انحراف بوصلة امريكا «كوشنر»! .. د: رشيد عبّاس

mainThumb

08-06-2019 02:12 PM

لنكن على يقين ان الارهاصات والتداعيات التي مرت وتمر بها (صفقة القرن) المزعومة قد شكّلت قناعات إقليمية ودولية راسخة عملت على انحراف بوصلة امريكا «كوشنر» ثلاث درجات وثلث الدرجة نحو الشرق, وان الانظار باتت تتجه الى الشرق لانعاش واحياء ما تبقى من انفاس القضية الفلسطينية, في الوقت الذي باتت فيه الصالونات السياسية تتحدث عن ان امريكا «كوشنر» لم تكن ناضجة بعد سياسيا لحمل ورعاية ملف القضية الفلسطينية طالما ان مبدأ فقدان الوزن بالقسط والعمل على خسر الميزان ماثلة في سياسات امريكا «كوشنر» الحالية,...لقد اعطت دهاليز صفقة القرن عند محاولات تمريرها الفاشلة بُعدا جديدا من الفهم لدى كثير من قادة وشعوب الدول في المنطقة, مؤكدة ان طفولة امريكا الخالية من البراءة والمتحيزة للإسرائيليين عاجزة عن حل القضية الفلسطينية العالقة منذُ اكثر من سبعين عاما.       
 
يمكن القول وحتى هذه اللحظة ان ميزان الربح والخسارة بالنسبة للعرب بقي يراوح في مكانه, وليس هناك اية مستجدات جديدة تذكر على الساحة العربية, لكن في المقابل يتضح ان الخاسر الاول والاخير من تلكؤآت فشل صفقة القرن هي دولة اسرائيل اذا صح التعبير, ويبدوا ان عتابا من النوع الثقيل ستبدأ سيناريوهاته قريبا بين امريكا «كوشنر» من جهة, وبين كل من الأوروبيين والاسرائيليين وبعض الجيوب العربية هنا وهناك من جهة اخرى, وقد اصبح واضحا ان مضمون العتاب بين امريكا «كوشنر» وهذه الجهات الثلاث يتمحور حول (التحفظ) الطويل على بنود صفقة القرن تجاه البعض, و(التحيز) في بنود صفقة القرن غير المعلنة حتى اللحظة لصالح البعض. 
 
 تحفظ وتحيز الامريكان على بنود صفقة القرن أديا دون ادنى شك إلى تراجع واضح في عوامل نجاح وتفهم هذه الصفقة بجميع ابعادها, الامر الذي جعل من الاردن مناورا معتدلا لتعميق هذه الفجوات لصالح القضية الفلسطينية ولصالح القدس الشريف والتمسك بشرعية اقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران من عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية,...فتحفظ وتحيز الامريكان على بنود صفقة القرن كانت وما زالت ضارة نافعة للقضية الفلسطينية وحيثياتها بشكل خاص, وللامة العربية والاسلامية بشكل عام, وادت بالمحصلة الى انحراف بوصلة امريكا «كوشنر» ثلاث درجات وثلث الدرجة نحو روسيا والصين وبريطانيا حيث امكانية التقاط هذه الانحرافات التائهة بدقة عالية.
 
التقاط انحرافات التحفظ والتحيز الـ«كوشنر»ية التائهة هنا وهناك في الفضاء, سيؤدي بالتأكيد الى تحليلها وإعادة برمجتها من جديد من قبل روسيا والصين وبريطانيا, فقد تجد مثل هذه الدول الطامحة ضالتها الاقتصادية والسياسية في منطقة الشرق الاوسط, لجعل اسرائيل في عمود التصريف الثالث من الافعال كما يقال, ذلك العمود الذي يقل استخدامه عند اصحاب اللغة,...عندها ستطلب اسرائيل ترجمة أغنية (لَيّ ثَلاث أَيّام ما جانِي خَبَّرَ) الى العبرية في برامجهم الاذاعية... ما يطلبه المستمعون, وهنا اقترح اضافة ثلث على عنوان الاغنية لتصبح (لَيّ ثَلاث أَيّام وثلث ما جانِي خَبَّرَ). 
 
يقال والشيء بالشيء يذكر, ان مدة مكوث الضيف في العادة ثلاثة أيام وثلث, إلا إذا كانت هناك علة أو سبب لبقائه, وهناك حكاية ضاربة في التاريخ تقول إن ضيفا أطال المكوث عند رجل بحجة أن السماء ماطرة, فوقف صاحب البيت بعد ثلاثة أيام من الضيافة وعلى مسمع من الضيف قال: (دفت وعفت ولا على الضيف عاقة), فأجابه الضيف: (دفت وعفت بس زلق على الناقة) أي أنه ما زال يخشى الزلق والوحل على ناقته, لذا فهو مضطر لزيادة مدة الإقامة ثلث يوم, كي تجف الأرض, فوافق على ذلك صاحب البيت, لكن على مضض.
 
بقي ان نقول: فنجان ام حنفي وما ادراكم ما ام حنفي هذه الايام يتنبأ بان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق «إيهود باراك» لديه النية الكاملة للترشح من جديد لقيادة حزب العمل الاسرائيلي المعارض من اجل الوصول الى رئاسة دولة اسرائيل,...عندها يمكن للإسرائيليين القول لحزب الليكود والذي يتزعمه بنيامين نتنياهو: (دفت وعفت ولا على الضيف عاقة).
 
الدروس والعبر المستفادة هنا, ان دفاع امريكا المستميت عن إسرائيل بــ(غوغائية) قد أضر بإسرائيل اكثر من ان ينفعها, ...والبقية عند كرسي الحلاق.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد