بعد 3 أشهر من عُمر التغيير بالسودان .. احوال المواطنين تزداد ضنكاً

mainThumb

11-07-2019 01:31 PM

السوسنة - عبير جعفر- في الثالث عشر من شهر ديسمبر 2018م، بلغت الروح الحلقوم للسّواد الأعظم من المُواطنين بالبلاد؛ فخرج المئات بحاضرة النيل الأزرق (الدّمازين) في تظاهرات جَابَت أرجاء المَدنية، ثُمّ انتقلت إلى الشمال، حيث عطبرة، فالقضارف، وصولاً إلى العاصمة الخرطوم والتي استمرَّت فيها التظاهرات حتى أطاحت بـ(الإنقاذ) في الحادي عشر من أبريل الفائت.. ويُجمع الكثيرون أنّ أزمات القُوت والوقود والنقود، مع الغَلاء الفاحش الذي ضَرَبَ الأسواق هي التي (عَجَّلت) بحُكم عُمر البشير.. ومن هنا ينهض السُّؤال: هل أفلح المجلس العكسري الذي آلت اليه الأُمُـور في كتابة (الروشتة) الصحيحة لعلاج تلكم الأزمات؟

 
بين الأمس واليوم
مُراقبون للشأن الاقتصادي، أجمعوا في حديثهم أنه وقبل ستة أشهر من اندلاع ثورة 19 ديسمبر كَانَ الوَضع الاقتصادي قَد وَصَلَ مرحلة الأزمة تماماً بسبب غلاء المعيشة وأزمة السُّيولة، ما انعكس على تَراجُع استيراد السلع بنسبة 30 – 40% فَتَوقَّفَت عمليتا الصادر والوارد.
 
ومضوا في حديثهم بأنّ جُلَّ الأزمات التي خلفها النّظام البائد ما زالت تتسيَّد الموقف الآن، منها على سبيل المثال الفوضى العَارِمَة التي تَشهدها الأسواق في السلع كَافّة، وأيضاً انتشار كسر السلع والبيع بالشيك والكاش نتيجةً لارتفاع الأسعار بصورةٍ يوميةٍ في السلع الاستهلاكية وأزمة السيولة، وتوقَّعوا بأن تستمر الأحوال على ذلك الوضع الصعب نسبةً لعدم تَوافُق الأطراف من مجلس عسكري وقِوى سياسيّة مُتخوِّفين من أن يؤدي ذلك إلى انهيار الاقتصاد بالكامل.
 
جَـولة السُّـوق
ويقول تُجّار سلع استهلاكية ، إنه لا جديد يُذكر في الأسواق، فالغلاء لا يزال سيّد الموقف، وأضافوا: لم نَرَ جديداً من قِبَل المجلس العسكري؛ من حيث وضع سياسات اقتصادية واضحة، وليس هنالك جديد في ما يخص سياسات قبل الانتفاضة، بل إنّ هُنالك قِطَاعات تأثّرت من قرارات المجلس العسكري، ومنها الحركة التجارية وقطع الإنترنت.. وتَوَقّع بعض التُّجّار حُدُوث نُدرة وشُح في السِّلع الرئيسية المُستوردة نتيجة لتوقُّف الصادر والوارد، ومن ضمن السلع المُهدِّدة “السُّكّر والزيوت “، مُضيفين أنّ الإنتاج المحلي من الزيوت تَمّ تصدير جُزءٍ كَبيرٍ منه وكان يسد الفجوة من الوارد وحالياً الوارد مُتوقِّف، وقالو إنّ استمرار الوضع الاقتصادي كما هو عليه ربما يُشَكِّل انهياراً كبيراً وخُرُوج عَددٍ من المُستثمرين ورؤساء المال.
 
مَـاذا يقُـول التُّجَّـار؟
ويقول محمد أحمد تاجر سلع بالسوق العربي ، إنّ السِّياسات الاقتصادية التي كان ينتهجها النظام السَّابق لا تزال مَوجودة ولم يتحرّك المجلس العسكري لإحداث أيِّ تغيير اقتصادي لحل الأزمة التي خَرجَ من أجلها الشارع السُّوداني، مُوضِّحاً أنّ صرف العُملات لم يُحدد لها سعر والموجود منها محلياً مُتوفِّر بين المُواطنين والتُّجّار ويتم تداولة محلياً، حيث لا تُوجد حركة تجارية، وأضَافَ أن الدولار حالياً صَار سلعةَ، وتوقّع استمرار الوَضع الحالي نِسبة لغياب السِّياسات الاقتصاديّة الواضحة، بل ربما يتأزّم الوضع أكثر مِمّا هو عليه الآن وتنتج عن ذلك آثارٌ سَالبةٌ في نُدرة بعض أصناف السلع الرئيسية ومنها السُّكّر والزيوت وارتفاع في الأسعار، مضيفاً أنّ الحركة التجارية وقطع الإنترنت أكثر القطاعات تضرُّراً من المجلس العسكري حالياً، ونوَّه مُحمّد الى أنّ عدم الإسراع في تشكيل الحكومة ووضع السياسات الاقتصادية ربما يقود إلى انهيار اقتصادي، وإذا لم يستقر الوضع السياسي ينعكس على الاقتصاد، خاصةً وأنّ الأسواق حالياً ليست عليها رقابة ولا بُدّ من الإسراع والاهتمام والاتجاه للأسواق والظواهر التي اجتاحت الأسواق بسبب عدم توافر السُّيولة وارتفاع سعر الصرف والمُضاربات في الأسعار.
 
مُواطنون مُستاءون
ومن خلال جولتنا لمسنا حالة استياءٍ كبيرة وسط المواطنين بسبب الوضع الحالي، مُؤكِّدين أنه وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر من سقوط النظام السابق لم تلُحْ بارقة أمل، بل تدحرجت الأوضاع المعيشية إلى أسوأ مما كانت عليه.
 
ويقول المواطن محمد الهادي : في بداية الثورة استبشرنا خيراً بالمجلس العسكري بعد (إبادة) النّظام السّابق لتغيير الوضع الاقتصادي والسِّياسي بالبلاد وتشكيل حكومة كفاءات تهتم بالاقتصاد أولاً والمواطن واحتياجاته، ولكن بعد مُرور أكثر من ثلاثة أشهر من خلع النظام، ظلّ الوضع كما هو ولا جديد يُذكر من حيث وضع سياسة واضحة للاقتصاد بصفة خاصة، وأن الهَم الأكبر للمواطن الحصول على سلعه دُون مُعاناة وارتفاع في الأسعار، وأضَافَ بقوله: اذا لم يتوافق المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير فلا نتوقع أي انفراج، بل سيزداد التوجس من قبل التُّجّار والمُستثمرين والمُستوردين.
 
محمد الهادي عاد إلى الوراء حين قال إنّ سبب الرئيسي لاندلاع الثورة من الولايات ثُمّ العاصمة، كان نتيجة لارتفاع الأسعار، وسُوء الوضع المَعيشي، ومُعاناة الشرائح الضعيفة التي فشلت في الحُصُول على أبسط السلع.
 
تحليل اقتصادي
ويرى الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أنّ تأخُّر التوافق بين المجلس العسكري وقِوى الحرية والتغيير سوف يزيد تأزيم الوضع الاقتصادي بالبلاد، مُشيراً إلى أنه حتى الآن لا يوجد تغيير يُذكر في الاقتصاد، بل هنالك ارتفاعٌ في معدلات التضحم وسعر الصرف ما انعكس سلباً على ارتفاع الأسعار بالأسواق، وأشار الى أن “الوقت من ذهب” والمجلس العسكري لم يستغل الفرصة لإجراء حوارٍ جاد بين الأطراف كَافّة، مُوضِّحاً أنّ اللجنة الاقصادية بالمجلس العسكري حالياً تعمل لمُعالجة قضية “الوقود والقمح”، وَحَذّرَ من استمرار الوضع ولم يجنِ المُواطن شيئاً إلى الآن ذلك لعدم التنازل بين الأطراف، ونصح الناير اللجنة بالإسراع على التوافُق ومُعالجة الوضع الاقتصادي بأسرع وقتٍ مُمكنٍ، فالوقت لا يحتمل الانتظار.
 
مصانع مُهدَّدة
وفي السياق ذاته، حذَّر أمين عام اتّحاد الغُرف الصناعية عباس علي من أن المصانع تُواجه ذات العقبة التي تسبّب فيها النظام السابق، مُؤكِّداً حُدُوث تعديلات اقتصادية في آخر أيام النظام البائد أضرّت بالاقتصاد، ومنها سحب امتيازات تشجيع الاستثمارات في الصناعة والزراعة، وحالياً هنالك عقبة تُواجه القطاع الصناعي، ونُناشد المجلس العسكري للأسراع في وضع سياسات واضحة، مُشدِّداً على أنّ المصانع كلها مُهدّدة بتقليل الإنتاج لأنها غير قادرة على الاستمرار.
 
رئيس الغُرفة التجارية لـ(السوداني): الصادر تراجع بنسبة (50%).. أمّا الاستيراد فتدحرج بنسبة تصل إلى (80%)
 
ولكشف المزيد حول الجديد الذي طرأ فيما يلي (الحالة الاقتصادية) بعد التغيير الذي شهدته البلاد، أجرت (السوداني) حواراً مُقتضباً مع رئيس الغرفة التجارية حسن عيسى.. فمعاً إلى تفاصيل إجاباته:-
 
*كيف ترى الوضع الاقتصادي بعد الإطاحة بالنظام البائد؟
لا يُوجد جديدٌ يُذكر، فالتدهور الاقتصادي يمضي في طريقه وكأنَّ شيئاً لم يكن.
 
*حدَّثنا عن وضع الحركة التجارية الحالية بالأسواق؟
هنالك ربكة لا تُخطئها عَينٌ.. بل يُمكن القول بكل ثقة إنّ الأسواق الآن ملتزمة تماماً بالسياسات التي رسمها النظام الذي أطاحت به الجماهير التي خرجت بعد فقدانها للعيش الكريم.
 
*طيِّب هل من سياسات اقتصادية صَدرت من المجلس العسكري بعد الثورة؟
كلا، ويكن القول إنّ الشعب السوداني كَافّة في حالة انتظار لصُدور سياساتٍ اقتصاديةٍ جديدةٍ.
 
*برأيك ما الذي يشغل بال اللجنة الاقتصادية حالياً بالمجلس العسكري في ما يخُص المسائل الاقتصادية؟
المجلس العسكري ولجنته الاقتصادية حالياً ينصب كل جهدها في علاج مَشاكل الوقود والخُبز والكهرباء فقط.
 
*وماذا عن الصادر والوارد والأسواق والحركة التجارية والأسعار؟
يبدو أنّ كل الملفات التي تفضّلتي بذكرها في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة.. لكن حتى الآن أؤكِّد لكِ أنه لا جديد يُذكر، فالظواهر السالبة التي وُلدت من رحم النّظام السّابق مازالت موجودة كمثال: بيع السلع بالشيك واستمرار أزمة السيولة.
 
* برأيك، ما هو الوقت الكافي لـ(كنس) هذه الظواهر السالبة بالأسواق؟
إلى حين وضع سياسة اقتصادية واضحة تَعمل على ضبط ومُراقبة الأسواق.. وهذا لا ولن يحدث حالياً لأنَّ الدولة الآن يُديرها التُّجّار وليس الحكومة.
 
*حسناً، في حال استمرار الوضع الحالي بالأسواق وعدم تدخُّل المجلس لحل ارتفاع الأسعار.. ما هو المُتوقّع من وجهة نظرك؟
طبعاً المُتوقّع بلا شك هو حُدُوث نُدرة وشُح في أكثر من سلعة بالأسواق وارتفاع مُستمر للأسعار – ربما – يؤدي إلى قيام انتفاضة جديدة.
 
*لهذه الدرجة؟
نعم، وربما أكثر، لأنَّ توقف الصّادر والوارد وتخوف المُستثمرين نتائجه كارثية.. فالحَاصل الآن أنّ المجلس العسكري بعيدٌ جداً عن الحالة الاقتصادية رغم أنها تمثل الجانب الأهم بالنسبة للمُواطن.
 
*حديثك هذا يقودنا للسؤال عن وضع الصادر والوارد حالياً؟
الصادر تراجع بنسبة (50%)، أما الاستيراد فتدحرج هو الآخر بنسبة تصل إلى (80%) نتيجة عدم وضع سياسة واضحة.
 
*طيِّب في حَال عدم وضع سِياسة اقتصاديّة واضحة ماذا تتوقّع؟
بالتأكيد، سوف يتأزم الوضع الاقتصادي أكثر وتترتَّب عن ذلك كارثة (معيشية) ستُواجه الجميع، ولذا ينبغي على المجلس العسكري النظر للأزمة الاقتصادية بعين الاعتبار لأنّها هي التي أخرجت الشعب ضد النظام الذي خلفه المجلس العسكري.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد