قرع طبول الحرب وعقيدة بوش المحرجة - د. رشيد عبّاس

mainThumb

16-05-2019 01:31 PM

ايقاع الطبول بأنواعها محرجة للبشر بشكل عام, سواء كان ذلك في حالة السلم او كان ذلك في حالة الحرب, فقد استخدمت الطبول عبر العصور التاريخية الموغلة في القدم لدى شعوب الارض من اجل (الاستنفار) والتيقظ, حيث تُقرع بطون الطبول بعصا ليعلم الجميع ان هناك ارهاصات لحدث ما على وشك الوقوع, والملفت للنظر ان ايقاعات طبول السلم تختلف تماما عن ايقاعات طبول الحرب من حيث الترددات واطوال الموجات الخارجة عن جلود الابقار المشدودة على أسطوانة الطبل المحمولة على اكتاف الرجال. 
 
هذه الايام يسود الاوساط السياسية وصالوناتها في الشرق والغرب ارهاصات شد جلود طبول الحرب بين امريكيا وايران, وكأننا نسمع منادي الحرب ينادي، وطبول الحرب تُقرع، وبارجات امريكا العملاقة تتقدم نحو المنطقة، وصواريخ ايران تخرج من ثكناتها وتُسّن, والاعلام العالمي يجهز خوذ مراسلو الحرب لنقل حيثيات المعركة, وبراميل النفط تنتفخ غلاء,...الايام وربما الاسابيع القادمة ستكون حبلى بالتطورات والمستجدات, فالوضع يتّسم بالخُطورة والمجازفات الميدانية، وسيتسم بالمُفاجآت المتعلقة بشكل ومضمون الحرب المتوقع حدوثها, وسيكون هناك اطراف رابحة واطراف اخرى خاسر, وان غدا لناظره قريب, ونحن ما علينا  إلا مزيد من الانتظار. 
 
لقد اثبت واقع الحروب على مر التاريخ ان دول المنطقة المعنية بدائرة الحرب تنقسم اثناء الحرب بحكم الواقع الى دول (مع) والى دول (ضد), وفي حالة الحرب بين امريكيا وايران والتي باتت طبولها تُقرع لا قدر الله فان تقسيمة الدول, دول (مع) ودول (ضد), واضحة المعالم مع قليل من الدول الواقعة ضمن المنطقة المعنية بدائرة الحرب ستكون في حالة من الاحراج السياسي من هذه التكتلات, والاحراج السياسي قراراته حاسمة, وله تبعات وانعكاسات سياسية واقتصادية واجتماعية في قادم ايام الدولة مهما كانت هذه الدولة.  
 
 بوش الابن استخدم شعار (إما أن تكونوا معنا أو ان تكونوا ضدنا) مخاطبا دول العالم إثر اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) ضد بلاده، فمنطق (إما أن تكون معي وإلا فأنت ضدي) سيعود به هذه المرة ترامب مجددا في حربه مع ايران, ...نعم شعار (من ليس معنا فهو ضدنا) الذي ستتبناه امريكيا في حربها مع ايران سيضع بعض دول المنطقة بإحراجات لها اول وليس لها اخر, في حين ان ايران بطبيعتها الضبابية ستتعامل مع مثل هذا الشعارات بتكتيكات اكثر حنكة وسرية.  
 
العقيدة البوشية, والمنسوبة الى بوش الابن والمتمثلة في (من ليس معنا فهو ضدنا), عقيدة حاضرة في عقلية ترامب وهي مُحرجة جدا لعالمنا العربي, وقد وضعت عالمنا العربي سابقا في احراج كبير, واليوم سيتعامل عالمنا العربي مع هذه العقيدة نتيجة للصراع الدائم بين امريكيا وايران حول برامج تخصيب اليورانيوم الايراني والمقلق لإسرائيل والاتفاقات النووية الضاغطة على ايران, ...خندق بعض الدول العربية خندق يفوح منه رائحة الحيرة والاحراج, كيف لا وحروب اليوم تختلف عن حروب الامس, حروب اليوم غير مضمونة النتائج, في الوقت الذي فيه دول اوروبا تقف فيه موقفا متذبذبا من ما يدور في المنطقة من احداث مهمة.      
 
العالم العربي اليوم مكسور الجناح وهو امام قرع طبول الحرب من جهة, واحراجات عقيدة بوش (من ليس معنا فهو ضدنا) الممتدة لعقلية ترامب من جهة اخرى, والشيء المحّير والمقلق في نفس الوقت ان فرص الاختيار محدودة وقد تنفذ في وقت مبكرا. 
 
نحن العرب على كل الاحوال, نتمنى ان لا تُقرع طبول الحرب, وان لا نواجه عقيدة بوش / ترامب (من ليس معنا فهو ضدنا), فيكفينا انقسامات امتنا العربية, وضياع رؤية ورسالة شبابنا القادم.   
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد