كيف يؤثر قانون ضريبة الدخل على النساء الاردنيّات ؟

mainThumb

14-09-2018 07:01 AM

السوسنة - أثار مشروع قانون ضريبة الدخل  لعام 2018 منذ نشرته حكومة الدكتور عمر الرزاز على موقع ديوان التشريع والرأي العديد من التساؤلات عن الكيفية التي يؤثر فيها مشروع القانون على النساء بشكل خاص، وهل سيساهم هذا  المشروع في الحد من الإختلالات القائمة ما بين الرجال والنساء وعلى وجه التحديد في أربع مجالات؟

 
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن المجالات المشار اليها والتي تحمل أدلة قوية على وجود إختلافات وإختلالات ما بين الرجال والنساء تشمل: المشاركة الاقتصادية، وملكية الأراضي والشقق، والقرارات المتعلقة بالإدخار والإنفاق، وأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر. مع التأكيد على أن أغلب الدول النامية تعاني من هذه الإختلالات مع وجود فوارق في حدتها وأساليب مواجهتها والحد منها وطرق معالجتها.
 
مشاركة إقتصادية ضعيفة للنساء في الأردن و 55% من النساء العاملات يعملن في القطاع غير المنظم
 
إن الضرائب التي تفرض على قطاع الإقتصاد غير المنظم لا بد وأن تراعي التأثيرات التي يرتبها على النساء، في ظل مشاركة إقتصادية ضعيفة، وإرتفاع نسبة البطالة بينهن، وإنخراط أكثر من نصف العاملات في هذا الإقتصاد.
 
فقد أكد مسح جديد صدر عن دائرة الإحصاءات العامة خلال شهر كانون أول (2016) بعنوان "مسح فرص العمل المستحدثة – النصف الثاني 2015" ، على أن العدد الإجمالي للفرص المستحدثة خلال النصف الثاني من عام (2015) بلغ (31) ألف فرصة عمل، منها 28 ألف فرصة عمل للأردنيين وبنسبة 89.6%.
 
ولا تحظ النساء إلا بنسبة متدنية من فرص العمل المستحدثة، فمن بين كل عشر فرص هنالك 3.5 فرصة عمل للنساء، حيث بلغت نسبة الفرص المستحدثة للنساء مقارنة مع الرجال (35.4%) من مجموع الفرص بواقع (11) ألف فرصة عمل للإناث و(20) ألف فرصة عمل للذكور.
 
وتعتقد "تضامن" بأن تدني أجور الإناث مقارنة مع الذكور (الفجوة في الأجور بين الجنسين عن الأعمال ذات القيمة المتساوية) وصعوبة الموائمة ما بين العمل والحياة الأسرية بسبب عدم تطبيق أنظمة وعقود العمل المرنه وعدم توفير حضانات لأطفال العاملات، وضعف خدمات المواصلات العامة وكلفتها، جميعها تستنزف معظم الأجور التي تتقاضاها النساء.
 
 
 
وقد أكد تقرير الربع الأول لعام 2017 حول معدل البطالة والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة ، على أن معدل البطالة بين النساء بلغ 33% فيما بلغت البطالة بين الذكور 13.9% وبمعدل 18.2% للجنسين. وحسب مسح العمالة والبطالة والذي تصدره الدائرة بشكل سنوي يظهر بأن معدل البطالة بين النساء بلغت أقصاها عام 1993 وبنسبة 36.7%، ووصلت الى أدناها عام 2004 حيث بلغت 16.5%.
 
كما وتشكل النساء غير الأردنيات خارج قوة العمل من مجموع النساء اللواتي تزيد أعمارهن عن 15 عاماً ما نسبته 83.1% (622893 امرأة من أصل 749245 امرأة غير أردنية). ويقصد بخارج قوة العمل (غير النشيطات إقتصادياً) النساء اللواتي لا يعملن ولا يبحثن عن عمل وغير قادرات على العمل وغير متاحات للعمل ، ويشمل ذلك الطالبات ومدبرات المنازل والعاجزات ومن لهن دخل أو إيراد.
 
وأظهرت دراسة للأمم المتحدة عن مشاركة المرأة في القطاع غير الرسمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صدرت عام 2010 أن 55% من النساء العاملات في الأردن يعملن في القطاع غير المنظم وعلى وجه الخصوص في الأعمال الزراعية والمهنية والأعمال غير مدفوعة الأجر. فيما أعلنت وزارة العمل عن أن نسبة العاملين في القطاع غير المنظم في الأردن بلغ 44% من إجمالي العاملين 26% منهم في القطاع الخاص و17% يعملون لحسابهم الخاص و1% للعمال في المنازل من دون أجر. وأن 35% من العاملين هم من الذكور و11% من الإناث، وتراوح متوسط ساعات عملهم بين 9 و16 ساعة يومياً.
 
وفي أحدث دراسة صادرة عن منظمة العمل الدولية خلال شهر آيار 2015، فقد بلغت نسبة النساء الأردنيات اللاتي يعملن في القطاع غير المنظم 41% مقابل 59% للذكور، و8% منهن يعملن من المنزل و 74% منهن يعملن في مكتب رسمي، وأن نسبة أكبر من النساء مقارنة بالذكور يعملن في الحي القريب من منازلهن. ويتركز عملهن في التعليم والصحة والعمل الإجتماعي، وبنسب أقل في التجارة والبناء. كما أن نسبة من النساء أكبر من الرجال يعملن كمهنييات وبمهن أولية ونسبة أقل تعملن في كحرفيات. إضافة الى أن 94% منهن يعملن بأجر.
 
هذا ويعَرف العمل غیر المنظم على أنه يتألف من كافة الوظائف في مشاريع القطاع غير المنظم، أو كافة الأشخاص الذين وظفوا خلال فترة مرجعية محددة في مؤسسة واحدة على الأقل في القطاع غير المنظم بصرف النظر عن وضعهم الوظيفي وسواء كانت وظيفتهم رئيسية أو ثانوية.
 
ويشمل ذلك العاملون لحساب?م الخاص في مؤسسات?م الخاصة في القطاع غیر المنظم ، وأفراد الأسرة العاملون المسا?مون بغض النظر عما إذا كانوا یعملون في مؤسسات قطاع منظم أو غیر منظم. ویعتبر ?ؤلاء عاملین بغیر أجر في مشاریع أعمال عائلیة، والموظفون الذین یعملون في أعمال غیر منظمة، سواء في مؤسسات منظمة او غیر منظمة، والعاملون لحسابهم الخاص في إنتاج سلع ينحصر إستخدامها النهائي داخل أسرهم.
 
إن المعايير التشغيلية التي توفر بيانات عن العمل غير المنظم في الأردن تشمل العاملين بدون عقد خطي أو بعقد شفهي، والعاملين غير المشمولين بالضمان الإجتماعي بوظائفهم الرئيسية، والعاملين دون السن القانوني للعمل وهو 16 عاماً، والعاملين غير الأردنيين دون الحصول على تصريح عمل، والعاملين دون الحد الأدنى للأجور وهو 150 دينار لغير الأردنيين و 190 دينار للأردنيين، بالإضافة الى تدني الإلتزام بالمعايير الدولية للعمل اللائق وعدم المساواة في الأجور بين الجنسين عن الأعمال ذات القيمة المتساوية.
 
تدني ملكية النساء للأراضي والشقق في الأردن
 
لا زالت ملكية النساء للأراضي والشقق في الأردن متدنية، ومن اهم أسباب ذلك حرمان العديد منهن من حقوقهن الأرثية، مما يؤدي الى ضعف قدرتهن على زيادة الدخل وموافقة الظروف المعيشية والخروج من دائرة الفقر، وتقترح "تضامن" في هذا الإطار أن ينص مشروع قانون ضريبة الدخل على إعفاء الدخل المتأتي للنساء جراء ملكيتهن للأراضي والشقق من الضريبة دعماً لهن، وتشجيعاً لزيادة ملكيتهن للأموال غير المنقولة وتحسين أوضاعهن.
 
فقد أكدت الأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة لعام 2015 على الإناث يملكن 15.8% من الأراضي مقابل 51.3% للذكور، في حين شكلت مساحة الأراضي التي تملكها الإناث 9.9% والتي يملكها الذكور 69.7%.
 
أما نسبة الشقق التي تملكها الإناث فوصلت الى 23% مقابل 60.9% للذكور، في حين شكلت مساحة الشقق التي تملكها الإناث 22.2% مقابل 70.5% للذكور.
 
ومن حيث الملكية المشتركة ما بين الإناث والذكور، فقد إرتفعت الملكية المشتركة للأراضي الى 32.9%، وإرتفعت الملكية المشتركة للشقق لتصل الى 16%، وشكلت المساحة المشتركة للأراضي 20.4% والمساحة المشتركة للشقق 7.3%.
 
النساء ينفقن أكثر من الرجال على الرعاية الصحية ومواد إستهلاكية اخرى
 
وتضيف "تضامن" بأن النساء خاصة اللاتي يرأسن أسرهن ينفقن على الأسرة أموالاً أكثر من الرجال في مجالي الرعاية الصحية ومواد إستهلاكية أخرى، وبالتالي فإن إلغاء الإعفاءات الصحية وزيادة الضرائب على بعض المواد سيؤثر حتماً في قدرتهن على الإنفاق، وسيقلل من جودة ما يقدمنه لأفراد أسرهن كماً ونوعاً. فهل يأخذ مشروع قانون الضريبة ذلك بعين الإعتبار؟
 
فوفقاً لمسح "دخل ونفقات الأسرة 2013" والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، تنفق الأسر في الأردن سنوياً حوالي 12.848 مليار دينار على السلع والخدمات المختلفة، ويذهب (38.84%) من الإنفاق الى شراء المواد الغذائية.
 
كما وأظهر المسح وجود فارق في متوسط الإنفاق السنوي للأسر ومتوسط الدخل السنوي فيما بين الأسر التي ترأسها نساء وتلك التي يرأسها ذكور. حيث أن متوسط إنفاق الأسر التي ترأسها نساء يبلغ 8174.1 دينار مقابل 9851.1 دينار لتلك التي يرأسها ذكور، فيما يبلغ متوسط الدخل الجاري للأسر التي ترأسها نساء 7105.9 دينار مقابل 9098.2 دينار للأسر التي يرأسها ذكور.
 
وتشير "تضامن" الى وجود إختلاف أخرى في أوجه إنفاق الأسر التي ترأسها نساء، كما يوجد فوارق في مصادر الدخل. فعلى الرغم من الفارق في متوسط الإنفاق السنوي بين الأسر التي ترأسها نساء وتلك التي يرأسها ذكور والذي وصل الى 1677 دينار، إلا أن النساء أنفقن على أسرهن مبالغ أعلى من الذكور في مجالي الرعاية الصحية ونفقات إستهلاكية أخرى.
 
إن عدداً من السلع والخدمات تم الإنفاق عليها بشكل كبير وبالتالي حظيت بالأهمية النسبية (نسبة مئوية من الإنفاق على جميع السلع والخدمات)، ففي مجال المواد الغذائية تصدرت المواد التالية قائمة أكثر عشر مواد غذائية تم الإنفاق عليها وهي: دجاج حي (نتافات) 2.56% وبمبلغ إنفاق 329.4 مليون دينار، ولحم ضأن بلدي (1.32%)، وخبز طحين أبيض (1.29%)، ودجاج ذبح مسلخ (1.24%)، وأرز حبة عادية (1.06%)، وقهوة مطحونة (1.01%)، وبيض (0.97%)، وسكر (0.91%)، وبندورة (0.80%)، وأخيراً الشيبس (0.76% وبمبلغ إنفاق 97.2 مليون دينار).
 
وتبعها المواد الغذائية التالية: بطاطا (0.75%)، ولحم عجل بلدي (0.72)، وزيت ذرة (0.67%)، ودجاج مجمد (0.64%)، وحليب بودرة (0.62%)، ولحم ضأن مستورد (0.60%)، لحم ماعز بلدي (0.53%)، ولبن رايب بالكغم (0.50%)، ولبن رايب علب (0.50%)، ولبنة بالكغم (0.44%)، وأسماك مجمدة (0.42%)، وأرز حبة طويلة (0.37%)، وخيار (0.36%)، وجبنة بيضاء (0.35%)، وبسكويت أطفال (0.30%).
 
فيما كان الإنفاق الأعلى للأسر على السجائر والتبغ كما يلي: سجائر محلية مختلفة (2.25%)، وسجائر جولد كوست (1.11%)، وسجائر أجنبية (0.76%).
 
أما أكثر السلع غير الغذائية والخدمات إنفاقاً حسب أهميتها النسبية فكانت كما يلي: القيمة التأجيرية للمسكن المملوك (13.87%)، وبنزين سيارة عادي (6.99%)، والإيجار الشهري للمسكن المستأجر (3.76%)، والكهرباء (بإستثناء رسوم التلفزيون والنفايات) 2.72%، ومصاريف الهاتف النقال (2.15%)، والغاز (إسطوانة) 2.03%، وقيمة السيارة الخاصة (1.98%)، ورسوم جامعية داخل الأردن (حكومية) 1.65%، ورسوم دراسية (مدارس خاصة) 1.55%، وتصليح وصيانة السيارة الخاصة (1.29%)، ورسوم جامعية داخل الأرن (خاصة) 1.20%، والأدوية (0.93% وبمبلغ إنفاق 119.14 مليون دينار)، وبنزين سيارة سوبر (0.76%). 
 
وتنوه "تضامن" ووفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن في الأردن لعام 2015، فإن عدد الأسر بلغ مليون و 941.903 ألف أسرة مع إستثناء حوالي 15.576 ألف أسرة لم تكتمل بياناتها، ترأس الذكور مليون و 692.662 ألف أسرة، فيما ترأست الإناث 249.241 ألف أسرة وبنسبة وصلت الى 12.8%.
 
الأعمال غير مدفوعة الأجر للنساء تعوض النقص في الإنفاق على الخدمات الاجتماعية وتشكل نقلاُ لمواردهن الى آخرين 
 
يتم توجيه الضرائب على شكل خدمات تقدمها الحكومة للمواطنين والمواطنات، وأن أي نقص في تقديم هذه الخدمات سيزيد من الأعباء التي تقوم بها النساء، خاصة تلك الأعمال غير مدفوعة الأجر، وسيحد حتماً من قدرتهن على المشاركة في مجالات متعددة وعلى رأسها المجال الاجتماعي والإقتصادي والسياسي. فهل راعى مشروع قانون الضريبة القدرة على الإنفاق العام على الخدمات لتمكين النساء من القيام بادوارهن في المجتمع والمساهمة في التنمية المستدامة؟
 
وتضيف "تضامن" بأنه يقع على النساء العبء الأكبر من الأعمال غير المدفوعة الأجر وبشكل مجحف بما فيها الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية، وهما في كثير من الأحيان يعوضان النقص في الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية والبنى التحتية، كما أنهن يدعمن الاقتصاد وإن كان في الواقع يشكل نقلاً للموارد منهن الى آخرين.
 
ولا تدخل أعمال الرعاية والأعمال المنزلية في حسابات الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الأمم المتحدة تقدر القيمة الإجمالية لهما ما بين 10%-39% من الناتج المحلي الإجمالي. وهي بهذه القيمة قد تتجاوز القيمة الإجمالية للصناعات التحويلية والتجارة والنقل وغيرها من القطاعات.
 
وتضيف "تضامن" بأن التمكين الاقتصادي للنساء يستلزم الحد من الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، وإعادة توزيع هذه الأعمال عن طريق الدولة بتأمين الخدمات الاجتماعية، وعلى رأسها خدمات رعاية الأطفال والمسنين والرعاية الصحية والإجازة الوالدية، إضافة الى تأمين البنى التحتية المناسبة من مياة وطاقة.
 
يذكر بأنه وبحسب التعداد العام للسكان والمساكن 2015، فإن عدد الأردنيات المتزوجات واللاتي يعملن حالياً بلغ 171378 امرأة، واللاتي يبحثن عن عمل حوالي 80315 امرأة، فيما وصل عدد الأردنيات المتزوجات غير النشيطات إقتصادياً 1015720 امرأة.
 
وتؤكد "تضامن" على أن الأردنيات المتزوجات يشكلن النسبة الأعلى بين النساء العاملات (62% من مجموع الأردنيات العاملات البالغ 281174 عاملة)، كما يشكلن النسبة الأعلى بين النساء الباحثات عن عمل (50.7% من مجموع الأردنيات الباحثات عن عمل والبالغ 158231 امرأة)، ويشكلن النسبة الأعلى بين الأردنيات غير النشيطات إقتصادياً (60.2% من مجموع الأردنيات غير النشيطات إقتصادياً والبالغ 1686294 امرأة).


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد