أمة في خطر

mainThumb

07-01-2019 03:21 PM

 إنه عصر الإنحطاط الثقافي والتعليمي، عصر السندويش الذي جعل الطلاب يهربون عن مائدة الطعام ولمة العائلة، إلى وضع قطعة اللحمة أو الدجاج أو الجبنة بين قطعتين من الخبز وإضافة السلطة والمايونيز إليها وتناولها واقفاً أو مستلقياً على الكنبة يشاهد التلفاز، إنه عصر الإنحطاط بأن زاد وقت ساعات جلوس طلبة المدارس والجامعات، لمشاهدة مباريات كرة القدم، أو أمام شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية، بدلاً من أن يستثمروا هذا الوقت في المطالعة والثقافة والبحث عن كل ماهو جميل وجديد ومفيد .

 
إنه عصر انحطاط، بأن هربوا من الدراسة من خلال الكتب المقررة عليهم وتلخيصها، إلى كورسات مجتزأة مدفوعة الثمن، هي بظنهم تغنيهم عن الدراسة من الكتب، فلا وقت ولا صبر لديهم وجلد على المذاكرة، لذلك نشأ جيل خائب أناني مستهلك، يهوى كل ما هو معلب وجاهز، ونحن كآباء ساهمنا بموتهم مبكراً وأفسدناهم بدلالنا وها هي بضاعتنا ردت إلينا فلا يجب أن نلومهم، وكل اللوم علينا .
 
نطالب المدرسين بالإصلاح سواءً كانوا في المدارس الحكومية أو الخاصة، وهم في الحقيقة غير مهيئين لذلك، وهم بحاجة لإصلاح أنفسهم أولاً، وإلا فما الحاجة أن أضع إبني في مدرسة خاصة تكلفني الآلاف من الدنانير سنوياً، ثم أقوم بالإتفاق مع مدرس خصوصي، ليقوم بتدريسهم خارج أوقات الدوام وفي المنزل أيضاً، من المسؤول؟ لا أعلم، هل هي وزارة التربية والتعليم؟ ولا اعلم أيضاً هي بقي اسمها كما كان على زماننا أم تغير لإسم آخر، وهل المسؤول المعلم؟ البيت، المناهج، كلها أسئلة مشروعة ولا بد من إيجاد الإيجابة الشافية وتحميل المسؤولية للمقصر من هذه الأطراف التي تشكل الجسم التعليمي .
 
في عهد الرئيس الأمريكي، رونالد ريجان، وفي عام 1983 أطلقت صرخة عامة وطنية في جميع الولايات، منتقدة التعليم وما وصل إليه، وصل صداها إلى البيت الأبيض، ليعتبرها قضية أمن وطني، وتم تشكيل لجنة وطنية من أعلى المستويات، وملحقة بمكتب الرئيس، طُلب من هذه اللجنة أن تفحص المناهج، وما يُدرس في المدارس الحكومية والخاصة، ونتائج الطلاب، وانتاجيتهم وحتى اخلاقهم، وإيجاد أوجه الخلل والقصور في العملية التربوية، ومستوى المعلم وكفاءته وقدرته التنافسية، وراتبه مقارنة مع الوضع الإقتصادي العام، ومقدرته على مواجهة الغلاء والعيش برفاهية، ثم دراسة وضع المدارس وصلاحيتها .
 
ضمت اللجنة، خبراء في التربية، والمناهج، والسلوك، والإقتصاد، وأولياء الأمور وحتى الطلاب والمهندسون، وجابت معظم مدارس الولايات المتحدة، وكتبت تقريراً استغرق أكثر من عام، خَلِصوا بعدها إلى وضع النتائج والتوصيات، ورفعها إلى الرئيس ريجان تحت عنوان ( أمة في خطر ) ووضعت الإدارة الأمريكية وجها لوجه مع كل ما هو سلبي في العملية التعليمية، لتقوم بالأخذ بمقترحات اللجنة وتنفيذها، مما أعاد للتعليم عافيته وتماسكه وتصويب مساره .
 
كم نحن بحاجة إلى تقرير، يشبه تقرير أمة في خطر، توصي به لجنة تحمل الذمة والضمير، ولا تسعى لتطمس الحقيقة والواقع السيئ الذي تعيشه العملية التربوية في بلدي، لتتم معالجة الأخطاء والتشوهات بإرادة جماعية، وهمة عالية، فالدول التي تريد دخول السباق إلى الحضارة والرقي والتطور، لا بد عليها أولاً من الإهتمام بالتعليم وتطوير وتغيير الشباب .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد