتقديم يد العون والمساعدة للأشقاء السوريين على الحدود الشمالية له من قيم ومعاني الإخاء ما فيه من معنى الانتماء والولاء للأردن واعتباره السد المنيع لتمرير الحلول المؤقتة وكشف زيف من يقولون على الأردن الكثير ويكيلون التهم له والتي تتمثل في التشكيك بموقف الأردن تجاه الأزمة السورية وقبض الثمن مقدما وهذا عار عن الصحة وتكشفه مواقف المواطنين قبل الحكومة ويرفضه الضمير الأردني الشريف ولعل تقاسم لقمة العيش وقطرة الماء ومساحة العيش تعني الكثير للعلاقة الوطيدة بين الشعبين.
 
دفع الأردن الكثير ثمنا لمواقفه تجاه العديد من الأزمات السابقة والمجاورة، دارت الأحداث وثبت للجميع حكمة القيادة الهاشمية وثبات الموقف وصحة القرار والنتيجة السليمة لاحتواء الأزمات دون حسابات الكسب والخسارة المعتادة وباتزان وثقة واقتدار.
 
على سبيل المثال وضمن التكلفة المباشرة لاستقبال واستيعاب الأعداد الإضافية للطلبة السوريين في مدارس المملكة الأردنية الهاشمية وعلى الرغم من المساعدات من الجهات المانحة، إلا أن التكلفة تعدت الرقم إلى النوعية وجودة التعليم المقدمة للطالب الأردني قبل السوري نتيجة الأعداد المتزايدة والعودة لنظام الفترتين والضغط المتزايد على الخدمات المقدمة سواء للطالب السوري أو الأردني وتحديدا في المناطق ذات الكثافة العالية من اللاجئين السوريين، وهذا بالطبع اثر على المستوى القصير والمتوسط المدى للتخطيط الاستراتيجي في مجال البناء المدرسي والتخلص من نظام الفترتين والبناء المستأجر والعديد من الإجراءات لاستيعاب تدفق الأعداد المزايدة من اللاجئين والطلب الكبير لتوفير المتطلبات الإنسانية والتربوية وبشكل مناسب، والتفاصيل كثيرة ويمكن الرجوع لخطة الاستجابة الأردنية للازمة السورية للأعوام 2018 -2020 والتي تقدرب 7,312 مليار دولار وتبلغ حصة قطاع التعليم فيها 1,149 مليار دولار، فهل ما تقدمه الجهات المانحة يفي بالاحتياجات من خطة الاستجابة؟ (علما بان المجتمع الدولي قدم تمويلا فعليا لمشاريع خطة الاستجابة بحوالي 7,1 مليار دولارأميركي في عام 2017 أي حوالي 65 % من متطلبات التمويل مقارنة بحوالي 62 % في عام 2016 وفقا لتقارير وزارة التخطيط والتعاون الدولي).
 
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيش، هل يمكن تحمل المزيد من الأعباء وبشكل إجباري لدفع الأردن لفتح حدوده لاستقبال أعداد وأعباء جديدة دون البحث عن حل جذري وحاسم لما يجري في سوريا؟
 
بالمقابل تقدر تكلفة إعادة البنية التحتية في سوريا بأكثر من 400 مليار دولار ولفترة تتراوح ما بين 10 إلى 15 عاما على الأقل، فمن يمكن إن يقوم بذلك؟ إنها ليست قضية تكلفة وأعباء، بل هي قضية يجب أن تحل وبشكل سليم وبشكل يكفل للأجيال القادمة العيش على التراب السوري بشكل دائم ومستقر وليس بشكل مؤقت في الدول العربية المجاورة أو الدول الأجنبية المستضيفة للاجئين السوريين.
 
عند الحدود توجد حدود كثيرة واعتبارات إنسانية وأمنية يمكن التطرق إليها دون مواربة ويعيشها الأهل في الحدود الشمالية ويستطيعون وصف الضرر الذي لحق بهم نتيجة الأزمة السورية وحجم الخسائر المادية والمعنوية التي ألقت بظلالها عليهم، إضافة إلى ما يمكن التطرق إليه للمناطق الأكثر استضافة للاجئين السوريين ومنها المفرق على سبيل المثال والآثار الاجتماعية والنفسية للمواطن واللاجئ على حد سواء.
 
للازمة السورية العديد من الجوانب الايجابية والسلبية والدروس والعبر المستفادة والتي ينبغي أن لا تغيب عن الذاكرة الماضية لسنوات قليلة ولسنوات أخرى قادمة؛ أن الأزمات تصنع وتغير الكثير لدى الشعوب والأمم الحية، لابد من إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح؛ ليست القضية في أن نكون مع أو ضد فتح الحدود ولكن أن نفهم معنى الحد الفاصل بين الخيانة والانتماء وذلك ليس بالأمر المستحيل!.
 
ومهما تعددت واختلفت التوجهات،إلا أن الرأي يبقى واحدا موحدا حول قيادتنا الهاشمية الحكيمة وأجهزتنا الأمنية والتي لها منا التقدير والاحترام والإجلال لدورها الوطني المميز ولجيشنا العربي والذي يزين الوطن بالتضحية والفداء والإخلاص ويسطر:عند الحدود في حدود.
 
الرأي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد