«الجلوة» للمرة الألف

mainThumb

10-11-2018 09:17 AM

 لم يبق أحد من الكتاب وناشطي مواقع التواصل الإجتماعي إلا واستنكر تمسك الحكومة بالجلوة وتنفيذها على أناس لا ناقة لهم ولا جملا بجريمة ارتكبها شخص لم يقره عليها أقرب الناس اليه، وتحصل بدون علمهم، أو هم يرفضون سلوك المجرم قبل ارتكاب الجريمة ولا علاقة لهم به، إلا أننا إذا رأينا خبرا عن جريمة عُرف مرتكبها نراه مذيلا بالتالي: " تم بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، وأخذ الاحتياطات الأمنية، وتم أخذ "عطوة" وتم إجلاء ذوي القاتل!!. مع أن البلد صغير والذي يريد الأخذ بالثأر لن يتجشم وعثاء السفر ليأخذ بثأره، فأبعد مسافة بين أبعد نقطتين في الأردن لا تتتعدى 500كم تقطعها السيارة في ساعات قليلة.

 
قلنا غير مرة أن الواقع الذي أوجب "الجلوة" لم يعد موجودا، الناس استقرت في بيوت، وانخرطت في وظائف، وأبناؤها في المدارس، وفوق كل ما يمكن أن نقوله في الاستقرار هناك دولة ولها أجهزة أمنية وقانون وقضاء، والناس مقرة بوجود الدولة وتحتكم اليها. فلماذا نصر ونجبر الناس على العيش بواقع انتهى قبل عشرات السنين، ونلزمهم بقانون اعتمدته عشائرية عاشت في ظروف مختلفة وهي الآن تفرغت من مضمونها، فهي الآن ليس لها رأس – الا اذا اعتبرنا الحكام الاداريين رؤوسا لها- ولا ينتظم أفرادها في سلك واحد، لانخراطهم في الواقع المدني الجديد وانشغال كل شخص بنفسه وبعائلته الصغيرة، ولا يسهر يوميا عند الشيخ ب"الشج" يتلقى المعلومات ويتعلم مكارم الأخلاق ويقر بكل ما يأمر به الشيخ.
 
لماذا والحالة هذه تغضب الحكومة اذا استلم أحدهم منصبا فكرسه لعشيرته، فوظف أهله، واختلس لهم، وقربهم وأبعد غيرهم، وتغضب إذا اجتمعت العشيرة على أمر يضر بالآخرين، كالأعراس ومواكب التخريج وما يصاحبها من أخطاء؟! ألم تدعم هي هذا التوجه، بطريقة لا تخلو من الخبث.
 
العشائرية الآن رباط اجتماعي جميل  لماذا تحملونه ما لا يحتمل، "كل نفس بما كسبت رهينة" ويكفينا تحمّل حماقات أفراد لا ينتمون الا الى أنفسهم وأهوائهم، ويعصون آباءهم ويؤذون أهلهم قبل البعيد عنهم، جراء ما تنشره الحياة غير العشائرية الآن، من " سلوكات منحرفة، ومخدرات، وفراغ عند الشباب لا يملؤه الا الانحراف مضافا اليه الطفر"؟!
 
 بعد كل ما سبق، هل بقي معنى للدولة التي تدعم عقاب عائلة الجاني مع أنه مقبوض عليه وسيمثل أمام القضاء؟! تشتتهم وترميهم في وجه المجهول مع ما يصاحب ذلك من تبعات مالية لا تستطيع أسرة تصارع الحياة وتكابد القلة والعوز أن تتدبر أمرها! وكأننا نعيش في فراغ دولة!.
 
يجب على العشائرية أن تثور على نفسها، لأن هناك من يستغلها لغير صالح أبنائها، وأصبحت بذلك تأكل أبناءها!! وعلى كل فرد فيها أن يرفع صوته بإيقاف اللعب بمصائر الناس بهذا الشكل الفج، ألا تستطيع الدولة أن تفرض هيبتها في هذا المجال؟!!.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد