البرامج الرمضانية تغزو الشاشة العربية .. لارا أحمد

mainThumb

10-06-2019 08:25 PM

 ككل سنة يزورنا الضيف المبجل الذي ينتظره كل مسلمو العالم على أحر من الجمر، إنه شهر رمضان الكريم، شهر القيام والصيام ومجاهدة النفوس التي تحتاج من حين لآخر لمُذكّر لتسمو عن دناءتها وتمحو أدرانها.

شهر رمضان ليس مجرد مناسبة دينية عابرة بل هو بمثابة الشعلة التي بمجرد ظهورها تسارع أغلب   المؤسسات الإعلامية لعرض بضاعتها لتحقيق أكثر عدد ممكن من المشاهدات من خلال تقديم أعمال درامية وبرامج تتراوح بين الترفيه كبرامج المقالب أو برامج المسابقات وبرامج جادة كالبرامج الاجتماعية والبرامج الوعظية والبرامج السياسية.
 
نخص اليوم بالحديث ثلاثة أعمال إعلامية حققت نجاحاً واسعاً في كامل الرقعة العربية ونقصد تحديداً برنامج المقالب الأكثر شهرة رامز في الشلال للفنان المصري رامز جلال ومسلسل وطن ع وتر للكوميديان الفلسطيني عماد فراجين والبرنامج الحواري توأم الروح للإعلامي اللبناني المتميز نيشان.
 
برنامج وطن ع وتر والذي تعوّد الفلسطينيون في السابق على متابعته على شاشات التيلفزيون الفلسطيني بكثافة نظراً لطرافة محتواه وأسلوبه توقف فجأة دون مبرر رغم نجاحه الواسع لدى المتلقي الفلسطيني المتعطش لهذا النوع من المسلسلات الفريدة،
إذ يتميز عماد الفراجين عن غيره بقدرته العجيبة على تصوير الواقع الفلسطيني المظلم بطريقة كوميدية ساخرة، إنه وبلا منازع ملك الكوميديا السوداء في العالم العربي.
 
بعد توقف دام أكثر من ثلاث سنوات عاد البرنامج إلى الواجهة في حلة جديدة على شاشات القناة الأردنية رؤيا، عماد ظل وفياً لقلمه اللاذع الذي لا يعترف بأي خطوط حمراء وجرأته الشديدة التي لا يُثنيها تهديد ولا وعيد، إلا أنه هذه المرة تجاوز رقعته الجغرافية المحلية ليضفي على مسلسله صبغة قومية متوجهاً بسياط نقده إلى كامل العالم العربي مع المحافظة على الروح الفلسطينية.
وطن ع وتر هو بالأساس برنامج كوميدي اجتماعي يقوم على إعادة تمثيل مواقف يُعايشها المواطن العربي كل يوم إلا أن عماد لم يترك حلقاته تمضي دون أن يوجه صفعات سياسية عابرة تلميحاً وتصريحاً لمن اعتبرهم خونة ومتاجرين بقضايا شعوبهم.
 
وطن ع وتر والذي نال شرف الحصول على جائزة أفضل عمل كوميدي عربي في مونديال القاهرة للإذاعة والتلفزيون لم يسلم من النقد، إذ يرى المتابعون أن عماد سقط في فخ الاستسهال ما جعل المسلسل يعاني من التكرار الشديد بدءاً من أزياء الممثلين ومسرح الأحداث وصولاً إلى القضايا وطريقة تناولها.
 
إلى جانب التكرار يرى بعض النقاد أن المسلسل يفتقد إلى اللباقة والأدب خاصة وأنه يعرض في شهر رمضان، فإعادة رسم الواقع حرفياً بما فيه من تجاوزات وألفاظ خارجة ليس من الحرفية أو الطرافة في شيء.
 
رغم كل الانتقادات يبقى وطن ع وتر أحد أكثر البرامج الرمضانية نجاحاً وهو ما يفسر عدد المشاهدات التي يحصل عليها كل سنة.
 
برنامج المقالب رامز في الشلال يشترك مع وطن ع وتر من حيث طرافة الطرح، إلا أن رامز جلال لا يتبني ببرنامجه أي رؤيا ولا ينتقد أي ظاهرة بل يكتفي بإظهار الجانب الآدمي للمشاهير بعيد عن الهالة الإعلامية من خلال تعريضهم لمواقف أقل ما يقال عنها أنها مرعبة.
 
رغم أن رامز في الشلال يعد صيرورة لذات برامج المقالب السابقة التي قام بإعدادها رامز في السابق، إلا أنه وعلى عكس المتوقع يزداد محبو هذا البرنامج كل سنة أكثر فأكثر، ظاهرة جعلت الكثير من الباحثين العرب في علم الاجتماع يضعونها ضمن المواضيع البحثية عندهم، الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بمصر اعتبر أن رامز يبتز المشاهد العربي ويقتلع الضحكة من ضحاياه لتُحقق حلقاته النجاح الذي يرجوه رغم أن ما يقوم به هو حرفياً لعب بالنار ولا يؤسس لشيء إلا لثقافة العنف.
 
ارتباط الكوميديا بالعنف في العالم العربي يعتبر أحد المباحث التي تحتاج دراسة معمقة، فرغم أن الكوميديا العنيفة تعد أسهل أنواع الكوميديا خاصة وأنها تدغدغ المشاعر البدائية فينا إلا أنه وعلى غير المتوقع، فإن هذا النوع من الكوميديا لا زال يحقق كل سنة نجاحات أكبر من السنوات التي خلت ما يبرز أثر البرامج الرمضانية على الذوق العام.
 
بعيد عن عالم السياسية وأغواره وبعيداً عن عالم الكوميديا بأصنافها يأخذنا الإعلامي اللبناني المتميز نيشان معه في رحلة قصيرة إلى دواخل الفنانين وعلاقاتهم العائلية الخاصة ببرنامجه الأسبوعي توأم روحي.
 
توأم روحي ورغم قلة عدد حلقاته إلا أنه حقق نسبة نجاح محترمة جداً، فالجمهور العربي على ما يبدو متعطش لمعرفة الصورة الحقيقية لمشاهيره بعيداً عن الصور الإعلامية المسوقة.
 
ختاماً، تجدر الإشارة إلى أن المتتبع للساحة الإعلامية العربية خلال السنوات القليلة الماضية لا بد أن يلاحظ أن المادة الإعلامية في تطور مستمر، وأنها في انسجام تام مع الواقع العربي المتغير، فنسائم الحرية التي زارت الرقعة العربية عبر البوابة التونسية كان لها بالغ الأثر على هذا الميدان الذي كسب جرأة أكبر لتناول مواضيع كانت تعد في السابق محظورة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد