متى تُشل يد الإحتلال الإسرائيلي عن الشعب الفلسطيني - مهند أبو لطيفة

mainThumb

24-07-2019 10:44 AM

بحجة مقتضيات الأمن يستمرالإحتلال الإسرائيلي، بارتكاب المجازر وجرائم الحرب والتطهير العرقي في حق الشعب الفلسطيني، وضمن سياسته التوسعية وعدوانيته، وتحديدا إفراغ القدس من سكانها الفلسطينيين، قامت جرافات هذا الإحتلال يرافقها وحدات عسكرية وخبراء متفجرات، بهدم 11 منشأة تحتوي على قرابة 200 شقة سكنية، وتم تشريد سكانها البالغ عددهم حوالي ألفين شخص، ومن المتوقع أن تقوم آليات الإحتلال بهدم 270 منشأة أخرى في المستقبل القريب.
 
على مشارف القدس، في وادي الحمص، في قرية صور باهر، يتم تشريد الفلسطينيين، الأطفال والنساء والشيوخ، ليفترشوا الأرض، ولا يجدوا لهم مأوى سوى الخيام التي ربما ستقوم بلدية بيت لحم بتقديمها لهم.
 
ها هي التغريبة الفلسطينية تتكرر كلما شعر الإحتلال  بأن المجال مفتوح أمامه لممارسة عنصريته، وجرائمه بلا رادع أو وازع أخلاقي أو إنساني، يستبيح الأرض والإنسان ، ويستمر في تنفيذ إستراتيجيته التي لم تتغير أبدا منذ نشأة الكيان: التوسع والإستيطان في فلسطين وعلى حساب شعبها.
 
تحت مظلة قانونه الخاص، وقرارات محاكمه، يعتدي على أطفال ونساء وشيوخ الشعب الفلسطيني، وهو على ثقة بأنه لن يجد من يشل يده ، قبل أن تمتد لتسفك الدم الفلسطيني البريء، ولن يجد سوى المطالبات الخجولة بالحماية الدولية، والمحكمة الدولية لجرائم الحرب. نداءات مخلصة بلا شك، ولكنها لا تريد أن تستوعب الدرس والعبرة من التاريخ، وهو أن لكل فعل يجب أن يكون هناك رد  فعل، مساويه في القوة ومعاكس له في الإتجاه، إنه الفعل المقاوم والحق المشروع في الدفاع عن النفس.
 
منذ أسابيع قليلة كانوا يروجون في قمة المنامة الإقتصادية، لصفقة أسموها " صفقة القرن "، على أساس أنها سنقدم الرفاهية الإقتصادية لشعب فلسطين، وحاولوا إقناع العالم بأن دوافعهم إنسانية وتهدف لتحقيق السلام، وها هي دولة الإحتلال تُعلن برصاصها الذي أصاب رأس الطفل عبد الرحمن شتيوي ، بدأ المرحلة الأولى من تطبيق  هذه الصفقة.
 
على من كان وعلى مدار سنوات طويلة يهاجم المقاومة وحقها المشروع في الدفاع عن النفس، والتصدي لممارسات الإحتلال الإسرائيلي (النازية)، أن يبتلع لسانه، طالما لا يملك أن يقدم لشعبه سوى بعض الخيام، التي ترتبط في ذاكرته الوطنية بالذل والتشريد واللجوء والحرمان.
 
وعليه أن يقدم الشموع لسكان الخيام الذين تشردوا من بيوتهم ، لعل أطفالهم يستطيعوا على ضوئها قراءة كراريسهم المدرسية، بدل إستهلاكها في " مظاهرات إستمرار الدعم الأوروبي "، فلم تعد مقاومة الشموع تقنع أطفال صور باهر، بأنها تستطيع أن تحمي منازلهم وأشيائهم الصغيرة من بطش جرافات الإحتلال وعرباته العسكرية المصفحة، وجنوده المدججين بالسلاح " غير العبثي".
 
لم تنجح الحركة الصهيونية ، بتحقيق حلمها الإحتلالي الإستيطاني ، وفقط بالقوة العسكرية الغاشمة، بل  بتراكم الدعم والإسناد من قبل دول ، وأيضا جالياتها المنتشرة في كل مكان.
 
 كانت هذه الجاليات في المشرق والمغرب، قواعد دعم ، إستغلت طاقاتها وإمكانياتها، بينما ومنذ إتفاقية اوسلوا المشؤومة، طاقات الشعب الفلسطيني - وخصوصا الشابة - في المنافي القريبة والبعيدة، مهدورة لا يستفيد منها أحد.، وبعضها وللأسف معبأ بخطاب الإنقسام حد العداء، ضد جناح مقاوم من أجنحة الشعب الفلسطيني.
 
من جراحه وخيامه وأحزانه ومحدودية قدراته المادية، خرج الشعب الفلسطيني ليعيش في بقاع الأرض، ويكافح من أجل  تحصيله العلمي والأكاديمي والمهني، رفض طمس هويته وشخصيته ، وأن تبتلعه المنافي، ولكن لا يستفيد الوطن - وللأسف - من  أكثر من 30 % من هذه الإمكانات.
 
أين شعارات تكامل الخارج مع الداخل، والمنفى يدعم الأرض المحتلة، وفلسطين هي البوصلة والهدف، وشعارات تحرير الأرض والإنسان ؟
 
إذا كان نصف الشعب يرزح تحت نير الإحتلال، فأين نصف الشعب الآخر؟ من يتواصل معه ويؤطره ويرفع من نشاطه ودعمه لنصفه الآخر؟.
 
 من يلم شتاته ورغبته وقدرته على العطاء، ويوحد مشروعه الوطني ، وهو المعروف ومهما أبعدته المسافات عن وطنه، بأنه يحمل في وعيه وقلبه، رائحة الأرض ببرتقالها وليمونها، ولا تفارق عيناه التي يرى بهما صورة فلسطين بقراها ومدنها ، ببحرها وبرها وسمائها ؟.
 
حتى على هذا الصعيد وبعيدا عن جرافات الإحتلال، لا توجد لا خطة ولا إستراتيجية، سوى الإحتفالات بذكرى الإنطلاقات السنوية، والوقفات الإنفعالية ، لتقدم إلى اللجان التنظيمية والمركزية تقاريرعن المواسم الإحتفالية تحت رعاية وبحضور، مع بعض الشعارات التي تؤكد على إستيعاب الرسائل التنظيمية التعبوية وحفظها ،وخصوصا شيطنة الخصم الأخ الشقيق في الدم واللحم و والنكبة والوطن، وبالطبع مع عدد من الصور ( للصف الأول ) ، قد يفوق عدد الحضور أو المشاركين، دون فعل حقيقي على الأرض، على أسس منهجية ومؤسساتية ، يكون عنوانه: نحن نشارك في العودة والتحرير.
 
ليست التغريبة الفلسطينية هي من صُنع هذا الكيان المجرم وحده، ولكن هناك أيضا من يتحمل المسؤولية عن إستمرارها فلسطينيا وعربيا.
 
منذ إنعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في عام  1897، نشطت الحركة الصهيونية من أجل تحقيق مشروعها في فلسطين، وضعت برنامج عمل  لها وسعت لتوفير كل مقومات نجاحه، تشجيع الهجرة إلى فلسطين، الحصول على إعتراف دولي بشرعية الوجود الإستيطاني، والتواصل مع التجمعات اليهودية المننتشرة في العالم ، لكسب تأييدها والإستعانة بقدراتها وإمكانياتها المادية، ومنها الجالية الموجودة في مصر على سبيل المثال لا الحصر.
 
في عام 1902 حاولت الحركة الصهيونية ، الحصول على موافقة الحكومة المصرية، التي كانت خاضعة للإحتلال الإنجليزي في ذلك الوقت ، لإقامة مشروع " الكيان السياسي " في شبه جزيرة سيناء،وبالرغم من موافقة اللورد كرومر ، فشل المشروع  بعد رفض الحكومة المصرية ، ولكن الحركة إستمرت في نشاطها ، وأسست في مدينة الإسكندرية جمعية صغيرة بإسم "بني صهيون" أعلنت تبنيها لبرنامج مؤتمر بازل 1897، وكان يرأس هذه الجمعية الدكتور (دافيد)، وضم مجلس إدارتها كل من : دافيد إيديلوفيتش، شيمون شرفيدر، براونشتاين، تراحان ، ماركو بيهارت.
 
 وبعدها بعام تأسست جمعية أخرى بإسم " زائيل زيون " وكان يرأسها ( سيمون زلوتان)، ثم إنبثق عن الجمعيتين ، جمعية واحدة، عملت عبر المحاضرات والندوات والإحتفالات والأنشطة التعبوية الأخرى ، على حشد الدعم والتـأييد لأهداف المنظمة الصهيونية، ومع إندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914، وقدوم قرابة 11277 مهاجرا جديدا، تم نشكيل " لجنة إغاثة المهاجرين الفلسطينيين الروس "، وتم تحت رعاية وحماية السلطات المصرية، تخصيص مساحات من الأراضي في القباري والبلدية والشاطئء ومبنى الحجر الصحي ، ومحطة ودار المحافظة في رأس التين ، ليقيموا فيها.
 
 قُدمت لهم الرعاية الصحية والتعليمية والتربوية، وأطلق الصحفيون في ذلك الوقت على هذه التجمعات ، إسم "معسكرات التحرير "، ونشرت  مجلة " مصر الإسرائيلية " في عددها الصادر في 31 كانون الثاني عام 1915: " يعيش في منظقة القباري نحو 1600 شخص، يتكلمون أربع عشرة لغة مختلفة، والمكان يشبه قرية مستديرة الشكل ..."
 
من مثل هذه التجمعات خرج المتطوعون للقتال في فلسطين، ومنهم تشكل الفيلق الأول فيما عُرف " بفرقة راكبي البغال "، سخروا خبرتهم العسكرية في الحرب إلى جانب الإنجليز ، لتأسيس نواة جيش الكيان، كان جنود الفيلق يلبسون قبعات عليها نجمة داود، ولفيلقهم علم عليه أيضا نجمة داوود. وبمباركة الحاخامات ورؤساء الطائفة في الإسكندرية والقاهرة وغيرها من المدن، تواصلوا مع أكبر عدد ممكن من أبناء جاليتهم، أسسوا الجمعيات والمراكز والصحف والمؤسسات والشركات وفروع للصندوق القومي ، وساهموا في أعمال المال والبنوك، واستفادوا من طاقات وخبرات الجميع، من أطباء ومهندسين ورجال أعمال وإقتصاد وحرفيين وتجار وطلبة ومثقفين، وكان شعارهم : نحو فلسطين.
 
يتكلم الشعب الفلسطيني لغة عربية واحدة،ولغة سياسية واحدة عنوانها العودة والتحرير، التصدي لبطش وعنجهية المحتل، من أجل كرامة الأرض وكرامة الإنسان، ويتكلم الطفل الشهيد عبد الرحمن شتيوي ، إبن بلدة كفر قدوم ، الذي هشم المجرومون رأسه الصغيرة بحقدهم، لغة فلسطينية عربية واضحة وسليمة، فمتى تتكلمون نفس لغة الشعب؟
 
 
 
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد