الاقتصاد الأردني و ملف النفط

mainThumb

13-06-2019 09:14 AM

تُعتبَر الطاقة، و بالذات الكهرباء والمشتقات النفطية أحد أهم مدخلات الإنتاج، و هي تمثل كلفة تشغيلية من منظور و حسابات رجل الأعمال، وهي بالتالي ستؤثر مباشرةً على التسعير المبني على التكلفة، ممّا سيؤثر على التنافسية القائمة على السعر. بكلمة أخرى، فإن قدرات التصنيع و الشحن و التصدير و التسويق سوف تعتمد أساسًا على كلفة الطاقة و قدرة الدولة على تحسين بيئة الطاقة من حيث الكلفة و التوريد و الاستقرار و الاستدامة. ولا ننس بأن أي ارتفاع في كلفة فاتورة الطاقة في منشآت الأعمال سوف ينعكس بهيئة سلسلة ارتفاعات في حلقات الكلفة الكلية اللاحقة.
 
يُعتَبر الأردن تقليديًا من ضمن قائمة الدول المستوردة للنفط و الغاز و بعض المشتقات، الأمر الذي يجعله معتمدًا على تقلبات السوق و إشكالاته. حيث تبلغ قيمة المستوردات النفطية سنويًا ما يقارب (2 مليار دينار) بحجم يراوح (70 ألف برميل يوميًا) أو (5 مليون طن سنويًا).
 
لم تكن قضية تدفق النفط و أسعاره ذات اهتمام رئيس في الأردن لفترة طويلة من الزمن؛ وذلك بفضل الكميات المجانية و الأسعار التفضيلية التي كان يحظى بها من العراق و بعض الدول الخليجية.
 
  بعد الأزمة العالمية (2007)، وبعد الارتفاع الكبير لأسعار الخام الذي قارب (145 دولارا للبرميل) لبضع سنوات، و بعد انقطاعات أنبوب الغاز المصري، وبعد اتفاقية توريد الغاز الإسرائيلي، وبعد انتكاسات شركة الكهرباء و خسائرها الفادحة، وبعد اختلاف خارطة المصالح و التحالفات التي جعلت الأردن وحيدًا تحت ضغوط اقتصادية هائلة كان يُؤمّل منها رضوخه لإملاءات دولية و إقليمية تتعلق بالقضية الفلسطينية و الحل النهائي، كل ذلك جعل ملف الطاقة متمثلًا بالنفط و الغاز أحد أخطر القضايا المحلية التي يعاني الأردن من جرّائها.
 
يدور جدل عميق (في وسائل الإعلام المحلية و بعض الصالونات السياسية و الاقتصادية) عن حقيقة تواجد مكامن نفطية في الأردن ! و هو ما تم نفيه في عدة مناسبات من طرف السلطات، ولم يكن كلا الطرفين قادرًا على إثبات قاطع لوجود أو عدم وجود المخزونات النفطية بالشكل الذي يتم تداوله. 
 
مؤخرًا، تم الإعلان عن تعاظم قدرات إنتاج الغاز من حقل الريشة لتصل (16 مليون قدم مكعب يوميًا) بشكلٍ يدعو للتفاؤل بتغطية 5% من الحاجة المحلية من الغاز البالغة (2.5 مليار متر مكعب)،  ولكن ترافق ذلك مع تثبيت مبلغ (الضريبة المقطوعة) على المشتقات بمبلغ (7.4 دينار لصفيحة البنزين العادي سعة 20 لترًا) الأمر الذي عمّق أزمة الثقة في تصريحات السلطات و زاد من حجم اللغط و الضبابية التي يتسم بها أصلًا ملف الطاقة في الأردن.
 
تبدو الأمور فيما يتعلق بملف الطاقة و كأن ثمة تخبط يقع تكتيكيًا و استراتيجيًا في آنٍ واحدٍ؛ فبالوقت الذي تُوَلّد فيه الطاقة الشمسية فائضًا عن الحاجة للكهرباء، فإن المشروع النووي يواجه  تعثرًا و جملة من التساؤلات المثيرة حول التمويل و الجدوى و الخطورة وإمكانات التنجيم للخام من جنوب المملكة. كل ذلك في ظل أجواء من التشكيك و انعدام الثقة و عدم اليقين.
 
الحياة المدنية تحتاج الماء و الطاقة لاستدامتها، في حالة الأردن هنالك مشكلة سوء إدارة لكلي الملفين؛ فلا الطاقة الشمسية حققت حالة التوازن بين العرض و الطلب للكهرباء، ولا تم توظيف فائض الكهرباء في مشروع تحلية المياه مثلًا، الترابط عميق بين ملفي الماء و الطاقة و ينبغي ترتيب إدارتهما بمنظور شمولي و بعيد الأمد يتجاوز الحسابات المالية الضيقة و المصالح الفردية.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد